الصمت يزيد أعداد الضحايا.. أخصائيون نفسيون: التحرش بالصغار كارثة مجتمعية.. والتوعية تبدأ من 3 سنوات
شهدت الأيام الماضية حالة واسعة من الغضب والاستياء بين المواطنين، عقب تكرار حوادث الاعتداء والتحرش بعدد من الأطفال، الأمر الذي أثار الذعر في نفوس الأهالي ودفعهم للبحث عن وسائل فعّالة لحماية أبنائهم وتوعيتهم، خشية تعرضهم لمثل هذه الجرائم.
وفي هذا السياق، حرص موقع القاهرة 24 على التواصل مع مجموعة من الأخصائيين النفسيين وخبراء علم الاجتماع، للكشف عن أبرز الأساليب التي يجب أن يتبعها الآباء في توعية أطفالهم بطرق صحيحة تتناسب مع مراحلهم العمرية، وذلك للحد من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة، وتشجيع أي طفل تعرض للاعتداء على الحديث وعدم الصمت حفاظًا على حقوقه وحمايتها.
وقالت حنان المهدي أخصائي نفسي وتعديل سلوك، وماجستير علم النفس الإكلينيكي والتخاطب جامعة حلوان، إن التحرش ضد الأطفال أصبح كارثة مجتمعية متواجدة في المجتمع ككل وليست مقتصرة على الأسرة أو المدرسة فقط، مؤكدة على أهمية دور الأبوين في توعية أبنائهم بنين وبنات من مثل هذه الوقائع لحمايتهم من الاعتداءات.
وأكدت المهدي، أنه يجب على الأب والأم توعية أطفالهم منذ بلوغهم عمر الثلاث سنوات باستخدام أساليب مبسطة تناسب فئتهم العمرية لتوعية الطفل بخصوصية الجسد وضرورة حمايته، لافتة إلى أنه يمكن توعية الطفل بذلك الأمور خلال روتينه اليومي في أثناء تغيير الملابس أو الدخول للحمام إذ يجب على الأم توعية الطفل بأن هناك حدود للجسد لا يمكن لأحد أن يتخطاها، مثل إخباره بأنه ممنوع أن يقوم بتغيير ملابسه أمام الآخرين أو دخول الحمام رفقة أحد حتى وإن كانوا أشقائه.
وأشارت الأخصائية النفسية لـ القاهرة 24، إلى ضرورة وجود لغة حوار بين الأم وأبنائها ومشاركتها لهم تفاصيل حياتهم اليومية بالكامل من مواقف للعمل على كسر الحاجز النفسي والرهبة بين الطفل وأسرته، مشيرًا إلى أن خلق لغة الحوار بين الطرفين تجعل الطفل صديقًا لـ والدته ولديه شجاعة على مشاركتها جميع مشكلاته التي قد يواجهها في حياته اليومية رفقة زملائه أو معلميه بالمدرسة.
ونوهت أخصائي تعديل السلوك، أن هناك أعراض تظهر على الطفل تشير لتعرضه للتحرش أو الاعتداء دون أن يبوح الصغير بذلك الأمر، لافتة إلى أن هذه الأعراض تظهر على الطفل على هيئة فقدان للشهية أو اضطرابات في النوم، وتلعثم أو تأتأة في أثناء الحديث، وعلى هيئة عزلة وانطواء وعدم رغبة في التواصل مع الآخرين.
وأوضحت أخصائي تعديل السلوك، أن هناك أساليب يجب اتباعها إذا تم اكتشاف تعرض الابن أو البنت للاعتداء أهمها تقديم الدعم النفسي الإيجابي للطفل، وإخباره بأنه ليس سيئا وعدم تعنيفه أو إلقاء اللوم عليه وإخباره بأنه سيتم اتخاذ الإجراء المناسب ضد مرتكب الواقعة لمساعدة الطفل على تخطي ما تعرض له.
وأشارت المهدي، إلى ضرورة اهتمام الأبوين بالمتابعة والملاحظة للطفل والتي قد تستمر لمدة 6 أشهر، مشيرة إلى أنه إذا تلاحظ لهم وجود تغيير في تفاعل الطفل اجتماعيًا مع من حوله أو تغيير في شهيته أو ظهور أي أساليب للعنف لديه لابد من الاتجاه نحو العلاج النفسي للطفل باستخدام العلاج السلوكي المعرفي.
ومن جانبها، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن المجتمع يلعب دورًا مهمًا في التوعية والتصدي لظاهرة التحرش، موضحة أن المجتمع يشمل دور الأسرة والحضانة والمدرسة ووسائل الإعلام في نشر الوعي بين الآباء والأبناء ككل.
وأشارت خضر، إلى أهمية وجود أخصائي نفسي واجتماعي داخل المدرسة لنشر التوعية السليمة بين الطلاب بشأن التحرش، والاستماع لمشكلاتهم، مشيرة إلى أهمية دور الأم في الاعتناء بالأبناء وشعورها بالمسؤولية تجاههم وعدم انشغالها عنهم بالعمل.
وأكدت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن وسائل الإعلام تلعب دورًا أساسيًا في مواجهة ظاهرة تحرش الأطفال، لما تمتلكه من قدرة واسعة على التأثير ونشر المعرفة داخل المجتمع، لافتة إلى أنه من الممكن أن يتم ذلك عن طريق طرح برامج توعوية هادفة للأطفال تعمل على تقديم محتوى توعوي مسئول لتسليط الضوء على أساليب حماية الطفل.
وأوضحت الدكتور سامية خضر، أنه لابد من استخدام السوشيال ميديا لصالحنا وصالح أبنائنا والتقديم من خلالها محتوى توعوي مسؤول يساعد الأهالي على توعية أطفالهم ذكور وإناث بخصوصية الجسد وأساليب الوقاية منذ الصغر، مضيفة حيث قالت: العلم في الصغر كالنقش على الحجر.
وفي هذا السياق، قال الدكتور وليد رشاد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن ظاهرة التحرش من الموضوعات المطروحة خلال الآونة الأخيرة والتي يجب أن نعمل على توعية أبنائنا منها، موضحًا أن التوعية تتم من خلال الأسرة عن طريق الإجراء الوقائي التوعوي بالتحدث مع أبنائنا عن معنى التحرش دون حياء لتفادي وقوع الأبناء في هذا الأمر والتي تنتج عنه عواقب وخيمة.
وأكد رشاد، لـ القاهرة 24، أنه إذا تعرض أحد من أبناء الأسرة لواقعة اعتداء فلابد من التحرك على الفور والإبلاغ عن المتهم دون خجل أو خوف من الفضيحة، مؤكدًا أن الإبلاغ يمثل ردعا مجتمعيا للمتهم، ولكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذا الفعل المشين، مضيفًا أن السلطات والأجهزة الأمنية تحرص على عدم الإعلان عن هوية المبلغ وأن مجريات القضية تتم في إطار من السرية.
ونوه أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن أهمية إدراك أسرة الضحية بأن هذه القضية لها خصوصية والإبلاغ عنها أمر مهم لتفادي انتشار هذه الظاهرة وعدم زيادة أعداد الضحايا، ولا يمكن السكوت عنها لأي سبب.


