ملامح التراث العربي الأصيل.. تعرف على مظاهر الأفراح البدوية بمطروح في الشتاء
تتميز الأفراح البدوية بطابع خاص يجعلها واحدة من أكثر المناسبات احتفاظا بملامح التراث العربي الأصيل، ومع حلول فصل الشتاء تزداد هذه الأفراح جمالا ودفئا، إذ يمنح الطقس البارد قبائل البادية فرصة لإقامة احتفالات تمتد لساعات طويلة حول النيران وتحت السماء الصافية.
دفء الشتاء وروح القبيلة
في المجتمعات البدوية يُعدّ الفرح مناسبة جماعية، لا يقتصر فيها الاحتفال على أهل العريس والعروس فقط، بل يشارك فيها أبناء القبيلة جميعا ومع انخفاض درجات الحرارة في الشتاء، تلعب النيران المشتعلة دور البطولة؛ فهي تجمع الرجال والنساء والشباب في حلقات متقابلة تتوسطها ألسنة اللهب، وتتعالى حولها الأهازيج والقصائد الترحيبية.
الضيافة.. عنوان الكرم البدوي
يستقبل أهل الفرح ضيوفهم بالقهوة العربية المُرة، التي تُعد أولى إشارات الترحيب، تليها الولائم التي يشتهر بها البدو مثل ذبيحة “المفطح” و”المرقوق” وأنواع متعددة من الأكلات المطهوة في قدور نحاسية على الحطب.. وتُقدّم هذه الأصناف بطريقة جماعية تزيد من روح المشاركة والانتماء.
العادات والتراث الحي
لا تخلو الأفراح البدوية من عروض الفروسية، حيث يستعرض الفرسان مهاراتهم على صهوات الخيل وسط تصفيق الحضور.. كما تحتل رقصة “العرضة” أو “الدحية” مكانة خاصة، إذ يؤديها الرجال في صفوف متراصة يصاحبها ضرب الدفوف وإنشاد الأشعار الحماسية. وتستمر هذه الفعاليات حتى ساعات متأخرة من الليل، فالبرد القارس لا يمنع الناس من الاستمرار بل يمنحهم حماسا إضافيا.
المرأة في الأفراح البدوية
للنساء أيضا نصيب كبير من الاحتفال، حيث يتجمعن في خيمة خاصة يحيين فيها طقوس العرس من غناء ورقصات شعبية، إضافةً إلى تجهيز العروس وارتداء الثياب المطرزة بالفضة والألوان الزاهية. وفي كثير من الأحيان تُقام مسابقات بين النساء في إعداد أفضل أصناف الأطعمة التقليدية.
الشتاء.. فصلٌ يعيد إحياء الطقوس
على الرغم من الحداثة التي لحقت بكثير من مظاهر الحياة، لا تزال الأفراح البدوية في الشتاء تحتفظ بتراثها، وتصبح مناسبة تجمع بين الأصالة وروح المعاصرة.. ففصل الشتاء يمنح هذه الاحتفالات رونقًا خاصًا، ويعيد إلى الأذهان صور الأجداد وهم يحتفلون حول النيران، يتبادلون الشعر والحكايات بحميمية لا تتكرر إلا في البادية.
تبقى الأفراح البدوية في الشتاء لوحة إنسانية وثقافية نابضة بالحياة، تعكس ارتباط البدو بطبيعتهم وتراثهم، وتؤكد أن الفرح في البادية ليس مجرد مناسبة اجتماعية بل هو حالة من الفخر والانتماء لا تتأثر بفصول السنة، بل يزدان جمالها مع برد الشتاء ودفء القلوب.



