قمر في السماء وآخر داخل حمام السباحة.. القصة الكاملة لوفاة الصغير يوسف خلال بطولة الجمهورية
كانت السماء صافية في صباح ذلك اليوم، لكن قلب أسرة يوسف محمد، السباح البورسعيدي الناشئ من بورسعيد، كان مثقلًا بالقلق، فقد كان يوسف يشارك في بطولة الجمهورية للسباحة في سباق 50 مترا، قبل أن يغادر البيت، همس لأمه بابتسامة طفولية: أنا شايف قمرين، واحد في السماء وواحد في حمام السباحة.. لم تكن الأم تعلم أن هذه الكلمات ستكون آخر ما تسمعه منها قبل أن تفقده إلى الأبد.
قمر في السماء وآخر داخل حمام السباحة.. القصة الكاملة لوفاة الصغير يوسف خلال بطولة الجمهورية
وصلت الأسرة إلى المسبح، والأجواء مفعمة بالحماس، الأطفال يسبحون، والمدرب يشجع اللاعبين، لكن ما لبث أن بدأ القلق يتسلل، فقد لاحظوا اختفاء يوسف عن الأنظار للحظات حرجة، حاولت الأم تتبع مكانه، وعندما سألته في ذهنها عن القمر الثاني في الحمام، قال لها يوسف: هتشوفيه دلوقتي.. وما أن قالها حتى تعرض للتعب داخل المياه وغرق أمام أعين الجميع.
كان من المفترض أن يكون هناك مراقبة دقيقة من المنقذين والحكام، لكن الجميع فوجئ بغياب الاستجابة، إذ لم يلتفت أي منقذ إليه في اللحظات الحاسمة، حتى أن أحد زملائه كان أول من لاحظ غرقه وانتشاله قبل تدخل أي مسؤول.
وصلت سيارة الإسعاف، لكنها كانت غير مجهزة بأي أدوات إسعافية، ما اضطر المدرب إلى محاولة إنقاذه باستخدام كم هدومه لمسح وجهه، محاولًا إنعاشه بلا أي معدات طبية، ولم ينجح كل ذلك في إنقاذه، وفارق الحياة وهو محتضن من أمه وأبيه وسط دموعهما التي لم تفارق وجهيهما.
أمه انهارت وصرخت في كل من حولها، ووجهت أصابع الاتهام لاتحاد السباحة، والمنقذين، والحكام، معتبرة أن الإهمال والتقصير كان السبب الرئيسي في وفاة يوسف، وطالبت بمحاكمة كل من تقصّر في حماية حياة ابنها.
مدربه أكد أن يوسف كان بصحة ممتازة، ونفى تمامًا تعاطيه أي منشطات، محمّلًا رئيس الاتحاد ورئيس اللجنة الأولمبية المسؤولية الكاملة، مشيرًا إلى غياب رئيس الاتحاد عن العزاء وإغلاقه هاتفه، مضيفًا أن وفاة يوسف كانت على يديه داخل الإسعاف بلا أي أدوات إسعافية، وروى لحظة محاولة إنقاذه بكم هدومه.
يُذكر أن يوسف كان بطلًا سابقًا في بطولات الجمهورية وحصل على عدة بطولات أخرى في السباحة، وشارك في سباق 50 مترا خلال البطولة الأخيرة، لكن غياب المنقذين والإسعافات أسفر عن مأساة لا يمكن محوها من ذاكرة أسرته ومحبيه.
بعد الحادث، أودع جثمان يوسف بالمشرحة لإجراء الصفة التشريحية، فيما تباشر النيابة التحقيقات، وأحال وزير الرياضة الواقعة للنيابة للوقوف على أسباب الحادث ومحاسبة المقصرين، كما طالبت الأسرة وزير الشباب ومحافظ بورسعيد بتخليد اسم يوسف على إحدى البطولات أو المباني الرياضية، ليظل ذكرى حية للبطل الذي رحل قبل أن يكمل أحلامه.
