سلام على حافة المقبرة.. هل تعيد جثامين الأسرى الإسرائيليين الحرب إلى غزة مجددًا؟| تحليل
فرحة كبيرة سادت أرجاء قطاع غزة خاصة والعالمين العربي والإسلامي عامة عشية التاسع من أكتوبر بعدما خرجت أولى أنباء اتفاق وقف الحرب الدامية التي استمرت عامين وأودت وأصابت نحو 250 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، إلا أنه بمرور أيام قليلة من بدء تنفيذ الاتفاق وتبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي طفت على سطح القطاع واحدة من الأزمات التي يخشى الكثيرين أن تتسبب في عودة الحرب مجددًا خاصة من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي دأب في التشبث بالحرب وإراقة دماء الفلسطينيين لأسباب تخص القيادة السياسية الإسرائيلية فقط خاصة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال وهي مصير جثامين الأسرى الإسرائيليين في القطاع؛ الأمر الذي أدى إلى طرح تساؤل مفاده هل تتسبب جثامين الأسرى الإسرائيليين في عودة طغمة الحرب مجددًا إلى القطاع المنكوب رغم كافة الضمانات الأمريكية المتثملة في شخص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بصفته وشخصه.
لا حرب ولا سلم في غزة
وفي ذلك يشير حسن عصفور وزير المفاوضات الفلسطيني الأسبق، إلى عودة الاقتتال مجددًا في القطاع بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس ولكن ليس بشراسة الحرب التي توقفت وفقًا لاتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويضيف عصفور في تصريحات لـ القاهرة 24، أن الحرب في قطاع غزة لن تعود كالحرب السابقة ولكن سيتم تعطيل تنفيذ اتفاق وقف الحرب واستمرار القصف الانتقائي من قبل الاحتلال الإسرائيلي في القطاع وصولا إلى مرحلة لا إعمار في القطاع وبقاء سكان غزة مشردين، حتى تتمكن الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو من ترتيب المشهد السياسي في القطاع والداخل الإسرائيلي وفقًا لما يخدم مصالحه.
وهو ما أيده السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحات لـ القاهرة 24، مشيرًا إلى توقعه عدم قدرة اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة على الصمود كثيرًا.
نتنياهو وصناعة السلاح لأجل غزة
وفسر بيومي توقعاته بعدة أسباب أبرزها مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي للهرب من السجن من قبل القضاء الغسرائيلية على خلفية محاكامته بالفساد، إلى جانب كونه مطلوب للعدالة الدولية حيث أن وقف الحرب سيعقبه دخوله السجن.
وكذلك من أبرز أسباب عدم صمود وقف الحرب صفقات السلاح التي تمت بقيمة 7 تريليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية ما يمثل عقبة أمام صانع القرار الأمريكي كي يغض الطرف عن مواصلة الحرب، مفسرًا ذلك بحيدث ترامب الأخير عن إمكانية استئناف الحرب بإيمائة منه ضد حركة حماس في قطاع غزة، إلى جانب عدم استعداد حماس ذاتها إلى التخلي عن هدف إقامة إمارة إسلامية إخوانية في قطاع غزة، وهو أحد أهم شروط المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب بالقطاع والمرتقب التفاوض بشأنها في الوقت الراهن.
انهيار الهدنة صعب
وهو ما يعارضه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس سمير شتات، مرجحًا صعوبة انهيار الاتفاق والعودة إلى الحرب في الوقت كون الإدارة الأمريكية تضع كامل ثقلها لإنجاز الاتفاق خاصة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن عن نفسه رئيسا لمجلس السلام المشرف على اتفاق غزة.

ومن قطاع غزة، أضاف شتات لـ القاهرة 24، أن أسباب عدم انهيار اتفاق وقف الحرب في القوت الحالي تتمثل أيضًا في وجود مرجعية متفق عليها حين يختلف الطرفان حول قضية ما، وأن إسرائيل والأطراف المشاركة تتفهم ما تقوله حماس حول استخراج الجثث وأماكنها، وأن حماس محقة في مبرراتها لأن معالم كثير من المناطق في غزة قد اختفت تماما، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرئايلي في الوقت الراهن أدار ظهره لغزة وهو يفكر بشيء آخر مختلف يتمثل في إجراء انتخابات مبكرة مطلع عام 2026 المقبل.
بينما يرى أن عودة الحرب يمكن حدوثها ولكن نتيجة رفض حماس تسليم مقاليد الأمور في غزة إلى الإدارة الجديدة ورفض تسليم سلاحها.
جثامين الأسرى تعيد الحرب لغزة
ومن قطاع غزة أيضًا تقول الدكتورة إلهام شمالي الباحثة والمتخصصة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أن الحرب قد تعود لأن المرحلة الأصعب في اتفاق وقف الحرب تتمثل في المرحلة الثانية المتعلقة بشأن إعادة انسحاب إسرائيل وتسليم سلاح حماس وفتح معابر القطاع وحكم غزة، وجميعها أمور شائكة.
وتضيف شمالي لـ القاهرة 24، أن مغادرة قيادات حماس للقطاع يبدو صعب خاصة مع بروز عمل لحكومة حماس مؤخرًا بمساعيها لإعادة السيطرة على مقاليد الحكم في غزة، وهو ما قد يتسبب في عودة الحرب مجددًا بذريعة القضاء على حركة حماس، ولكنها لن تكون حربا كما سبق.

وعن جثامين الأسرى تشير إلى أن مجمل القضايا السابقة لم يتم مناقشتها لبقاء نحو 18 جثة للأسرى تحت الأنقاض داخل القطاع، وهي ما تتلكأ له إسرائيل حاليًا، إذ ستعمل إسرائيل على تعطيل الإعمار بوجود حماس أو في ظل عدم تسليم سلاحها، وبقاء جثامين الأسرى أيضًا.
وأردفت أن ملف جثامين الأسرى في غزة يمثل أحد القضايا يمكن أن تفجر الأوضاع في ظل هول الركام والقصف والتدمير الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي خلال الشهر الأخير فقط بالقطاع، وأنه إذا كانت حركة حماس توجهت للاتفاق وهي لا تعلم أماكن دفن الأسرى الإسرائيلين فتلك معضلة تهدد بأمن القطاع مجددًا.
الجثامين تحت الركام
وهو ما يتماشى مع التقارير الدولية المشيرة إلى أن الدمار الهائل الناتج عن الحرب الأخيرة، إلى جانب شح الإمكانيات ومنع إدخال المعدات الثقيلة، يعوق جهود انتشال الجثامين من تحت الأنقاض، وفي المقابل، تصر الحكومة الإسرائيلية على استعادة جميع رفات الأسرى قبل المضي في المرحلة الثانية من الاتفاق، مهددة بالعودة إلى العمليات العسكرية إذا لم تُنفذ هذه المطالب.
ما يفتح الباب أمام احتمالات خطيرة، أبرزها انهيار الاتفاق وعودة الحرب مجددًا، خاصة في ظل التصريحات المتشددة من الجانب الإسرائيلي، والضغوط المتزايدة على حركة حماس التي تؤكد التزامها بالاتفاق لكنها تواجه تحديات ميدانية جسيمة.
ونصت خطة وقف إطلاق النار التي قدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تسليم جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات بحلول موعد نهائي انتهى الاثنين الماضي، لكن أشار الاتفاق إيضًا إلى أنه في حال عدم حدوث ذلك، يتعين على حماس مشاركة معلومات حول الرهائن المتوفين والسعي لتسليمهم في أقرب وقت ممكن.




