شركة لا تعرف ماذا تريد.. لماذا تفشل الشركات-1؟
إدارة الشركة لا تعرف ماذا تريد.. لماذا تفشل الشركات-1؟
كانت "شركة ألفا" حلمًا بدأ في مقهى صغير، خمسة أصدقاء اجتمعوا حول طاولة عليها أوراق متناثرة، وقهوة باردة، وطموح يغلي، قال أحدهم بثقة: "عايزين نعمل حاجة كبيرة… شركة تكون مختلفة." فسأله الآخر: "كويس، بس مختلفة في إيه بالضبط؟" رد الأول مبتسمًا: "في كل حاجة!" ومن هنا بدأت المشكلة.
كان عندهم الشغف، لكن ما كانش عندهم الاتجاه الواضح، قرروا يفتحوا "شركة رقمية" عبارة مطاطة تتسع لكل شيء ولا تعني أي شيء، يوما يتكلمون عن التسويق الإلكتروني، وآخر عن تصميم المواقع، وبعدها عن التدريب أونلاين، ثم يدخلون التجارة الإلكترونية لأن "الناس كلها داخلاها".
في الاجتماع الأولى، الحماس كان في أقصاه، لكن بلا هدف واضح، كل واحد فيهم شايف الشركة من زاويته، مرة "أكبر منصة عربية"، ومرة "شركة استشارات"، ومرة "مشروع شامل لكل الخدمات"، الشركة زي اللي راكب عربية فخمة جدًا… بس من غير GPS.
بعد شهرين، أطلقوا الشركة رسميًا: لوجو أنيق، موقع مبهر، وصفحات على السوشيال بنفس اللون الأزرق، لكن الواقع؟ لا منتج واضح، ولا خطة مبيعات، ولا فئة مستهدفة، إعلانهم الأول قال: "هل تبحث عن تطوير عملك؟ شركة ألفا تقدم لك كل الحلول!" وكل الحلول تعني: لا شيء محدد، فجاءت التعليقات مرتبكة: "أنتم بتبيعوا إيه؟"، "هو أنتم شركة تسويق ولا برمجة؟" ولم يكن لدى أحد إجابة.
بدأ الإحباط يدخل للشركة، حتى قال مدير المشروع بانفعال: "إحنا مش بنتقدم، لازم نغير الخطة!" فسأله زميله: "نغيرها لإيه؟" فردّ: "مش عارف، بس لازم نتحرك!" وفعلًا تحركوا… في كل الاتجاهات الخاطئة.
دخلوا مشاريع جانبية كتير: متجر إلكتروني، قناة يوتيوب، خدمة تصوير، ودورة تدريبية، كل فكرة كانت “المنقذ الجديد”، لكنها كانت هروبًا من مواجهة السؤال الحقيقي: "إحنا مين؟ وبنعمل إيه؟".
مع الوقت، بدأ الفريق يتشتت، الميزانية تنتهي، والاجتماعات تمتلئ بالمجاملات بدل القرارات، كل طرف كان يلقي اللوم على الآخر، ولم يدرك أحد أن المشكلة كانت في الغموض نفسه، لأن الشركة التي لا تعرف هدفها… لا تصل أبدًا.
بعد عام، جلسوا أخيرًا ليواجهوا الحقيقة، سألهم أحد مؤسسين الشركة: "لو حد سألنا: أنتم بتعملوا إيه؟ هنرد نقول إيه؟" ساد الصمت، ثم قال أحدهم: "نبدأ من الأول ونختار حاجة واحدة نعملها صح" لكن الوقت كان متأخرًا.
انتهت الميزانية، تفرّق الفريق، وبقي الاسم مجرد صفحة مهجورة على الإنترنت، كتب أحد المؤسسين بعدها: "تعلمت من شركة ألفا إنك قبل ما تبدأ مشروعك، لازم تجاوب على سؤال بسيط جدًا: ماذا نريد؟ لأن الشركة التي لا تعرف ماذا تريد… ستفعل كل شيء، وتفشل في كل شيء".


