الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

سيطرة الإنترنت على عقول الأطفال.. بين الواقع والمخاطر

الجمعة 17/أكتوبر/2025 - 02:23 م

في زمن لم يعُد الطفل بحاجة فيه لاستعمال خياله ليغوص في عوالم أخرى، بل أصبحت الشاشة هي نافذته نحو العالم.. ذلك العالم الرقمي اللامحدود، الذي لم يطرق باب الطفولة فحسب بل اقتحمها دون استئذان، وأخذ يُشكل عقولهم ويوجه سلوكهم ويُعيد رسم ملامح طفولتهم.. وتحوّل من وسيلة إلى قوة تسيطر على العقول وتُعيد تشكيل الأجيال القادمة.

تابعنا خلال الساعات الماضية الجريمة المروّعة التي هزّت الشارع المصري في الإسماعيلية، والتي تعدّى فيها طالب على زميله بعدما استدرجه خلال خروجهما من المدرسة سويا، إلى منزله، ثم قام بالتعدي عليه وقتله، ولم يكتفِ بذلك بل قطّعه باستخدام المنشار الكهربائي إلى 6 أجزاء، ثم وضعها في أكياس وألقى بها في أماكن متفرقة كي يُخفي معالم جريمته..

أي عقل يُصدق أن طفلا يحمل في عقله وقلبه كل تلك الوحشية!

ولكن المفاجأة الصادمة كانت عندما اعترف الطفل خلال التحقيقات وقال إنه استوحى فكرة جريمته من فيلم أجنبي بعنوان "ديكستر"، والذي تدور أحداثه حول قاتل متسلسل يُقطّع ضحاياه بنفس الطريقة، وعُرض على نتفيلكس.

تكشف لنا تلك الجريمة عن الخطر الكبير الذي يُشكّله الإنترنت على عقول أطفالنا، والخطر الحقيقي الذي تسببه تلك الشاشة الصغيرة التي بين يدي أطفالك، وعن المخاطر الكبيرة التي يُخفيها هذا العالم الشاسع المُعقد.

أن تُعطي طفلك هاتفا دون رقابة أو وعي فكأنك تُعطيه وتُسهّل عليه كل ما يُدمر مستقبله وحياته.. وانطلاقا من هذا أصبح لزامًا علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أطفالنا من المخاطر الناجمة عن استخدام الإنترنت، وتفعيل دور الأسرة في ممارسة الرقابة على الأطفال لحمايتهم.

دور الأسرة في مواجهة هذا الخطر الزاحف

لا بد أن تكون هناك رقابة ذكية من ناحية الأسرة، لا تعني المنع الكامل، بل المراقبة من بعيد، للمحتوى والزمن، بأن يكون هناك وقتا محددا لاستخدام الإنترنت، فضلا عن مناقشة الطفل حول ما يشاهده وتوجيهه لفهم المحتوى بشكل نقدي.

كما يجب أن تكون أنت قدوة حسنة لأطفالك، بأن تُقلل من استخدام الهاتف والإنترنت أمامهم، فالطفل يُقلد ما يراه منك لا ما تنصحه به.. وشجّع أطفالك باستمرار على اللعب وممارسة الأنشطة بعيدا عن هذا العالم الافتراضي الواهم.

وفي النهاية، علينا دائما أن نسأل أنفسنا: من يُشكّل عقول أبنائنا؟ هل نحن أم خوارزميات أخرى لا تعرف الرحمة؟
إن السيطرة الرقمية ليست خيالا علميا، بل واقع يتسلل ببطء إلى وجدان أبنائنا، يُلوّن أفكارهم ويُشكل أحلامهم.
لكن ما زال بيدنا إعادة التوازن، أن نزرع فيهم حب الحياة الواقعية، وأن نكون الحصن الذي يحميهم من الغرق في عالم افتراضي لا يعرف الحدود.. فكل لحظة يقضيها الطفل أمام الشاشة هي فرصة ضائعة لبناء إنسان حقيقي، يشعر، يتفاعل، ويُبدع.
لنكن الحاجز الأخير أمام سيطرة الإنترنت على أبنائنا، فالمستقبل لا يُكتب بالكود، بل بالتربية، بالحب، وبالوعي.

تابع مواقعنا