كارثة سفاري سراييفو.. والدة طفل ضحية القتل من أجل المتعة في البوسنة والهرسك تكشف تفاصيل مقتل نجلها
عادت جرائم قتل المدنيين، وخاصة الأطفال، خلال حصار سراييفو إلى الواجهة مجددا بعد تقارير إعلامية إيطالية أفادت بأن نيابة ميلانو فتحت تحقيقا بشأن ما يُعرف بـ قناصي عطلة نهاية الأسبوع، وهي القضية المعروفة باسم سفاري سراييفو.
سفاري سراييفو
بعد واحد وثلاثين عاما على مقتل الطفل عدنان بوبوفاتش، لا تزال جراح عائلته مفتوحة كما كانت يوم الحادث، فيما يُسلّط الضوء من جديد على الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين في سراييفو المحاصرة.
كان عدنان، البالغ من العمر أقل من 6 سنوات، قُتل في منطقة هراسنيتسا قرب سراييفو في سبتمبر 1994 برصاصة قناص أُطلقت من مواقع قوات جيش جمهورية صرب البوسنة.
وبحسب تقارير صحفية إيطالية نشرتها صحيفتا لا ريبوبليكا وإل جورنّو، فإن التحقيق الجاري يستهدف متورطين مجهولين يُعتقد أنهم دفعوا مبالغ كبيرة، وصلت إلى عشرات آلاف الدولارات، مقابل إطلاق النار على المدنيين خلال حرب البوسنة، في ما يصنف كواحدة من أبشع الجرائم ضد المدنيين.
المبادرة جاءت إثر بلاغ قدمه الصحفي والكاتب إيتسيو غافاتسيني والقاضي السابق غويدو سالفيني.
وتستعيد فاطمة بوبوفاتش، والدة الطفل عدنان، تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل مقتله، وتصف الألم الذي لم يبرح قلبها منذ ذلك اليوم.
وتروي كيف اصطحبت شقيقتها منيرة الطفل عدنان وشقيقته الصغرى أرنيلا إلى متجر قريب لشراء بعض الحلوى، مستغلة هدوءا نسبيا بين القصف، حملت منيرة الطفلة بين ذراعيها وأمسكت يد عدنان، بينما كانت الأم داخل المنزل لحظة سماعها صوت إطلاق النار.
أصابت الرصاصة الطفل تحت عينه اليمنى بينما كانت خالته تمسك بيده، وتؤكد والدته أنه كان طفلا ذكيا وطيب القلب، وتقول وهي تقرأ له الفاتحة عند اسمه المنقوش على نصب تذكاري لأطفال سراييفو الذين قتلوا خلال الحصار إن ألمها لا ينطفئ.
وتسأل الأم، مثل غيرها من أهالي الضحايا، عن سبب إخفاء هوية من تصفهم بالوحوش الذين شاركوا في قتل المدنيين، وتطالب بمحاسبة كل من شارك أو سهل هذه الجرائم.
وتشير إلى أنها كثيرا ما تفكر في ما إذا كان أحدهم قد قتل طفلها لمجرد اللهو، وتقول إنها لا تستطيع تصور كيف يمكن لإنسان أن يفعل ذلك بطفل في السادسة من عمره.
وبالنسبة لوالدة عدنان، فإن خبر فتح التحقيق في إيطاليا يمنحها بصيص أمل، وتثق بأن الحقيقة ستظهر في النهاية، سواء أمام القضاء أو أمام عدالة السماء، وتؤكد أنها لا تحمل ضغينة لأحد، لكنها تريد معرفة الحقيقة ومحاسبة الجناة.
جدير بالذكر أن فيلم سفاري سراييفو للمخرج السلوفيني ميران زوبانيش، الذي عرض في مهرجان AJB DOC عام 2022، أعاد حينها طرح هذه القضية للرأي العام.
واستمر حصار سراييفو من 5 أبريل 1992 حتى 29 فبراير 1996، أي 1425 يوما، وتعرض خلاله سكان المدينة لقصف مكثف قدر بنحو 500 ألف قذيفة.
وأسفر الحصار عن مقتل 11،541 مدنيا، بينهم 1،601 طفل، وتمت إدانة عدد من قادة جيش جمهورية صرب البوسنة أمام المحكمة الدولية، من بينهم راتكو ملاديتش ورادوفان كارادجيتش، بالسجن المؤبد بسبب الجرائم المرتكبة خلال الحصار.
