بداية تاريخ لمصر يسطره السيسي
يُعد الـ13 من أكتوبر عام 2025 يومًا فارقًا في مسار السياسة المصرية الحديثة، إذ شهد انطلاقة جديدة تؤكد الدور المتجدد لمصر في محيطها الإقليمي والدولي تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ففي هذا التاريخ استقبل الرئيس السيسي نظيره الأمريكي دونالد ترامب بمدينة شرم الشيخ للمشاركة في قمة شرم الشيخ للسلام التي تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة، وإطلاق مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي وإعادة الإعمار.
اللقاء بين الرئيسين السيسي وترامب لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية بل كان رسالة واضحة بأن القاهرة استعادت عافيتها ومكانتها كفاعل أساسي في معادلات الشرق الأوسط، وأنها ما زالت قادرة على جمع الأطراف المتصارعة حول طاولة الحوار، بعد فرض وجهة نظرها على الجميع، وتحمل أحداث هذا اليوم رمزية خاصة مع منح الرئيس السيسي للرئيس الأمريكي قلادة النيل التي تقلدها كارتر من قِبل الرئيس السادات خلال القرن الماضي في إشارة لرغبة مصر في تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة على أسس من الندية والتعاون المتوازن، فالقيادة المصرية تسعى لترسيخ مبدأ “السلام من منطلق القوة” عبر الانفتاح على جميع القوى الدولية دون التفريط في ثوابتها الوطنية ومكانتها الإقليمية.
هذا التحرك يعكس فلسفة “البداية الجديدة” التي تتبناها الدولة المصرية في عهد السيسي، حيث الانتقال من سياسة إدارة الأزمات إلى صناعة المبادرات، فمصر اليوم لا تتحرك كدولة تبحث عن دور بل تتحرك كقوة تسعى لترتيب المشهد الإقليمي من موقع القيادة خاصة في ملفات الأمن والطاقة وإعادة الإعمار والتعاون الاقتصادي.
على صعيد الشرق الأوسط، تمثل مبادرة مصر لإطلاق قمة السلام في شرم الشيخ نقطة ارتكاز جديدة لسياسة خارجية أكثر نشاطًا ترتكز على دعم الحلول السلمية ورفض منطق الحرب، ومن خلال استضافة القمم الدولية واستثمار موقعها الجغرافي وتوظيف قوتها العسكرية والسياسية تسعى القاهرة إلى ترسيخ مكانتها كـ ”عاصمة القرار العربي” ومركز التوازن في المنطقة.
أخيرًا نستطيع القول إن يوم 13 أكتوبر 2025 لم يكن مجرد تاريخ في أجندة الزيارات الرسمية بل محطة لبداية مرحلة جديدة في مسار مصر المعاصر، مرحلة عنوانها السلام والتنمية والاستقرار والانطلاق وتأكيد المكانة بدون أي تنازلات سواء كانت سياسية أو مادية، فبينما تتغير موازين القوى في الشرق الأوسط تبقى القاهرة شامخة ثابتة على موقعها، تمسك بخيوط اللعبة وتؤكد أن قيادتها ماضية في رسم مستقبل تتجدد فيه مصر من الداخل وتستعيد حضورها على خريطة العالم بثقة واقتدار رغم أنف الحاقدين، وهنا يحضرني البيت الشعري الشهير لشاعر النيل حافظ إبراهيم:
وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعًا
كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي


