ابنوا الأطفال.. تبنوا الأوطان
إذا أردت أن تبني أمة عظيمة فعليك أن تبني طفلًا عظيمًا، فالأمم لا تُقام على الحجر بل على البشر، ولا تنهض بالعمارات والمصانع بقدر ما تنهض بالعقول والقلوب التي تُزرع فيها القيم منذ الصغر.
الطفل هو البذرة الأولى في أرض الوطن، إن أحسنا زرعها أينعت حضارةً، وإن أهملناها ذبلت معها الأمة بأكملها، إن بناء الطفل هو البداية الحقيقية لبناء المستقبل، فطفل اليوم هو قائد الغد، وما نغرسه فيه من فكر وسلوك سيُثمر في مصير وطن بأكمله.
إن التربية ليست تعليمًا فحسب، بل هي صناعة إنسان، وبناء ضمير، وتشكيل وعي، فالطفل الذي يُربّى على الصدق والإيمان والعمل وحب الوطن، سيكبر وفي قلبه ولاء لا يتزعزع، وفي عقله وعي لا يُخدع، وفي يده طاقة لا تعرف الكسل.
الأم هي البداية، هي المدرسة الأولى التي تُخرّج الأبطال قبل أن يذهبوا إلى المدارس، من بين يديها يخرج العالم والمفكر والطبيب والجندي والمعلم.
وحين تزرع الأم في طفلها الرحمة والكرامة والانتماء، فهي تبني جيلًا يصون الأرض والعِرض ويقدّس العمل.
والمعلم بدوره هو الجسر الذي يربط بين الحلم والحقيقة، يغرس في طلابه حب المعرفة، ويمنحهم الأمل والإرادة، لأنه يعرف أن كل عقل يضيء هو خطوة نحو وطن أكثر إشراقًا.
إن بناء الطفل مسؤولية مجتمع بأكمله، مسؤولية دولة تؤمن أن التنمية لا تبدأ من المصانع، بل من العقول الصغيرة التي تتعلم وتحلم وتبتكر، فحين تهتم الدولة بالطفولة، فهي في الحقيقة تؤسس لقوةٍ لا تُقهر في المستقبل، لأن الطفل الواعي هو الذي يصنع التغيير.
علينا أن نمنح أطفالنا تعليمًا يفتح مداركهم لا يقيدها، ومناهج تزرع فيهم الإبداع لا التلقين، وأن نغرس فيهم أن الوطن ليس كلمة تُقال، بل فعل يُمارس.
التاريخ لا يخلد الأمم التي بنت جدرانًا شاهقة، بل يخلد الأمم التي بنت إنسانًا عظيمًا، وإن أعظم ما يمكن أن نقدمه لمصر هو طفل نقي القلب، قوي الإرادة، مؤمن بربه ووطنه، لا يعرف اليأس ولا يقبل الفساد.
فلنرفع جميعًا شعار: ابنوا الأطفال.. تبنوا الأوطان، لأن المستقبل لا يُصنع في القصور، بل في العقول الصغيرة التي تحلم وتؤمن وتحبْ.


