تربية يهود
"والله ما مصدق كيف انتهت الحرب قبل ما أموت".. بهذه الكلمات استقبل صالح الجعفراوي خبر إنهاء الحرب، أنا أيضا كنت أتعجب كيف تنتهي الحرب قبل أن يستشهد صالح، هذا البطل صاحب الابتسامة التي تشع نورًا، كنت أراه مشروع شهيد، يومًا بعد يوم أتابع الأخبار منه، ولكن في كل مرة كنت أشعر بأنه يومًا ما سيتحول إلى خبر.
ورغم أنني في كل مرة كنت أتخوف من ذاك الخبر.. فإنه جاء، وجاء على نحو أسوأ مما تخيلت، لم يسقط صالح برصاص الاحتلال الذي طالما واجهه، بل قُتِلَ بيدٍ عربية خبيثة، نشأت على موائد الصهاينة، وتشبعت من ثقافتهم، لم يقتله جندي إسرائيلي بل كلب دربوه على الغدر، وتركوه بين الغزاوية لينفذ جريمتهم.
كنت أرى صالح شابًا وسيمًا طموحًا، مقبلًا على الحياة أمله لا ينقطع، بريء براءة الأطفال، كل دمعة سقطت من عينيه كانت تبني داخله روحًا أكبر للمقاومة، وإصرارًا أصلب على الانتقام من المحتل، ومع كل ذلك لم يكن في الحسبان أن تكون نهايته على يد خائن عربي، ثمرة نشأة يهودية مغروسة في أرض فلسطين، إنه حقًا تربية يهود.


