بعد حضور الوزراء لزفاف ابنته| محمد مبروك.. من ميادين الشرف ومحاربة الإرهاب إلى صفحات المناهج الدراسية
في قلب قاعة أفراح تضج بالموسيقى والزينة، خيّم صمت مهيب لا يشبه لحظات الزفاف المعتادة، وقف الجميع وصفقوا طويلًا، ليس للعروس، بل لاسمٍ سبقها إلى القاعة دون جسد، والدها محمد مبروك، لم يكن ذلك مجرد تصفيق حار، بل كان تحية جمهور لوطن بأكمله لبطله الذي لم يمت، في لحظة اختلط فيها الفرح بالفخر، والدمعة بالانتماء، تلك اللحظات التي سجلتها الكاميرات وتفاعل معها مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
يوم زفاف ابنته.. الشهيد محمد مبروك يعود حيًا في قلوب المصريين وكتب دراستهم
11 سنة مرت على اغتيال العقيد محمد مبروك، ضابط الأمن الوطني، الذي اغتالته يد الإرهاب في واحدة من أكثر لحظات مصر ظلمة لكنه لم يغب، ظل حيًا في القلوب، في المشهد، في وجدان زملائه، وفي دموع ابنته يوم فرحها، وكان من بين الحضور اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وعدد من الوزراء والفنانين، أبرزهم كريم عبد العزيز وإياد نصار، اللذان جسّدا قصة الشهيد في مسلسل الاختيار، لكن الحكاية لم تعد تُروى فقط على الشاشات أو في الندوات الوطنية، بل أصبحت تُدرّس في المدارس المصرية.

في كتاب اللغة العربية للصف الثاني الإعدادي، وتحت عنوان: من صقور الوطنية.. محمد مبروك، سيجد طلاب الإعدادية أنفسهم لأول مرة أمام قصة حقيقية من واقعهم الوطني القريب، لا عن بطل من زمن الحروب التقليدية، بل عن ضابط شرطة عاش في عصرهم، واستُشهد دفاعًا عن وطنهم، وقاتل الإرهاب بالكلمة والرصد والمعلومة.
بطولة تكتب بالحبر والدم
النص، الذي جاء في الدرس الثالث من الوحدة الأولى، كُتب بلغة عربية فصيحة، تراوحت بين السرد الأدبي والتحفيز الوطني، لتحكي مسيرة الشهيد من بداياته حتى لحظة استشهاده، مع تسليط الضوء على قيم الانتماء والتضحية والصدق في أداء الواجب.
ويستهل الدرس بكلمات توضح فلسفة الأمن الشامل، بقوله إن لوطننا مصر، منذ فجر التاريخ، درعًا يحميه وسيفًا يصونه، في إبراز التكامل بين القوات المسلحة والشرطة، وأن رجال الأمن الوطني هم حصن الوطن من الداخل.

فيما، تناول المنهج الرسمي جانبًا إنسانيًا من حياة مبروك: بره بوالديه، عطاؤه لأبنائه، واجتهاده في عمله رغم مشقته، حيث يوضح النص كيف كان محمد مبروك ضابطًا استثنائيًا يعمل لأكثر من 14 ساعة يوميًا، يتتبع التنظيمات الإرهابية ويكشف مخططاتها، ويُقدم التقارير الموثقة عنها.
ثم ينتقل إلى اللحظة الفارقة، وفي عام 2013، امتدت يد الغدر لتغتال الشهيد محمد مبروك، لتكتب دماؤه شهادة جديدة من شهادات البطولة، ولم يكتفي الدرس بتخليد ذكراه، بل حمل كل طالب رسالة واضحة: علّمنا الشهيد أن حب الوطن ليس شعارات تُقال، بل أفعال تُسجل.
مصدر من القائمون على تأليف وإعداد الكتاب، قال إن إدراج قصة الشهيد محمد مبروك في كتاب دراسي هي رسالة تربوية تتجاوز حدود التعليم، إنها محاولة لصناعة وعي جديد يرى في رجال الأمن حماة، قدوة لا مادة إعلامية، إنها دعوة لكل طالب لأن يرى في نفسه جزءًا من بناء الوطن، تمامًا كما فعل مبروك، لكن كلٌ في مجاله، مؤكدًا على أن هذه الخطوة جزءًا من توجه أوسع في دمج قصص الأبطال الحقيقيين في المناهج التعليمية، لتعزيز الانتماء الوطني وربط الأجيال الجديدة بتاريخهم الحي لا المروي فقط.





