الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

عودة الأمل في الثقة التي اهتزّت

الإثنين 17/نوفمبر/2025 - 04:09 م

الانتخابات الأخيرة جاءت محمّلة بسلسلة من السلبيات التي تركت أثرًا قاسيًا في وجدان الناس. وكانت البداية مع اختيارات أعضاء القائمة الوطنية التي شكّلت صدمة حقيقية وفاجعة مكتملة الأركان للمواطن المصري.

فبدلًا من أن يجد الناس وجوهًا تعبّر عنهم، وتنتمي إليهم، وتحمِل همومهم اليومية، فوجئوا بأسماء بعيدة تمامًا عن نبض الشارع، لا يعرفها أحد، ولا تمتلك أي امتداد اجتماعي أو سياسي أو شعبي داخل دوائرها. كانت هذه الاختيارات قاسية، فجائية، ومتنافرة مع منطق الواقع، فأقصت الكفاءات الحقيقية، وقدّمت أسماء أثارت التساؤلات، وفتحت الباب لغضب شعبي واسع.

لقد تساءل الناس بوضوح:
كيف يُقدَّم من لا يمثلنا؟ وكيف تُستبعد الرموز التي يعرفها المواطن لصالح أشخاص لا علاقة لهم بالمكان أو بأهله؟
كانت هذه الخطوة الشرارة الأولى التي أشعلت حالة الإحباط والاحتقان.

بعد أن آمن الشباب أنهم يعيشون العصر الذهبي الحقيقي لتمكينهم؛ تمكين قائم على المؤهل والكفاءة والاستحقاق، وبعد أن اجتهدوا عشر سنوات كاملة في تطوير أنفسهم، وتحمّلوا مشاق التدريب والعمل العام وبناء الخبرة ليكونوا على قدر الثقة… فوجئ الجميع بقائمة تضع كوتة للشباب والمرأة مفرغة من مضمونها… قائمة استبعدت الكفاءات المؤهلة وأظهرت على السطح أسماء لا تمتلك الخبرة ولا السجل العام ولا القدرة على تمثيل الناس.

هنا يبرز السؤال الذي يفرض نفسه بقوة:
هل المقصود أن تهتز ثقة الوطن في أهمية كوتة الشباب والمرأة؟
كيف نطالب الناس بالإيمان بالتمكين، ثم نقدّم نماذج من النواب والشابات لا يمتلكون خبرة سياسية، ولا سابقة أعمال، ولا صِبغة تكنوقراط؟
كيف يتصدر المشهد من لا يستطيع حتى قراءة القسم قراءة سليمة؟
وما هي الحكمة من تجديد الثقة لمن مُنحت لهم الفرصة في الدورة السابقة دون إنجاز يُذكَر، ثم يُعاد تقديمهم مرة أخرى بلا أي معيار لتكافؤ الفرص مع غيرهم؟

لصالح من يحدث هذا؟ ولماذا؟ وما الهدف من ضرب قيمة التمكين الحقيقي في مقتل؟

ثم تتابعت الأخطاء: استقالات بسبب سوء الاختيار، ثم ما هو أخطر... اختيار نواب لا ينتمون إلى محافظاتهم ولا يعرفون عنها شيئًا.. وكأن إرادة المواطن تُدار من خلف الستار. وزاد المشهد اضطرابًا بما تمّ تداوله من تجاوزات واضحة خلال العملية الانتخابية عبر وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، ما جعل الناس يشعرون بالإحباط العميق.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فقد شهدت مصر… وللمرة الأولى في تاريخ الحياة النيابية… انسحابَ مرشحين وصلوا إلى الإعادة واعتذروا عن استكمال السباق الانتخابي. واقعة غير مسبوقة هزّت الشارع، وأثارت السؤال الجوهري:
ما الذي يجبر مرشّحًا وصل إلى الإعادة على الانسحاب؟
وكان الجواب واضحًا:
لأنهم أيقنوا أن النجاح في ظل التجاوزات مستحيل، وأن أصوات الناس… التي هي الأصل  … لم تعد قادرة على حماية ما تبقى من نزاهة المشهد. ففضّل بعضهم الانسحاب على أن يكونوا جزءًا من مشهد مرتبك، أو أن يحملوا صفة نائب بلا إرادة شعبية حقيقية.

وفي هذا الغليان الشعبي، جاءت كلمة السيد الرئيس كالماء البارد على جمر القلوب. كلمته التي أعادت الاتزان للمشهد، وردّت الثقة للناس بعد أن كادت تهتز، وأكدت أن الدولة المصرية ما زالت في يد قيادة تسمع نبض الشارع، وتملك الجرأة على تصحيح المسار، ولا تقبل الظلم أو العبث بإرادة المواطنين.

وقد أثار خطاب الرئيس تساؤلًا جوهريًا بين الناس:
هل ستشمل المعجزة جميع مراحل الانتخابات؟
هل سيمتد حديث الرئيس ليشمل المرحلة الأولى كاملة.. القائمة والفردي، فيصحّح الأخطاء ويستعيد المواطن ثقته، أم سيقتصر الإصلاح على النظام الفردي فقط، بينما تبقى القائمة الوحيدة كما هي، مكتوبة على أهل مصر كتابةً لا رجعة فيها؟
فالناس لا يطلبون المستحيل، بل العدالة، وتكافؤ الفرص، وتمثيلًا حقيقيًا يعكس الشارع، ويعيد الثقة في إرادة المواطن.

لقد بعث الرئيس برسالة لا لَبْس فيها:
أن العدل فوق كل اعتبار، وأن إرادة الشعب هي أساس الشرعية، وأن مؤسسات الدولة يجب أن تبقى حارسة للحق لا شريكة في الخطأ.

واليوم… ينتظر المصريون ترجمة هذه الكلمات إلى قرارات واضحة، تبدأ بتفعيل دور الهيئة الوطنية للانتخابات، وإعادة ضبط المنظومة، ومراجعة كل ما شاب العملية من أخطاء، بما يعيد اليقين إلى النفوس.

شعب مصر … الذي رأى رئيسه يضع الحقيقة فوق المجاملة، والعدل فوق الحسابات… يستعيد اليوم ثقته من جديد. ويقول… بلسان واحد… إن هذا الوطن ما زال محميًا بقائد وطني شريف، لا يساوم على الحق، ولا يرضى بالظلم، ويقف حارسًا لوحدة البلاد وسلامها.

وهكذا… تُستعاد الثقة التي اهتزّت… ويعود الأمل الذي كاد أن ينطفئ… وتبقى مصر وطنًا لا ينهزم، ما دام فيها شعب لا ينكسر، ورئيس لا يترك الحق يضيع

تابع مواقعنا