ناجية من مجزرة الفاشر: الدعم السريع أعدموا الرجال ميدانيا أمام النساء.. وأطعمت حفيدي علفا متعفنا
وصفت إحدى الناجيات من مجزرة الفاشر بالسودان، مشاهد القتل الجماعي بعد سقوط مدينة الفاشر في إقليم دارفور بيد قوات الدعم السريع، في وقت تتزايد فيه المخاوف من وقوع هجمات ذات طابع عِرقي، وفقًا لتقارير ومصادر إنسانية.
مأساة الفاشر بالسودان
وقالت امرأة تُدعى إكرام عبد الحميد، تمكنت من الفرار مع أطفالها الثلاثة وحفيدها، إن مقاتلي الدعم السريع أطلقوا النار على الرجال الذين حاولوا الهرب من المدينة عقب سيطرتهم عليها.
وحصلت وكالة رويترز على تسجيل صوتي لشهادتها بعد وصولها إلى بلدة تسيطر عليها قوات محايدة، وهي من الشهادات النادرة حول ما جرى داخل المدينة المعزولة عن الاتصالات.
وذكرت وكالة رويترز أن سقوط الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمر 18 شهرًا، يعزز قبضة ميليشيا الدعم السريع على الإقليم، الذي سبق أن وُجّهت إليها فيه اتهامات بارتكاب أعمال قتل على أساس عِرقي، كما يُرسّخ هذا السقوط واقع الانقسام الفعلي في البلاد بين سلطتين متوازيتين، وسط توقعات بأن تسعى قوات الدعم السريع إلى توسيع نطاق سيطرتها.
وفي شهادتها، قالت عبد الحميد إنها كانت تركض مع أسرتها بينما كانت القذائف تُطلق أمامهم وخلفهم، مؤكدة أنها فقدت زوجها في الفوضى، وأُوقفوا عند حاجز ترابي أقامته قوات الدعم السريع حول المدينة، حيث فُصل الرجال عن النساء، وأوضحت أن المقاتلين اصطفوا الرجال وطلبوا من الجنود تسليم أنفسهم، لكن عندما لم يرفع أحد يده، اختار المسلحون بعضهم وأعدموهم ميدانيًا رميًا بالرصاص أمام النساء.
وذكرت أن النساء سُمح لهن بالمغادرة بعد أن سمعن أصوات ضرب وإطلاق نار من الجهة الأخرى للحاجز، مشيرة إلى أن الرجال لم يُشاهدوا بعد ذلك.
وأشارت إلى أن حفيدها الرضيع، الذي فقد والديه خلال الحصار، أصيب بسوء تغذية حاد بعد أن اضطرت لإطعامه علفًا متعفنًا للحيوانات، وقالت إنها لم تتمكن من توفير الحليب له سوى مرة واحدة منذ وفاة أمه، وكانت تعطيه محاليل الجفاف حتى وصلت إلى بلدة طويلة، وأظهرت صور حصلت عليها رويترز الطفل وهو يتلقى علاجًا عبر الوريد.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرها مختبر الأبحاث الإنسانية، بجامعة ييل، مجموعات من الأجسام البشرية قرب الحواجز التي أنشأتها قوات الدعم السريع، مع بقع حمراء يُعتقد أنها دماء، ما يدعم روايات الشهود ومقاطع الفيديو غير الموثقة التي تظهر عمليات إعدام ميدانية.
وقالت الأمم المتحدة، إنها مروّعة من التقارير الموثوقة حول انتهاكات واسعة النطاق، من بينها الإعدامات العاجلة، والهجمات على المدنيين أثناء فرارهم، والمداهمات المنزلية، ومنع السكان من الوصول إلى مناطق آمنة.
من جانبها، أفادت منظمة أطباء بلا حدود أن 75% من الأطفال الوافدين إلى طويلة من الفاشر يعانون من سوء تغذية حاد، و26% منهم في حالة حرجة، وتستضيف البلدة نحو 800 ألف نازح من الفاشر ومخيم زمزم القريب.
ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، فرّ أكثر من 26 ألف شخص من الفاشر خلال يومي الأحد والاثنين الماضيين، بينما بقي ما يقرب من 250 ألف شخص داخل المدينة في نهاية الحصار.
وبهذا، تترسخ مأساة جديدة في دارفور، حيث تتكرر صور المذابح والنزوح والمجاعة، وسط عجز المجتمع الدولي عن وقف الانتهاكات التي تتواصل في ظل حرب مدمّرة قسمت السودان إلى مناطق نفوذ متصارعة.





