لما المواطن يرجّع دوره.. البلد تتغيّر
لم تعد مشكلة المواطن اليوم في غلاء الأسعار وحدها ولا في زحمة الشوارع، ولا في انتظار خدمة حكومية تتأخر أكثر مما يجب.. المشكلة الحقيقية أصبحت في فقدان الشعور بالدور، لم يعد المواطن يشعر أنه شريك يشعر أنه متفرّج، والبلد تمشي من غير ما حد يسأله: رأيك إيه؟ تحب إيه؟ محتاج إيه؟
لكن الحقيقة اللي لازم كلنا نعرفها… إن ولا خطة بتنجح من غير الناس، ولا مشروع بيقوم من غير اللي هيستخدمه، ولا إصلاح بيكمل من غير اللي هيحميه.
الدولة مهما اشتغلت… ومهما قدّمت… هتفضل محتاجة المواطن الواعي اللي يعرف هو عايز إيه، ويطالب بحقه، ويقوم بواجبه، ويحمي مكتسباته.
المواطن مش رقم… المواطن قوة.
وصوته مش شكوى… صوته مؤشر.
وحضوره مش رفاهية… حضوره أساس.
النهاردة، البلد داخله على مرحلة مختلفة.. مرحلة فيها مشروعات بنية تحتية، ومبادرات اجتماعية، وإصلاح اقتصادي.. لكن نجاح كل ده مش بالأوراق والتقارير؛ نجاحه الحقيقي في وعي الناس.
وعي المواطن اللي يسأل:
“ليه سايب الشارع كده؟”
“ليه ساكت على الخطأ؟”
“ليه مش بطالب بحقي بطريقة محترمة وقانونية؟”
السياسة مش مؤتمرات ولا لجان بس.. السياسة تبدأ من تصرف بسيط في الشارع.
من مواطن يرفض الفوضى،
من موظف يحترم الدور،
ومن شاب يشارك في انتخابات، ويسأل، ويتابع، ويحاسب، ويراقب.
الدولة الحديثة مش حكومة فقط.. الدولة الحديثة حكومة + مواطن واعي + مجتمع منظم.
والمعادلة دي مستحيل تكتمل من غير دور المواطن الفعّال.
لازم نفهم إن التغيير مش دايمًا فوق.. أوقات كتير بيبدأ من تحت.
من واحدة قررت ما ترميش زبالة،
من موظف قرر يحترم المواطن،
من مواطن قرر يحترم الدور والقانون.
التغيير في التفاصيل.. في السلوك.. في الوعي.
مهم جدًا نرجّع للناس صوتهم ومسؤوليتهم وحقهم في المشاركة.
لازم نكسر فكرة “هو أنا اللي هغير مصر؟.. أيوه، أنت اللي هتغير؛ لأن مصر ما بتقومش مرة واحدة.. مصر بتقوم كل يوم، بإيد كل واحد فينا.
وفي النهاية.. السياسة مش منافسة على مقعد، ولا صورة في حملة السياسة هي مسؤولية، ووعي المواطن هو أقوى أداة سياسية للدولة.. فإذا غاب وعي الناس سقطت كل الإنجازات، مهما كانت عظيمة.
وإذا حضر الوعي قامت الدولة، واشتدت، واستقرت.
بلدك مش مكان بتعدّي منه.. بلدك مرايتك، والمراية يا إما تنضّف يا إما تعكسلك التقصير.
ونحن اخترنا أن ننضّف وننهض.


