في ذكرى رحيل محمود ياسين.. قصة فنان ترك بصمة لا يمحوها الزمان
تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان الكبير محمود ياسين، الذي يُعد واحدًا من أعمدة الفن المصري والعربي على مدار نصف قرن، والذي ترك بصمة لا تُنسى في السينما والمسرح والدراما التليفزيونية، إذ كان فنانًا من طراز خاص، لم يعتمد على وسامته فقط، بل على ثقافته وموهبته وصوته وصدقه في الأداء، حتى ترك لنا أرشيفًا كبيرًا من الأعمال الخالدة التي تُعرض حتى يومنا هذا.
محمود ياسين قصة فنان ترك بصمة لا يمحوها الزمان
وُلد محمود فؤاد محمود ياسين في مدينة بورسعيد في 2 يونيو عام 1941، ونشأ وسط أجواء بسيطة في أسرة مصرية تقليدية منذ صغره، أبدى ولعًا خاصًا باللغة العربية والمسرح المدرسي، وهو ما ساعده لاحقًا على صقل موهبته في الأداء والإلقاء رغم دراسته في كلية الحقوق بجامعة عين شمس، التي تخرج فيها عام 1964، اختار محمود ياسين أن يسلك طريقًا مختلفًا، طريق الفن، ليبدأ رحلته التي أصبحت علامة في تاريخ الإبداع العربي.
كانت بدايته الحقيقية من المسرح القومي، حيث اجتاز اختبارات القبول وسط عشرات المتقدمين، ليظهر في أول أعماله المسرحية مثل الحلم ووطني عكا وسليمان الحلبي، صوته الرخيم وحضوره المميز جعلاه مطلوبًا بشدة في المسرحيات التاريخية والدينية، كما مكّنته لغته الفصيحة من أداء أدوار صعبة ومعقدة ببراعة عالية.
مع بداية السبعينيات، انطلق محمود ياسين نحو النجومية في عالم السينما، إذ شارك في أعمال أصبحت من كلاسيكيات السينما المصرية، مثل: الرصاصة لا تزال في جيبي - والخيط الرفيع - وبدور - وأنف وثلاث عيون، وغيرها.
كوّن ثنائيات ناجحة مع عدد من نجمات جيله، أبرزهن: نجلاء فتحي - ميرفت أمين - ونبيلة عبيد، وفي الوقت نفسه، لمع نجمه على شاشة التليفزيون، وشارك في مسلسلات حققت نجاحًا واسعًا، مثل: العصيان - سوق العصر - أبو حنيفة النعمان - محمد رسول الله، وفي كل عمل، كان يترك بصمته الخاصة، سواء في الأدوار الاجتماعية أو الدينية أو السياسية.
تزوج الفنانة شهيرة، وشكل معها أسرة فنية هادئة ومستقرة، إذ أنجب منها عمرو محمود ياسين، الذي أصبح كاتبًا ومؤلفًا ناجحًا، ورانيا محمود ياسين، التي احترفت التمثيل أيضًا لطالما عبّرت زوجته شهيرة عن احترامها الكبير له كزوج وأب وفنان، وقد كانت بجانبه في سنواته الأخيرة التي ابتعد فيها عن الأضواء بسبب المرض.
وفي أواخر حياته، بدأ محمود ياسين يعاني من المرض، وحرصت رانيا محمود ياسين ابنته، على توضيح الصورة الحقيقية بشأن مرض والدها قبل وفاته، نافية ما تردد عن إصابته بمرض الزهايمر بالمعنى المتداول وقالت في تصريحات سابقة: كان بيتقال وقتها إنه مش فاكر حد، وكلام زي كده.. بابايا جاله تصلب في الشرايين زي أي حد كبير في السن، وده مرض شائع، لكن مجالوش الدرجة بتاعة الزهايمر اللي هي إنه ميكونش فاكر هو مين، أو مش فاكر الناس حواليه.
وفي صباح يوم 14 أكتوبر 2020، رحل محمود ياسين عن عالمنا عن عمر ناهز 79 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا وإنسانيًا كبيرًا وشيّعت جنازته من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، بحضور حشد كبير من النجوم والإعلاميين والمحبين، في مشهد مؤثر يليق بفنان عاش كبيرًا ورحل مكرّمًا.
