الذكاء الاصطناعي والاقتصاد وآفاق زراعة الأعضاء في مصر.. حوار حصري مع البروفيسور ألفين روث الحائز على نوبل
استضافت مصر قبل أيام المؤتمر الدولي لمبادرة تبرع حياة مصر، بحضور أكثر من 250 خبيرا عالميا و2500 زائر دولي يمثلون أبرز المؤسسات والجمعيات المتخصصة في زراعة الأعضاء، من بينهم، البروفيسور ألفين روث، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، وأحد أهم مطوري نظم تخصيص الأعضاء العادلة حول العالم.
وفي هذا السياق وعلى هامش زيارته لـ مصر، أجرى القاهرة 24 هذا الحوار مع عالم الاقتصاد الأمريكي الشهير.. وإلى نص الحوار:
1- ذكرت في تصريحات سابقة أن علم الاقتصاد يلعب دورا أساسيا في تحسين نظم زراعة الأعضاء وما وصفتموه بـ "تخصيص الموارد الشحيحة". ما أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول النامية – مثل مصر – في هذا السياق، وكيف يمكن معالجتها على مستوى السياسات؟
حاليا، تُجرى جميع عمليات زراعة الأعضاء في مصر من متبرعين أحياء، وهذا يعني أن عدد الأعضاء الممكن زرعها قليل جدا، إذ يقتصر عمليا على الكُلى والكبد، وهما العضوان اللذان يتيحان التبرع من متبرع حي، لأن الشخص السليم يملك كليتين ويمكنه البقاء بصحة جيدة بإحداهما، ولأن الشخص السليم يستطيع التبرع بجزء من كبده الذي ينمو من جديد.
وبالتالي، أحد التحديات في مصر هو تطوير نظام للمتبرعين المتوفين، وحسب معلوماتي، لا توجد اعتراضات دينية على ذلك، لكنه يتطلب توعية واسعة لتكوين ثقافة مجتمعية داعمة.
كما يمكن زيادة عدد المتبرعين الأحياء عبر ما يُعرف حاليا بـ تبادل الكُلى وتبادل الكبد، وسأوضح ذلك لاحقا.
2 ـ أشرتَ سابقا إلى استخدام نظرياتك حول المطابقة المستقرة في تبادل الكُلى غير المتوافقة؛ كيف يمكن تطبيق هذه النماذج على نطاق أوسع في الصحة العامة؟ وهل تنطوي هذه التطبيقات على مخاطر سياسية أو قانونية؟
في سياق تبادل الكُلى، تشير المطابقة المستقرة إلى تنظيم عمليات الزراعة بطريقة تضمن ألا يتمكن أي مريض أو مجموعة من المرضى المتبرعين من الحصول على نتيجة أفضل من تلك التي يقترحها النظام عليهم، أي أن العملية اختيارية بالكامل.
ويتمثل دور الجهات الطبية في تقديم عمليات زرع تكون مقبولة للمرضى والمتبرعين. وتنظيم الرعاية الصحية بحيث يكون الالتزام فيها طوعيا - أي دون أي شكل من أشكال الإكراه - هو هدف مهم للرعاية الطبية بشكل عام.
3. ذكرتَ سابقا أن ندرة الأعضاء تشبه ندرة الموارد الاقتصادية، كيف يمكن تصميم سوق أخلاقي لزراعة الأعضاء؟ وما الضمانات اللازمة لمنع استغلال الفقراء أو الدول الأضعف؟
فكرة تبادل الكُلى تقوم على أن المتبرع المخصص لمريض ما قد يكون غير متوافق معه، لذا يمكن تنظيم عملية التبادل بحيث يحصل كل مريض على كُلية متوافقة من متبرع مخصص لمريض آخر، ويقوم كل زوج من المريض والمتبرع بالتبرع مقابل الحصول على عضو متوافق.
ولا يهم من أي دولة يأتي المرضى أو المتبرعون، فكل منهم يعطي كُلية واحدة ويتلقى كُلية واحدة، دون أي تبادل مالي، لذلك فإن هذا النظام لا يؤدي بطبيعته إلى الاستغلال، ولكن عند الحديث عن تبادل عبر الحدود، يجب اتخاذ احتياطات كثيرة لضمان حصول جميع المرضى والمتبرعين على رعاية طبية ممتازة، والتأكد من أن المتبرعين يشاركون طوعا وبحماس.
4. كيف يمكن دمج مفهوم الأعضاء البشرية كموارد نادرة في السياسات العامة بما يحفظ كرامة الإنسان؟ وما الضمانات الاقتصادية والقانونية الأساسية من وجهة نظرك؟
كما ذكرت، يجب فحص المتبرعين بعناية، وتوفير الرعاية اللازمة لهم (وبالطبع لمتلقي الأعضاء)، هناك تكاليف لعمليات الزرع، ومن المهم ألا يتحملها المتبرعون ومن الأفضل تعويضهم عن أي أجور مفقودة أو ما شابه ذلك، كما يجب أن يحتفظ المتبرعون بحقهم الكامل في التراجع عن قرار التبرع في أي وقت.
5. هل ترى إمكانية لدمج القطاع الخاص أو المنظمات غير الحكومية في نظام زراعة الأعضاء من منظور اقتصادي دون أن يؤدي ذلك إلى تسليع الأعضاء؟ وما النماذج التي يمكن أن يستلهم منها المجتمع المصري؟
في الولايات المتحدة، تشارك المستشفيات غير الربحية والربحية على حد سواء في عمليات زراعة الأعضاء، وهذا معمول به في العديد من الدول، ولا أرى سببا يمنع تطبيق ذلك في مصر مع وجود تنظيم مناسب.
6. بمناسبة زيارتك إلى مصر، ما انطباعك عن القاهرة والمواقع الأثرية التي زرتها، وخاصة المتحف المصري الكبير؟
كانت زيارة المتحف المصري الكبير تجربة رائعة، ويبدو أنه يحتاج إلى وقت طويل لاستكشافه بالكامل.
7. كيف كان شعورك عندما تلقيت نبأ حصولك على جائزة نوبل؟
بالطبع كان شعورا مفاجئا وجميلا، لا يمكن وصفه.
8. كيف سيؤثر التطور السريع للذكاء الاصطناعي على الاقتصاد بشكل عام؟
لا يزال الوقت مبكرا لمعرفة ذلك، لكن الذكاء الاصطناعي سيجعل بعض العمال أكثر إنتاجية، بينما سيحلّ محلّ آخرين، كما سيخلق وظائف جديدة، وللمقارنة التاريخية، يمكن التفكير في المحرك الاحتراقي الداخلي (الذي خفّض الطلب على الخيول، لكنه زاد الطلب على السائقين والتجارة لمسافات طويلة)، أو معالجة النصوص (التي قللت الطلب على الكُتّاب ووكلاء السفر، لكنها زادت إنتاجية الكثير من العاملين في المكاتب).
9. ما هو رأيك في العملات الرقمية؟ وهل تعتقد أنها ستلعب دورا أكبر في المستقبل؟
ربما في تحويل الأموال، لكن بخلاف ذلك، لا أرى حتى الآن استخدامات إنتاجية كثيرة لها في التجارة القانونية.
10. هل يوجد تعارض بين الاقتصاد والطب، مع الأخذ في الاعتبار أن كليهما يهدف إلى تحسين جودة الحياة وزيادة متوسط العمر وتعزيز الهيكل الديموغرافي للدول؟ وكيف يمكن للمجالين العمل معا وتحقيق التكامل؟
كما أشرتِ، لا يوجد تعارض بين الاقتصاد والطب، فالزيادات الكبيرة في متوسط العمر الصحي منذ الثورة الصناعية تعود إلى التقدم في كلٍّ من الاقتصاد والطب.



