الجلابيب البلدي الصعيدي: حرفة عريقة تتراوح أسعارها مابين 500 جنيه إلى 15 ألف حسب الخامة في سوهاج | صور وفيديو
مهنة التفصيل وصناعة الجلابيب البلدي «الصعيدي» تعتبر واحدة من أعرق وأهم الحرف التقليدية في مصر، خصوصًا في الصعيد، على الرغم من التطورات الصناعية والتكنولوجية التي اجتاحت العالم، إلا أن هذه المهنة لا تزال تحتفظ بمكانتها الرفيعة في ذاكرة المصريين، بل وتظل جزءًا من هوية وثقافة المجتمع.
ترزي الجلباب البلدي «الصعيدي»هو الحرفي الذي يمتلك مهارة استثنائية في تفصيل الجلباب، الذي يعتبر رمزًا للبساطة، ويُعرف الجلباب البلدي بتفاصيله الدقيقة وجودته العالية، وهو غالبًا ما يتم تفصيله يدويًا من قبل حرفيين متخصصين.
يتم اختيار الأقمشة بعناية بناءً على نوع المناسبة وذوق العميل، وتختلف أسعار الجلابيب بناءً على الخامات المستخدمة، حيث توجد جلابيب مصنوعة من أقمشة بسيطة تكلفتها معتدلة، وأخرى فاخرة باهظة الثمن تتميز بالجودة العالية والخياطة الدقيقة.
كما أن التفصيل ليس فقط عملية خياطة، بل هو فن يحتاج إلى معرفة واسعة بالأنماط التقليدية والتفاصيل الصغيرة التي تميز الجلباب البلدي عن غيره من الملابس.
الجلباب البلدي «الصعيدي»
في العديد من المدن المصرية، مثل طهطا في محافظة سوهاج، تُعتبر مهنة الترزي للجلباب البلدي مهنة تراثية ورثها الأبناء عن الأجداد، وتستمر الأجيال في الحفاظ عليها رغم تحديات العصر الحديث، والمهارة والابتكار في هذه الحرفة يعكسان الفخر بالماضي والاعتزاز بالتقاليد، مما يجعل هذه المهنة تشكل جزءًا أساسيًا من المشهد الثقافي والاجتماعي في صعيد مصر، وتظل حية في قلوب من يمارسونها والمجتمع الذي يقدّر هذه الصناعة اليدوية الأصيلة.
وأكد راضي الخياط، أحد أشهر من يعمل بتلك المهنة قائلًا: "إن هذه المهنة ورثتها عن أبي، وأبي ورثها عن جدي، وأنا بدأت أشتغل فيها من وأنا صغير، وعلّمت أولادي عليها"، بهذه الكلمات يبدأ عم راضي حديثه عن حرفة تصنيع الجلابيب البلدي التي تبقى جزءًا من هوية الثقافة المصرية في المناطق الريفية والصعيدية، والحرفة ليست مجرد مصدر رزق لعم راضي، بل هي رسالة للعناية بالتفاصيل والتمسك بالتقاليد، رغم التحديات الاقتصادية والظروف المتغيرة.
يتحدث عم راضي عن تنوع الأقمشة المستخدمة في صناعة الجلابيب البلدي، التي تختلف حسب النوع والجودة، قائلًا: "فيه جلابيب تبدأ من 500 جنيه، وفيه جلابيب بتوصل لحد 15 ألف جنيه حسب نوع القماش والخيارات اللي بيختارها العميل"، والأقمشة الفاخرة التي تستخدم في الجلابيب الأغلى ثمنًا مثل "الحرير" أو "الكتان الفاخر" تكون مفضلة لدى العملاء المقتدرين ماديًا، الذين يرغبون في الحصول على جلابيب ذات جودة عالية وفاخرة للمناسبات الخاصة، أما الجلابيب التي تبدأ أسعارها من 500 إلى 1000 جنيه فهي موجهة للطبقات المتوسطة التي تبحث عن الجودة المناسبة بأسعار معقولة.
وفيما يتعلق بالعملاء، يشير عم راضي إلى أن هناك نوعًا من الجلابيب يكون مخصصًا للأشخاص ذوي القدرة المالية المحدودة، بينما الجلابيب الفاخرة يتم تفصيلها حسب احتياجات العملاء الأكثر قدرة، "كل واحد بيفصل حسب قدرته وظروفه".
أسرته الصغيرة، التي تضم أولاده وأبناء بعض الجيران، تساهم في عملية التفصيل والتخطيط للجلابيب، حيث تعلم الأبناء الحرفة من والدهم وأصبحوا يشكلون جزءًا أساسيًا من هذا المشروع العائلي، "أنا دايمًا بقول لأولادي: الحرفة دي مش مجرد شغل، دي جزء من تاريخنا وعاداتنا، لازم نعتني بيها".
من أهم السمات التي تميز الجلابيب البلدي كما أكد عم راضي هي الدقة في التفاصيل والتشطيب المتميز، واتساعها المريح، حيث يعكف على تفصيل كل جلباب بعناية فائقة، سواء في اختيار القماش، أو في نوعية الخياطة، "أهم حاجة إن الجلباب يكون مريح في اللبس وأنيق في نفس الوقت، لأنه جزء من هوية الشخص اللي هيلبسه، والشتاء ليه قماشة والصيف ليه نوعية قماش أخرى".
ورغم التطورات التكنولوجية الحديثة التي طرأت على صناعة الملابس، يبقى عم راضي متمسكًا بأسلوبه التقليدي في تفصيل الجلابيب، ورغم التحديات الاقتصادية التي يعاني منها كثير من الحرفيين، إلا أن حرفة التفصيل ظلت صامدة في وجه الرياح العاتية، ويوجد تزايد في الطلب على الجلباب البلدي من كافة فئات المجتمع.
وفي النهاية، يعبّر عم راضي عن فخره بما يقدمه من عمل، قائلًا: "الجلابيب دي مش بس ملابس، دي تاريخ، دي جزء من هوية أهل الصعيد، وأنا سعيد إني قادر أواصل هذا التقليد".





