من الأهرامات إلى نتفليكس.. حانت الآن روايتنا
في اللحظة التي يستعد فيها العالم لمتابعة افتتاح المتحف المصري الكبير، أضخم متحف أثري في التاريخ الإنساني، تعود مصر من جديد إلى مكانها الطبيعي على خريطة الحضارة، حيث يبدأ الزمان وحيث لا ينتهي.
هنا القاهرة حيث ضفاف النيل الذي علّم الدنيا معنى الخلود حيث تتجه أنظار الكوكب إلى أرضٍ لم تعرف الغياب عن الذاكرة.. أرضٌ كتب ملوكها على جدرانها قصة الإنسان الأول.. قصة مصر.
السبت المقبل يوم من أيام مصر العظيمة، وفي قلب الجيزة وبين حُراسها الأهرامات الثلاث ينهض المتحف المصري الكبير، الأنظار كلها تتجه إلى هنا، العالم بإعلامه وأعلامه، هنا حيث تُعرض كنوز الملوك والملكات في مشهد يليق بعظمة التاريخ الإنساني الأول.
لكن وسط كل هذا الفخر والأضواء يقف سؤال كبير ومُلح: لماذا لا تصنع مصر بنفسها أعمالًا فنية عالمية تليق بعظمتها؟!
رشح لي صديقي محمد مشاهدة فيلم أجنبي بعنوان RED NOTICE من بطولة دواين جونسون ذا روك، وجال جادوت، وياسمين حبيب، يخطفك المشهد الأخير إلى قلب الأهرامات والآثار المصرية في لقطة مذهلة تُظهر عبقرية المكان وسحر الحضارة التي لا تشيخ.
المشهد وحده جعل ملايين المشاهدين حول العالم ينبهرون بمصر، ويتمنون زيارتها.
فتحي سليمان يتكب: من الأهرامات إلى نتفليكس.. حانت الآن روايتنا
عرفت بعد ذلك أن فيلم RED NOTICE تصدر قوائم المشاهدة في منصة نتفليكس، المنصة الأولى عالميًا، وشاهده عشرات الملايين في كل قارات الدنيا - وكل هؤلاء عرفوا تاريخ مصر من خلال عمل أجنبي واحد.
ويبقى السؤال:
أليس الأولى أن يعرفوه من خلالنا نحن.. وعلى طريقتنا وبروايتنا ؟!!!
لماذا نترك الآخر هو من يحكي قصتنا؟!!
لماذا لا يكتب علماء المصريات والآثاريون المصريون أنفسهم الروايات والسيناريوهات المستوحاة من تاريخنا؟
لدينا قصص ملوك عظماء، نساء حكمن العالم، معارك خلدها الحجر، وأسرار لم تُكشف بعد — كل هذا يصلح لأعظم الأفلام في تاريخ السينما.
بينما تُنفق ملايين الجنيهات على أفلام سطحية عن الخيانة والبلطجة، تتآكل القيم وينهار الذوق العام.
وفي المقابل، تمتلك مصر خامة درامية لا تُقدر بثمن — كل حجر فيها يحكي حكاية، وكل تمثال ينطق مجدًا.
تخيل فقط لو أن عملًا مصريًا واحدًا أُنتج بجودة عالمية عن توت عنخ آمون، أو نفرتيتي، أو معركة قادش، كم كان سيُعيد رسم صورة مصر في أذهان الأجيال الجديدة حول العالم.
مصر اليوم أمام فرصة تاريخية، مع افتتاح المتحف المصري الكبير، لأنها تستعيد رواية حكايتها بنفسها، أن تُنتج دراما وسينما تليق بعظمة الأهرامات وروح الفراعنة، فالعالم كله يتحدث عن مصر الآن.. فهل نُسمع العالم صوت التاريخ؟







