السبت 06 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

فاروق حسني حارس الحضارة والثقافة

تامر عبد المنعم
سياسة
تامر عبد المنعم
الأربعاء 29/أكتوبر/2025 - 11:53 ص

يُعدّ الفنان والوزير الأسبق فاروق حسني أحد أبرز الشخصيات الثقافية في مصر الحديثة، إذ ترك بصمة واضحة خلال توليه وزارة الثقافة من عام 1987 حتى 2011؛ ومن بين أهم إنجازاته مشروع المتحف المصري الكبير الذي يُعدّ أكبر مشروع ثقافي ومتحفي في تاريخ مصر الحديث والذي يرى النور بعد 15 عاما من مغادرة حسني لمنصبه كوزير للثقافة !! في اكبر دليل علي ان الرؤي تفوق في أهميتها المناصب.

وُلد فاروق حسني في الإسكندرية، 7 يناير عام 1938، وتخرّج من كلية الفنون الجميلة عام 1964 ثم عمل في عدد من المناصب الثقافية والدبلوماسية أبرزها مدير الأكاديمية المصرية في روما قبل أن يتولى وزارة الثقافة؛ ومنذ بداياته الوزارية تبنّى رؤية تقوم على النهوض بالبنية الثقافية والمتحفية في مصر وجعل من المتاحف محورا رئيسيا للحفاظ على الهوية المصرية وإبرازها للعالم.

وانبثقت فكرة المتحف المصري الكبير في تسعينيات القرن الماضي كجزء من هذه الرؤية؛ وقد سعى حسني إلى إنشاء متحف عالمي حديث يضم كنوز الحضارة المصرية القديمة في موقع مميز قرب أهرامات الجيزة ليكون واجهة حضارية جديدة لمصر وفي عام 2002 وُضع حجر الأساس للمتحف بحضور الرئيس الأسبق حسني مبارك إيذانًا ببدء تنفيذ المشروع الذي استهدف نقل مقتنيات المتحف المصري بالتحرير إلى مبنى أكثر تطورًا واتساعًا وضمَّن وقتها التمويل لمشروعه مؤكدًا ان المشروعات العملاقة تجد دائما مَن يهتم بفكرة تمويلها وهو ما حدث بالفعل.

وعمل على تأمين الدعم الحكومي والدولي للمشروع وتبنى تصورا معماريا يدمج بين الحداثة وروح الحضارة المصرية بعدما تقدم اكثر من 1500 بيت معماري للحصول على تنفيذ المشروع.

واهتم اهتماما كبيرا بتكوين منطقة ثقافية متكاملة حول المتحف المصري الكبير تضم مراكز بحثية وقاعات عرض وخدمات سياحية بما يحول المكان إلى مدينة ثقافية وسياحية عالمية في حضن أهرامات الجيزة الشامخة الشاهدة على الزمان.

ورغم التحديات الكبيرة التي واجهت المشروع، مثل ارتفاع التكلفة وتأخر التنفيذ بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية التي مرت على مصر منذ 2011 فقد ظل المتحف المصري الكبير يُعتبر أحد أبرز إنجازات فترة حسني الوزارية؛ إذ تمكن من وضع الأساس الإداري والمعماري والفكري للمشروع وأطلق أولى مراحل التنفيذ والتجهيز مما مهد الطريق لاستكماله في السنوات التالية.

هذا المشروع يمثل رؤية حسني لبناء مصر الثقافية الحديثة، التي تربط الماضي بالحاضر وتضع التراث المصري في مكانه اللائق على الخريطة العالمية، فرغم مغادرته المنصب عام 2011 بقيت بصمته واضحة في كل ركن من أركان المتحف الذي صار رمزًا لاستمرارية الهوية المصرية وقدرتها على التجدد.

إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى بل هو مشروع وطني يعكس طموح مصر الثقافي ويجسد فكر الفنان فاروق حسني الذي آمن بأن الثقافة هي أساس التنمية، وأن الحفاظ على التراث هو الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا علي شتي المستويات من خلال التصنيع والاستثمار في ثقافتنا وهويتنا وحضارتنا المصرية، ومن هنا كان التحدي الكبير للقيادة المصرية من أجل الانتهاء من المشروع وضمه ضمن أولويات المشاريع العملاقة التي عزمت الدولة المصرية الحديثة على تشييدها منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسؤولية في 2014 للوصول إلى حلم مصر 2030.

وكل تحية للقيادة السياسية الواعية التي أدركت أهمية هذا المشروع وعزمت على استكماله؛ وكل التحية للفنان فاروق حسني حارس الحضارة والثقافة في عصرنا الحديث.

تابع مواقعنا