الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

الفاشل والفاسد والبليد والهلهول!!

الأربعاء 12/نوفمبر/2025 - 12:20 م

في كل درب من دروب الحياة وفي كل ميدان من ميادينها ستجد الفاشل والبليد والفاسد والهلهول، وما يثير الدهشة أن سلوكهم في أي مجال واحد لا يختلف سواء لبسوا ثوب الطبيب أو رداء المهندس أو حتى لو دخلوا ساحات الرقص والغناء!! فكأن بينهم عهدًا خفيًّا يوحِّد خطاهم ويجمعهم في هيئة واحدة لا تتبدّل مهما تغيّرت المهن وتباينت المقامات.

دعونا نبدأ بالفاشل؛ ذلك الكائن الذي مرّت به السنين كما تمر الرياح على صخرةٍ صمّاء لا تُحرّكها ولا تُغيّر فيها شيئًا فهو يقف في مكانه لا يتقدّم خطوة الي الامام ولا يتعلّم من تجاربه ويكرّر أخطاءه كما يكرّر أنفاسه ويظن أن الحيلة القديمة التي لم تنجح بالأمس ستُحدث المعجزة اليوم وتنجح!!

يعيش الفاشل في وهمٍ صنعه بيديه فهو يرى نفسه عبقريًّا مضطهدًا !! ومفكرًا تآمر عليه القدر ورؤساؤه معًا ويظن أن أفكاره الثورية كانت كفيلة بتغيير مجرى التاريخ لولا أن المؤامرة حالت بينه وبين المجد!!

فحين تنغلق في وجهه الأبواب لا يلوم تقصيره ولا جهله بل يُلبس فشله ثوب البطولة ويُقنع نفسه أن العظماء وحدهم يُحارَبون !! "مسكين حقًا يا أيها الفاشل"؛ وحين يفقد كل حيلة يتوهّم أن الهجوم على من هم فوقه سيُعيد له شيئًا من الكرامة الضائعة أو يُنقذه من ظلام النسيان متخيلًا بعقله المريض ونفسيته الجحيم المشوهة أن الناس ستذكره يومًا لأنه دخل في معركة مع الدكتور الفلاني أو المهندس العلاني أو الأستااااذ، وكأن العداء في ذاته مجدًا !! "حقا مثير للشفقة يا أيها الفاشل"؛  لكن خياله المريض يدفعه إلى حافة الهاوية وهناك – حيث لا رجعة – يسقط سقوطًا لا قيام له من بعده.

وفي طريق سقوطه ينقسم الناس من حوله الي قسمين: قسمٌ سويٌّ عاقل ينأى بنفسه عنه وقسم آخر فاسد وما أدراك ما الفاسد !؟ فالفاسد يا حضرات يشتمّ  رائحة الفتنة فينقضّ عليه كالثعلب على فريسته ( أرنبًا علي سبيل المثال ) ويسانده زيفًا لا حبًّا ويملأ رأسه بشعارات جوفاء من طراز: «لا للفساد» و«وُلدنا أحرارًا» و«مكمّلين»… كلمات تُقال لا طلبًا للإصلاح بل لتشكيل جبهة كرتونية ضد من فَضح فسادهم أو كشف نصبهم وسرقاتهم مثلا !! "يا لك من دلدول يا أيها الفاسد" ؛ والفاسد ان كانت امرأة وجدتها متحفظة تحفظًا مصطنعًا تتحدث عن الشرف وهي غارقة في الرياء وإن كان رجلًا رأيته ممتلئ الجسد مترهّل الملامح، متثدي احيانا كأنما نفخ فيه الحرام حتى أثقله !! وتجده يجلس في المقاهي ( او الكافتيريا ) محاطًا بحوارييه من الهلاهيل يتحدث عن الشرف والنزاهة وهو غارق حتى أذنيه في الرشوة والاحتيال والأكاذيب التي حتمًا ستكبله بالحديد يومًا قريبًا.. "يا بجح".

ثم نأتي إلى البليد وهو باختصار يعد العقل المدبّر للفاشل والمحرّك الخفي الذي يُحركه كدميةٍ في يديه لا لشئ سوي ان العين المريضة لا تحب ان تري من هو افضل وأذكي  من صاحبها الضحل ؛ والبليد لم يُخلق للإنجاز رغم كل ما تقلده من مناصب وكل ما حصل عليه من فرص بل انه خُلق للكيد والمكر غير مباليًا بالفرص الكثيرة التي حظي بها وأضاعها جميعًا لأن البلادة قد سكنت أعماقه وتمكنت منه ؛ فلا فكرٌ يُثمر ولا جهدٌ يُثمر ولا خيالٌ يبدع !! ومع ذلك تراه يدّعي الفهم ويتظاهر بالحكمة وهو في الحقيقة لا يفقه من أمر الدنيا شيئًا وقد اكتفي بالمكياج الخارجي لنفسه وصوت جهوري مصطنع واحيانًا شعر مستعار !! "ألا تخجل يا بليد من نفسك؟"

أما الهلهول فذاك نوع آخر من العجائب فلا هو فاشل  ولا هو  ناجح لأنه باختصار بلا تجربة وكائن يعيش على فتات الحريم من  الهلافيت يقتات من موائدهم الفكرية المشوشة والمهنية المنعدمة ويُقلّدهم تقليدًا أعمى ويحسب أنه مبدع ويعلق مؤيدا علي ارائهم ويجالسهم في الكافيتريات والمقاهي والبارات أحيانا؛ إنه المتسلق الراضي بالقشور والمقتنع بظل المجد دون جوهره ولا ينطق إلا تنظيرًا بلا فعل ولا يملك من الطموح إلا صوته العالي حين يصفق للفاشل والفاسد والبليد !! "في الغالب تجد الهلهول من دول مشهور بأسماء من عينة تيشو وصاوصاو وبُق بُق".

وفي النهاية، تراهم جميعًا – الفاشل والفاسد والبليد والهلهول يجتمعون في مستنقع واحد، تحركهم الأوهام، وتغريهم الأضواء الكاذبة ويتطاولون علي اسيادهم بالباطل والاكاذيب والادعاءات والافتراءات وكل منهم يعمل وفقًا لما يضمر في اعماق نفسه العليلة ؛ انهم صدى لبعضهم البعض ومرآة قبحٍ  في اي وسط وإن اختلفت وجوههم وأهدافهم ومسمياتهم فإن الجوهر واحد.. حفظ الله الوطن وحفظ الله الوسط.

وفي الأخير يحضرني هنا قول الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي حين قال:
لا يَخدعَنكَ هُتاف القومِ بالوَطَنِ
فالقومُ في السرِّ غير القومِ في العَلَن

تابع مواقعنا