الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

صندوق تطوير صعيد مصر

الثلاثاء 21/أكتوبر/2025 - 09:52 ص

قبل أيام، ذهبت إلى صعيد مصر في رحلة قصيرة لزيارة أقارب لي بمحافظة الأقصر، وكانت تلك الزيارة الأولى منذ 25 عامًا، حيث كانت آخر زياراتي لهذه البلاد العزيزة.


كانت تلك الزيارة فرصة كبيرة لأرى أحوال هذا الجزء الهام  من أرض مصر المحروسة، ولأتأمل ماذا فعلت الأيام والمتغيرات بأهل الصعيد، في ظل التطور الهائل الذي ترك أثره على مجتمعاتنا، وبكل أسف بشكلٍ سلبي على مستوى الأخلاق والقيم والثوابت التي يجاهد من يتمسك بها اليوم ويسعى إلا إحيائها من جديد.


والحقيقة أني وجدت، من هذا الجانب، أن أهل الصعيد ما زالوا في المجمل يتمسكون بقيمهم الرفيعة وأخلاقهم الكريمة المعروفة عنهم، وذلك كان أكثر ما رأيته إيجابيًا خلال هذه الزيارة، بل والأهم.


لكن من ناحية أخرى، وجدت أن هذه البلاد الجميلة، الغنية بطبيعتها وتاريخها، تعاني إهمالًا كبيرًا من ناحية الخدمات، ويبدو ذلك بوضوح في شوارعها التي تبدو منهكة ومتعبة بشدة.

وبالطبع، فإن هذا ليس وليد اللحظة، بل هو تراكم إهمال عشرات السنين لصعيد مصر الذي تحوّل إلى بيئة طاردة لأهله، مما جعلهم ينتشرون في ربوع البلاد بحثًا عن لقمة العيش، كونهم أصحاب طاقة وطموح، ويبدو ذلك جليًا فيما يحققونه من نجاحات أينما حلّوا، فهم أهل صبرٍ وجلدٍ وهمّةٍ عالية.

جعلني ذلك أفكر في كيفية تطوير صعيد مصر، وبالطبع لا يمكن أن أتخذ الطريق التقليدي وأطالب الدولة وحدها بتحمل هذا العبء، وإلا سأكون شخصًا غير منطقي في تفكيري، وإن كان ذلك واجبها الوطني، لكنها لا تمتلك القدرة الكاملة لأسباب كثيرة لن أخوض فيها.
وهنا خطر ببالي أن الحل قد يبدأ من الداخل، من أبناء الصعيد أنفسهم، عبر إنشاء صندوق يُسمّى "صندوق تطوير صعيد مصر"، يكون مستقلًا لا علاقة مباشرة له بالدولة، وإنما تكون إدارته وتمويله من أبناء الصعيد أنفسهم.

إن أبناء الصعيد الذين غادروه وتمكّن أغلبهم من النجاح وامتلاك ثروات ليست بالقليلة، يشكلون اليوم جزءًا أساسيًا من عجلة الاقتصاد الوطني، إذ تعتمد نسبة كبيرة من رأس المال المحلي في مصر على ما يملكونه من مشروعات كبيرة ومتوسطة.


ولو أن هؤلاء جميعا تبرعوا لهذا الصندوق بنظامٍ محددٍ ومستمر، ومعهم كل شخص من أبناء الصعيد مهما كان دخله أو حجم تبرعه، سواء من يعيشون في الداخل أو في الخارج، فسوف تتوفر مليارات الجنيهات يمكن أن تكون بداية حقيقية لوضع خطة شاملة لتطوير جميع محافظات الصعيد، من بني سويف إلى أسوان.

إنها فكرة جالت بخاطري، أعلم أن تنفيذها ليس بالأمر السهل، لكنه أيضًا ليس بالمستحيل.
وأتمنى أن تصل إلى أبناء الصعيد، لعلها تجد من يتبناها ويعمل على تحويلها إلى واقعٍ نراه بأعيننا، فنرى صعيد مصر بيئةً جاذبةً لأبنائها، فهي أرض خيرٍ وبركةٍ وجمال، يمر منها النيل العظيم ليروي مصر كلها، وتلك إشارة رمزية إلى أن هذه الأرض قادرة أن تغمر البلاد بخيراتها، لو أُحسن استثمارها ولم تُهمل.

فهل نجد من أبنائها الذين ترعرعوا فيها لمحة وفاء تحييها من جديد، وتمحو من وجهها آثار الإهمال والشيخوخة؟.. لعلها دعوة يلتقطها من في قلبه انتماء أو بيده القرار.

تابع مواقعنا