مستقبل الاستثمار المصري الماليزي لتوطين صناعة زيوت النخيل والصناعات التحويلية المرتبطة إفريقيا وإقليميا
فرصة شراكة وتوأمة سانحة تلوح في الأفق، خصوصا بعد التطورات الأخيرة لرفع مستوى التعاون المصري الماليزي، وتحديدًا زيارة رئيس الوزراء الماليزي أنور إمام إلى القاهرة في أرفع زيارة لمسؤول ماليزي لمصر منذ أكثر من 20 عامًا؛ احتفالا بمرور 65 عامًا على العلاقات بين البلدين.
بدأت العلاقات المصرية الماليزية في الثلاثينيات من القرن الماضي من خلال قدوم طلاب ماليزيا لتلقي العلم في الأزهر الشريف، وحتى الآن يمتاز الأزهر بمكانة سامية في نفوس الطلاب والشعب الماليزي لكونه إحدى أهم المؤسسات الإسلامية عالميا.

وهو اضطراد متوقع نموه بالعلاقات، كونه ضاربًا في القدم، خصوصا لو علمنا أن أرفع وشاح في اتحاد ماليزيا أُهدي إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر منذ نحو نصف قرن في يناير 1964.
كما اختارت حكومة ماليزيا سفارة مصر في ماليزيا لرعاية مصالح إندونيسيا في اتحاد ماليزيا وذلك إبان قطع العلاقات بين البلدين بسبب معارضة إندونيسيا قيام اتحاد ماليزيا.
كما لعبت ماليزيا دورا محوريا فاصلا في مشكلة تجميد عضوية مصر في منظمة المؤتمر الإسلامي، ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده نائب رئيس وزراء ماليزيا خلال زيارته لمصر عام 1982 أعلن أن بلاده مهتمة بعودة مصر إلى عضوية منظمة التعاون الإسلامي استنادًا إلى أن مصر دولة مؤسسة لمنظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حاليا).

وهناك جالية مصرية محدودة في ماليزيا عددها لا يتعدى 500 شخص، هم أساتذة الجامعات والمبعوثين الذين أوفدهم الأزهر لماليزيا.
ماليزيا ومستقبل شهادة الاستخدام المستدام لزيت النخيل الماليزي MSPO
يعد MSPO شهادة ومعيارًا وطنيا ماليزي يهدف إلى ضمان إنتاج زيت النخيل بطريقة مستدامة بيئيًا واجتماعيًا، تُكمل هذه الشهادة معايير أخرى مثل RSPO، وهي نظام معتمد دوليا يركز على استدامة الإنتاج في المزارع والمصانع.
وتُعدّ ماليزيا ثاني أكبر منتج لزيت النخيل عالميا بإنتاج نحو 19 مليون طن سنويًا تقريبًا، تبلغ مساحة مزارع زيت النخيل حوالي 14 مليون فدان وهو رقم مهول، وقد انخفضت مساحة المزارع في السنوات الأخيرة بسبب جهود ماليزيا في الحفاظ على البيئة، ما أثر على حجم الإنتاج.
وتحتل ماليزيا المركز الثاني عالميًا في إنتاج زيت النخيل يساهم قطاع زيت النخيل بحوالي 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي لماليزيا، كما تُعدّ ماليزيا ثاني أكبر مصدر لزيت النخيل في العالم، حيث تصدّر حوالي ثلث الإنتاج العالمي، في حين تُعدّ الهند والصين والاتحاد الأوروبي من أكبر الأسواق المستوردة لزيت النخيل الماليزي.
وتتجه ماليزيا نحو تطوير عمليات الطحن والتكرير المتقدمة، لرفع جودة الزيت المنتج، كما تُشجع ماليزيا ممارسات الزراعة المستدامة في قطاع زيت النخيل من خلال شهادات زيت النخيل الماليزي المستدام (MSPO).
آفاق تطوير مستوى التعاون المصري الماليزي في إطار العلاقات الثنائية المتنامية
على ضوء الزيارة الأخيرة التي أجرتها مؤسسة القاهرة 24، وبوصفها إحدى أهم مؤسسات الأخبار الموثوقة في الشرق الأوسط وإفريقيا، نكشف عن أهمية استغلال الفرصة الحالية السانحة بين الجانبين المصري والماليزي بالنظر إلى الرغبة الحقيقية بين الجانبين في إقامة شراكة قوية، حيث تبنت مصر في السنوات الأخير سياسة ناجحة في التوسع لزراعة ملايين الأفدنة في مناطق (توشكى – والواحات الخارجة والبحرية – وسيوه والصعيد) حيث يمكن التعويل على تقدم ماليزيا في عمليات التلقيح الصناعي للنخيل والصناعات التحويلية المرتبطة المتعلقة بالأعلاف والتجميل.

كما يمكن التوسع في إنشاء مصانع تحويل مخلفات النخيل إلى ألواح خشبية متوسطة الكثافة (MDF) لتلبية احتياجات السوق المحلية ورفع الإنتاج من أجل التصدير إقليما لتعزيز جلب موارد دولارية وتنمية الصادرات.
كما يمكن توطين استراتيجية إعادة تدوير مكونات النخيل في حرف يدوية، ما يساهم في الاقتصاد المحلي ويحقق فوائد بيئية تعزز الدور المصري في مجال الحفاظ على البيئة وتحقيق المستهدفات.
حازت مصر في السنوات الأخيرة وتحديدا آخر سنتين زخما دوليا مضطردا في ظل علاقات دولية راسخة، شملت زيارات خارجية لرئيس الجمهورية ومسولي الخارجية وحلول ملوك ورؤساء لبحث قضايا إقليمية كان لمصر موقفها الواضح، برزت مؤخرا في وضع حلول أوقفت حربا بحجم حرب غزة ووضعت أطرا لمستقبل إدارة القطاع بعد خلاف بين أطراف النزاع، ما أعاد لمصر دورها المحوري إقليميا وعالميا، وجعلها تحظى بثقلها المعهود كما حظيت بطفرة ونمو علاقتها مع سنغافورة وزيارة وفد سنغافوري رفيع المستوى للقاهرة مؤخرًا.
كل ما سبق يمكن التعويل عليه في رأب أي خلاف، وتقريب وجهات النظر والرؤى بين ماليزيا وسنغافورة؛ لإيجاد أرضية مشتركة بين الجارتين في قضايا الطيران والمجال الجوي وتبادل المسارات الجوية المتفق عليها، واستئناف التفاوض المتعلق بالمجال الجوي ورعاية المحادثات المشتركة الماليزية السنغافورية، ولعب دور إيجابي أيضا وتبادل الجهود والعلاقات المشتركة من أجل وضع حلول لتدفق وأسعار المياه سواء في الخلاف المصري الإثيوبي حول سد النهضة أو اتفاقيات أسعار المياه بين سنغافورة وماليزيا واتفاقية مياه عام 1962 لتحقيق الاستفادة القصوة للدول الثلاث من هذه الشراكة.

وأخيرا وليس آخرا الوصول إلى توافق تام بشأن جزيرة بيدرا برانكا والتي توصف بأنها أحد الخلافات الرئيسية بين البلدين.
استثمار الدور المصري إفريقيا من أجل فتح مجالات دراسة مشاكل التغذية للصغار ودراسة تجربة مؤسسة فيلدا وذراعها شركة FGV
تعد شركة FGV Holdings Berhad، وهي شركة ماليزية عالمية تعمل في قطاع الأعمال الزراعية والأغذية وتعد واحدة من أكبر منتجي زيت النخيل وهي شركة تابعة للهيئة الفيدرالية لتنمية الأراضي Felda، وهي شركة مساهمة عامة يتم تداول أسهمها في البورصة.
ويمكن تعزيز الشراكة معها بواسطة وزارة الزراعة المصرية في استصلاح الأراضي ورفع إنتاجها ومجال الدراسات والأبحاث المشتركة في توطين زراعات استوائية عبر التهجين والتعديل الوراثي.

محور مصري ماليزي عالمي للاستفادة من تطبيق مخرجات COP30 وCOP27
عقدت على أرض مصر منذ 3 سنوات 27 COP والذي عكس إرادة مصرية حقيقية لتنفيذ حلول واقعية لأزمة تمويل الدول النامية والمتوسطة من أجل مكافحة تغير المناخ، كما يسعى مؤتمر COP30 إلى تحقيق هدف طموح، وهو ضخ 1.3 تريليون دولار للدول النامية والضعيفة، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تعزيز قدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية، ومواجهة آثارها المدمرة، حيث شكل هذا التمويل بصيص أمل لهذه الدول، التي تعاني بشكل مباشر من تداعيات الأزمة المناخية رغم كونها الأقل مسئولية عنها.
يأتي مؤتمر COP30 ليعيد الثقة ويجدد الأمل في إمكانية تحقيق تقدم ملموس، حيث يهدف المؤتمر إلى وضع إطار عمل جديد لتمويل المناخ يتجاوز حاجز الـ 100 مليار دولار، ويصل إلى 1.3 تريليون دولار، وهو رقم يعكس حجم التحديات التي تواجهها الدول النامية.
يهدف هذا التمويل الضخم إلى تحقيق أهداف متعددة، أهمها:
تمكين الدول النامية من التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
بناء بنية تحتية مرنة وقادرة على الصمود في وجه الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والجفاف.
توفير الموارد اللازمة لحماية المجتمعات المحلية من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مثل فقدان الأراضي الزراعية ونقص المياه.
نقل التكنولوجيا الخضراء من الدول المتقدمة إلى الدول النامية، ما يساهم في تسريع وتيرة التحول المناخي.
وتشارك مصر في مؤتمر COP30 بوفد رفيع المستوى لتراقب وتلقي الضوء على منجزها الهام في كوب 27 وهو إنشاء صندوق الخسائر والأضرار.
كما تشكل مشاركة مصر في COP30 فرصة ثمينة لإلقاء الضوء على تجربتها الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، وتنفيذ مشاريع عملاقة مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية، التي تعد من كبرى المحطات عالميا.
وقطعا مصر ستستفيد كثيرا وتسعى جاهدة لتعزيز تجربة صناعة الديزل الحيوي من زيت النخيل، وهو وقود مُشتق من الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية حيث يتميز الديزل الحيوي عمومًا بأنه قابل للتحلل الحيوي، وعند حرقه، يُصدر انبعاثات أقل من الوقود البترولي التقليدي.











