شراكات وتوسعات منتظمة.. تحول استراتيجي يعيد رسم خريطة الصناعة الوطنية ويعزز قدرات مصر التكنولوجية

كشف اللواء أركان حرب مختار عبد اللطيف، رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع، في حديث موسّع مع الصحفيين عن ملامح استراتيجية الهيئة وخطتها الصناعية خلال المرحلة المقبلة، وذلك بالتزامن مع الاستعداد للمشاركة في معرض إيديكس 2025. 

تحول استراتيجي يعيد رسم خريطة الصناعة الوطنية ويعزز قدرات مصر التكنولوجية

وجاء حديثه ليعكس رؤية متكاملة لطبيعة التوسع الصناعي الذي تشهده الهيئة، سواء في الصناعات الدفاعية أو المدنية أو الطبية، مؤكدًا أن التطوير الحالي يتجاوز حدود تحديث خطوط الإنتاج إلى صياغة منظومة صناعية شاملة تعمل على تعميق التصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا.

وأوضح رئيس الهيئة، أن الكيان الذي بدأ منذ سنوات بأربعة مصانع فقط بات يضم اليوم أربع عشرة شركة عاملة، فيما توجد شركات جديدة لم تُدرج بعد ضمن التشكيل الرسمي لعدم بدء الإنتاج، ومن بينها الشركة العربية الصينية المتخصصة في صناعة الأجهزة الطبية، والشركة العربية السويسرية للمعدات الكهربائية. وأكد أن العدد الأهم ليس عدد الشركات بل حجم الإنتاج الفعلي، مشيرًا إلى وجود سبع شركات تعمل في الصناعات الدفاعية والمدنية معًا مثل مصنع قادر، ومصنع الإلكترونيات، ومصنع الطائرات بحلوان، ومصنع المحركات، إلى جانب سبع شركات تعمل في الصناعة المدنية البحتة، أبرزها مصنع سيماف الذي شهد تطويرًا شاملًا في بنيته الإنتاجية.

وخلال حديثه، استعرض عبد اللطيف جانبًا مهمًا من خطة الهيئة للدخول في مجال الصناعات الطبية عبر تأسيس مدينة صناعية متخصصة في إنتاج الأدوات والمستلزمات والأجهزة الطبية، مؤكدًا أنها لا تستهدف تصنيع الأدوية وإنما تصنيع المعدات والأجهزة. 

وأشار إلى أن الشركة العربية الطبية – إحدى الشركات التابعة الجديدة – تضم ثلاثة مصانع رئيسية تشمل مصنع الشرائح والمسامير الطبية بتكنولوجيا ألمانية، ومصنع السرنجات الآمنة بنسبة تنفيذ قاربت الاكتمال، إضافة إلى مصنع الخيوط الجراحية الذي يعد الأول من نوعه في مصر لإنتاج خيوط تناسب مختلف أنواع الجراحات، مؤكدا أن موعد بدء إنتاج الشركة العربية الصينية للأجهزة الطبية سيكون في نهاية عام 2026، وأن وزارة الصحة أعلنت التزامها بشراء المنتج فور خروجه للأسواق.

وتحدث عبد اللطيف بإسهاب عن التطوير الواسع الذي شهده مصنع سيماف للصناعات المتخصصة في عربات السكك الحديدية، مشيرًا إلى أنه تم ضخ أكثر من ثلاثة مليارات جنيه لتطويره، ما انعكس على قدرة المصنع في إنتاج عربات وقطع جديدة لم تكن تُصنع محليًا من قبل.

 وقال: إن المصنع أصبح قادرًا على تصنيع مكونات رئيسية للبوجيات، إلى جانب تصنيع عربات قطارات جديدة بالتعاون مع شركات دولية مثل هيونداي روتيم الكورية، التي تم معها تصنيع 80 عربة وفق برنامج شراكة معلن.

وأشار رئيس الهيئة إلى أن السياسة الصناعية الحالية تقوم على مبدأ التكامل مع القطاع الخاص وليس التنافس معه، مؤكدًا أن الهيئة تعمل وفق فكر اقتصادي منفتح يستفيد من الخبرات والقدرات الموجودة في السوق المصري. وأوضح أن مصنع الإلكترونيات ينتج اليوم أنظمة سيطرة واتصالات متطورة، وكاميرات مراقبة تم تصنيعها بالاشتراك مع شريك كوري، إضافة إلى محاكيات تدريب جوية وبرية وأنظمة مخصصة لإدارة نيران المدفعية، فضلًا عن أنظمة الإعاقة السلبية والإيجابية على الطائرات.

وتطرق عبد اللطيف إلى شراكات دولية مهمة، من بينها التعاون مع شركة داسو الفرنسية التي حصلت الهيئة بموجبه على شهادات اعتماد لتصنيع أجزاء من مقاتلة "رافال"، وكذلك التعاون مع شركة هانيويل الأمريكية لتصنيع أجزاء خاصة بمحركات دبابة M1A1. 

وأضاف أن الباب ما يزال مفتوحًا لعودة الدول العربية للمشاركة في الهيئة، مؤكدًا أنه تلقى توجيهات رئاسية بالعمل على تعميق هذا التعاون، خاصة في ظل العلاقات الراسخة بين مصر والدول العربية، مشيرًا إلى زيارة رئيس دولة الإمارات لجناح الهيئة في إيديكس 2023 وتصريحه بأن "مصر والإمارات مصير واحد".

وبشأن مشاركة الهيئة في معرض إيديكس 2025، أكد رئيسها أن الهيئة ستعرض هذا العام 57 منتجًا بينها 18 منتجًا يُكشف عنها لأول مرة. وشملت قائمة المعروضات نماذج مطوّرة من المدرعات، أبرزها المدرعة “قادر 2” التي حصلت على تعزيزات في التدريع باستخدام الدروع السيراميكية، إلى جانب تطوير مدرعة الفهد بإضافة مدفع 30 مم ورفع مستوى الحماية. كما تعرض الهيئة مجموعة من الصواريخ والأنظمة القتالية مثل صقر 73 المضاد للمدرعات، ومنظومات 105 مم و107 مم، إلى جانب ذخائر مسيّرة جديدة.

وفي مجال الروبوتات والأنظمة غير المأهولة، تستعد الهيئة لعرض منظومة "العقرب" الأرضية المطورة بالتعاون مع شركة هفلسان التركية، والتي تعمل بست عجلات بمدى 4 كيلومترات، إضافة إلى مسيّرات فرد مقاتل بالتعاون مع شريك صيني، وطائرة مسيّرة تكتيكية ذات إقلاع عمودي بمدى 100 كيلومتر، ومنظومة محلية للتعامل مع المسيّرات بطرق سلبية وإيجابية.

واختتم عبد اللطيف حديثه بالتأكيد على أن المرحلة الحالية تشهد جهودًا غير مسبوقة لتعميق الصناعة المحلية ونقل التكنولوجيا في مصر، مشددًا على أن غالبية المنتجات التي ستُعرض في المعرض ذات تصنيع مصري كامل، وأن الهيئة تعمل باستمرار على تطوير إمكاناتها، سواء على مستوى المعدات أو العنصر البشري، من خلال أكاديميات متخصصة للتدريب الفني والهندسي تواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.