وزير الاتصالات السابق يكشف ملامح التحول الرقمي ومستقبل صناعة التكنولوجيا في مصر
قدّم المهندس ياسر القاضي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق، قراءة شاملة لمشهد التحول الرقمي في مصر خلال السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن الدولة بذلت جهودًا كبيرة اعتمدت على بنية تحتية قوية وتطبيقات متطورة، لكن الركيزة الأساسية –على حد وصفه– كانت دائمًا البيانات الدقيقة.
التحول الرقمي يبدأ من قاعدة بيانات سليمة
وأوضح القاضي في حوار خاص مع مجلة وطن رقمي، أن إدراكه المبكر لأهمية البيانات دفعه لقيادة مشروع وطني لتنقية وتوحيد قواعد البيانات الحكومية، وهو المشروع الذي وضع مصر على طريق بناء بنية معلوماتية متكاملة ساهمت في اتخاذ قرارات أكثر دقة وشفافية، مضيفًا أن التكامل بين الوزارات والالتزام بمعايير صارمة للجودة كانا عاملين حاسمين في إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة أصبحت نموذجًا يحتذى به في المنطقة.
وأشار إلى أن هذا التوجه كان حجر الأساس في إطلاق منظومات رقمية متكاملة مثل: بطاقة الخدمات المتكاملة، منصات الدعم النقدي، خدمات مصر الرقمية، وبرنامج تكافل وكرامة، مؤكدًا أن البيانات أصبحت أداة تمكين حقيقية للدولة والمجتمع.
رؤية المناطق التكنولوجية
وعن الهدف من إنشاء المناطق التكنولوجية في المحافظات، شدّد القاضي على أن المواطن كان محور الاستراتيجية، موضحًا أن الهدف هو إتاحة فرص متكافئة لأبناء الصعيد والوجه البحري أسوة بالقاهرة، وضرب مثالًا بمنطقة أسيوط التكنولوجية التي احتضنت أول مصنع لتجميع الهواتف المصرية (سيكو)، والذي أحدث طفرة اقتصادية برفع متوسطات الأجور بعد الاتفاق على حد أدنى للرواتب يصل إلى 5000 جنيه.
وأشار إلى أن جامعة أسيوط تُعد واحدة من أفضل الجامعات على المستوى الإقليمي، ما جعل المحافظة أرضًا خصبة لصناعة التكنولوجيا.
مصر تصنع الإلكترونيات.. من الفكرة إلى التنفيذ
وعن مبادرة مصر تصنع الإلكترونيات، قال القاضي إنها انطلقت من إدراك أن الدول التي تمتلك قدرات إلكترونية تمتلك القوة الاقتصادية والعسكرية، واستندت الاستراتيجية إلى ثلاثة محاور: التصنيع، التصميم، والتصدير.
وأوضح أن المبادرة بدأت بتجميع الهواتف المحمولة لتقليل الاستيراد وزيادة الصادرات، ثم الانتقال للهدف الأكبر وهو تصميم الإلكترونيات، من خلال إنشاء مركز متكامل في المعادي يجمع شركات التصميم في مكان واحد، ليشكل نواة لصناعة تصميم متطورة في مصر.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة
تحدث القاضي عن مستقبل الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أنه مستقبل العالم وأن دولًا مثل الإمارات والسعودية سبقت بخطوات واسعة عبر بناء مراكز بيانات ضخمة واستثمارات بمليارات الدولارات بالتعاون مع شركات عالمية مثل Microsoft، Amazon، Google وNvidia.
أما بالنسبة لمصر، فأكد أهمية تحديد نقاط القوة في هذا المجال، ووضع أطر واضحة لـ حوكمة الذكاء الاصطناعي وتشريعات تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للتكنولوجيا.
الاستعداد للذكاء الاصطناعي
يرى القاضي أن البداية يجب أن تركز على العنصر البشري، معتبرًا أن الشباب المصري هو القوة الأكبر، إذ يمتلك التعليم والطموح، ولا يحتاج سوى فرص حقيقية، كما دعا إلى تطوير البنية الأساسية التكنولوجية ودعم الدولة لهذا التحول.
الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.. نموذج للحوكمة
واختتم القاضي حديثه بتقييم دور الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، واصفًا إياه بأنه أحد أقوى نماذج الحوكمة في مصر، ومقارنًا دوره بما يقوم به البنك المركزي المصري من ضبط وإدارة قطاع حيوي باحترافية، وأكد أن الجهاز يؤدي دورًا مؤثرًا في ضبط السوق، وتنظيم منح التراخيص، وضمان المنافسة العادلة بين الشركات.
