حب الناس ده رزق.. أقدم بائع لبن بالأقصر منذ 60 عاما في العناية ودعوات الآلاف تكشف ودًا من القلب
أصابت حالة من الحزن أهالي مدينة الأقصر بعد إصابة أقدم وأشهر بائع لبن متجول فيها منذ أكثر من 60 عاما بجلطة وهو صاحب ال78 عاما، وإيداعة العناية المركزة بمستشفى الكرنك الدولي، وسط دعوات الأهالي لة بالشفاء العاجل.
صباحات الأقصر تبدأ من هنا
لا تشرق شمس الأقصر فعليًا إلا على صوت "عم حسين" وهو يمر تارة بحمارة وأخرى بدراجته النارية أو الهوائية المعهودة في أزقة المدينة القديمة وهو ينادي بصوتة الجهوري المألوف لبن.

"عم حسين".. أيقونة الصباح في الأقصر وسر "اللبن الحليب" الذي لا يتغير
هو ليس مجرد بائع لبن عابر، بل هو "منبه الصباح" وجزء من طقوس الإفطار للعشرات من الأسر الأقصرية التي لا تثق إلا في "مكيال" يده، ولا تستسيغ طعم الشاي إلا بقطرات من الحليب الذي يبيعه.
سنوات من "الأمانة"
ظل "عم حسين" في زمن تتغير فيه النكهات وتتبدل فيه المعايير، ثابتًا كأعمدة معابد الأقصر الراسخة. منذ أكثر من 60 عاما، وهو يحافظ على عهده مع زبائنه.

السر ليس في اللبن فقط، بل في "البركة" والأمانة. يقول أحد زبائنه القدامى: "نشتري من عم حسين لأننا نشتري راحة بالنا، لبن صافي كما خلقه الله، بلا إضافات ولا غش، طعم يعيدك لزمن الخير".
المشهد اليومي.. طقوس البيع
أمام أوعية اللبن الكبيرة (القسط)، يقف عم حسين بابتسامته التي تسبق حديثه. يعرف طلب كل زبون قبل أن ينطق به. حركة يده وهو يصب اللبن بالمغرفة تتم بخفة ورشاقة اكتسبها من خبرة السنين.

لا يكتفي ببيع اللبن، بل يوزع معه "صباح الخير" بنكهة صعيدية دافئة، ويسأل عن أحوال الأبناء والجيران، مما حول علاقته بالناس من علاقة "بائع ومشترٍ" إلى علاقة "جيرة وأخوة".
لماذا "عم حسين" هو الأشهر؟
في حديث سابق للقاهرة 24، يكشف عم حسين ببساطة سر شهرته: "يا ولدي، اللبن ده رزق، والرزق يحتاج نية صافية. أنا بعامل ربنا في الناس، والناس بتشم ريحة الصدق في اللقمة الحلال".

تلخص هذه الكلمات البسيطة دستور عمله الذي جعله يتفوق على منافسيه، وجعل اسمه يتردد في كل بيت بالأقصر كعنوان للجودة والثقة.
الخاتمة: أكثر من مجرد لبن
يغادر الزبائن حاملين أكياس اللبن الطازج، لكنهم في الحقيقة يحملون معهم جزءًا من تراث هذه المدينة وهدوئها. سيظل "عم حسين" علامة مسجلة في شوارع الأقصر، يذكرنا دائمًا أن التجارة ليست شطارة فقط، بل هي قبل كل شيء.. أمانة ومحبة.



