الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

فتاة تُعذَّب لإثبات شرفها.. بأي حق؟

الخميس 04/ديسمبر/2025 - 09:26 م

هناك لحظة يختنق فيها الكلام.. لحظة يصبح فيها الواقع أكثر قسوة من أن يُروى دون أن يجلدنا جميعًا.

ما حدث مع تلك الفتاة التي أُجبرت  في القرن الحادي والعشرين  على البشعة لإثبات شرفها، ليس مجرد جريمة.. بل سقوط أخلاقي كامل، سقوط لا يليق بمجتمع يُفترض أنه يحتمي بالعلم والدين والقانون.

فتاة تُقاد كأنها تُقاد للمذبح.. تقف مرتعشة، محاطة بنظرات شك واتهام، بينما يُسخَّن الحديد بالنار ليُمرَّر على لسانها.

هذه الطقوس البدائية تُسمّى البشعة -وهي عادة جاهلية قديمة كان الذي يقوم بهذه العادة يستخدم فيها قطعة حديد مُحمّاة، يمرّرها على لسان المتهم؛ فإذا لم تُحرِق لسانه اعتُبر صادقًا، وإذا احترق صار كاذبًا.

نعم.. في عام 2025، يُحاكم شرف فتاة بالنار، بمنطقٍ لا يليق إلا بجهلة.

لو كانت صادقة -كما يتوهمون- لن تُحرق، ولو كانت كاذبة ستلسعها النار.

هذا ليس اختبار شرف.. هذا اختبار لإنسانيتنا.

والأم التي تزغرد في النهاية فرحة ببراءة بنتها ليست مذنبة.. بل ضحية هي الأخرى لجهلٍ متوارث، لثقافة تخلّت عن العقل، ولغياب دولة تجعل العلم فوق الخرافة.

لكن السؤال المرعب:
أين الأطباء؟
أين القانون؟
أين عقل القرن؟
كيف يسمح أهل، وأسرة، ورجل، ومجتمع.. أن تُهان فتاة بهذه الطريقة البشعة؟
كيف نقبل أن نُعاد إلى زمن تُختبر فيه الحقيقة بلسانٍ محروق، والكرامة بقطعة حديد؟

إن الرعب الحقيقي لم يكن حرارة الحديد..
بل حرارة الإهانة.
الخوف الذي شق قلب هذه الفتاة لن يُمحى.. الجرح النفسي لا يبرأ بالنار ولا يبرأ بالزغاريد.

والجملة التي قالتها: فلان ابن فلانة هو اللي اتجوزني بنت بنوت وخد شرفي، ليست جملة.. بل صرخة إنسان مطحون تحت عجلة مجتمع مريض بالشك والهوس.

نحن أمام بشاعة لا بشعة.
بشاعة الجهل..
بشاعة مجتمع يقدّس الشك أكثر مما يحمي الكرامة..
بشاعة رجال بلا وعي..

وبشاعة منظومة كاملة قررت أن تُعيدنا إلى زمن السيف والعار بدلًا من القانون والحق.

إن هذا المشهد بكامله يجب أن يهزّ الدولة بكاملها، لا يجوز أن تمرّ الواقعة كأنها مجرد فيديو على السوشيال ميديا.

نحن بحاجة إلى قوانين تُجرّم مثل هذه الممارسات باعتبارها تعذيبًا، وإيذاءً نفسيًّا، واعتداءً صريحًا على كرامة الإنسان.

نحن بحاجة إلى حملات توعية حقيقية…
إلى خطاب ديني واضح…
إلى تدخل طبي وقانوني…
إلى أن نعيد تعريف الشرف نفسه بعيدًا عن جسد امرأة واتهام رجل.

لأن الحقيقة الواضحة، التي لا تحتاج بشعة لإثباتها، هي:
الشرف مبدأ.. وليس عذراء.
الكرامة حق.. وليست اختبارًا بالنار.

والأهم من يُهين فتاة بهذه الطريقة لا يبحث عن الشرف.. بل يمارس أبشع أشكال العار.

هذه ليست بشعة.
هذه بشاعة.

تابع مواقعنا