مدير معابد الكرنك السابق: الملك توت عنخ آمون كان يعاني أمراضًا بالعظام.. والمصريون القدماء سبقوا العالم في الأطراف الصناعية
قال الدكتور الطيب غريب، مدير معابد الكرنك السابق، إن الحديث عن أمراض العظام في مصر القديمة يعيدنا إلى حالة الملك الذهبي توت عنخ آمون، الذي لا يزال محورًا للأبحاث والدراسات حتى اليوم، بسبب حياته القصيرة وموته الغامض في سن التاسعة عشرة، وذلك بالتزامن مع احتفاء العالم باليوم العالمي لهشاشة العظام.
بالتزامن مع اليوم العالمي لهشاشة العظام
وأوضح غريب في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن الفحوصات الحديثة، ومنها تحاليل الحمض النووي DNA والأشعة المقطعية، أكدت أن الملك الشاب كان يعاني من أمراض مزمنة في العظام، بينها مرض كوهلر الذي يؤدي إلى ضعف تدفق الدم في أنسجة العظام، بالإضافة إلى إصابته بالملاريا الحادة، وهو ما تسبب في تدهور حالته الصحية تدريجيًا حتى وفاته.


أدلة على إعاقة في القدم
وأشار مدير معابد الكرنك السابق إلى أن نتائج الدراسات أثبتت وجود كسر في الساق اليمنى للملك الشاب، فضلًا عن إعاقة في القدم اليسرى يُرجح أنها كانت من نوع القدم الحنفاء، مما جعله غير قادر على الحركة بسهولة، وهو ما يفسر العثور على أكثر من 130 عصا خشبية ضمن مقتنيات مقبرته، إلى جانب مقاعد ومساند للقدم، وصنادل مصممة خصيصًا لحالته الصحية.

وقال الدكتور غريب، إن هذه المكتشفات تؤكد أن الملك توت عنخ آمون كان يعاني مشكلات واضحة في الحركة، وأن المصريين القدماء اهتموا بتجهيز أدوات تساعده على المشي، وهو ما يكشف عن وعي طبي متقدم في التعامل مع الإعاقات الجسدية.

أمراض العظام بين مومياوات المصريين القدماء
وأضاف الأثري الكبير أن دراسات علمية حديثة أجريت على نحو 45 مومياء مصرية أظهرت أن أمراض العظام كانت منتشرة بين كبار السن في مصر القديمة، مثل هشاشة العظام والروماتويد، مشيرًا إلى أن الملك رمسيس الثاني، الذي توفي عن عمر تجاوز 90 عامًا، أظهر علامات واضحة للإصابة بهشاشة العظام.

براعة الأطباء المصريين القدماء
وأكد غريب أن المصريين القدماء كانوا روادًا في طب وجراحة العظام، حيث استخدموا الجبائر المصنوعة من الخشب والكتان والجريد لتثبيت الكسور، كما ورد في بردية إدوين سميث، التي تضمنت وصفًا دقيقًا لحالات الكسور والخلع وإصابات العمود الفقري.

وأشار إلى أن بردية إيبِرس وهيرست كشفتا كذلك عن وصفات طبية لعلاج الكسور والالتواءات، ما يعكس دقة الأطباء المصريين وقدرتهم على التشخيص والعلاج بأساليب تقترب من الطب الحديث.

الأطراف الصناعية.. سبق مصري فريد
وكشف مدير معابد الكرنك السابق لـ القاهرة 24، أن مصر تمتلك أقدم نموذج لطرف صناعي في التاريخ، حيث تم العثور عام 2000 على إصبع قدم صناعي بمقابر شيخ عبد القرنة غرب الأقصر، مصنوع من الخشب والجلد، يعود لابنة أحد الكهنة.
وأوضح أن الفحص أثبت أن الإصبع صُنع بطريقة دقيقة ليتناسب مع القدم، ويساعد صاحبته على المشي، وهو ما يعد دليلًا دامغًا على أن المصريين القدماء سبقوا العالم في صناعة الأطراف الصناعية، مؤكدًا أن هذا الاكتشاف ما زال يدهش العلماء حتى اليوم.

رسالة تاريخية للعلم الحديث
واختتم الدكتور الطيب غريب تصريحاته لـ القاهرة 24 قائلًا: كل هذه الأدلة تؤكد أن المصريين القدماء لم يكونوا فقط بناة حضارة عظيمة، بل أيضًا مبتكرين في الطب والعلاج الطبيعي وجراحة العظام، وهي رسالة علمية وتاريخية تُظهر ريادة مصر منذ آلاف السنين في علوم الطب الإنساني.


