مؤسسة التمويل الإيطالية تدرس إمكانية تقديم دعم مباشر للشركات المصرية لتمويل خطط التوسع
انطلقت الجلسة النقاشية العاشرة التي نظمتها شركة كونسبت لتنظيم المعارض والمؤتمرات في ختام فعاليات الدورة العاشرة للمعرض التجاري الدولي للأغذية والمشروبات "فوود أفريكا"، والذي عقد خلال الفترة من 9 وحتى 12 ديسمبر بمركز مصر للمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة، وافتتحه الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير النقل والصناعة وسط حضور مكثف من رجال الأعمال والخبراء والمتخصصين في مجال الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية.
المعرض التجاري الدولي للأغذية
وعقدت الجلسة تحت عنوان "برامج الاستثمار والبحث والابتكار الأوروبية في الأغذية والزراعة"، شارك في الجلسة كل من السيد نيكولاوس زيميس، رئيس قسم الاستثمار والتجارة، ببعثة الاتحاد الأوروبي بمصر، والسيد جويدو باتيستا، رئيس مكتب القاهرة، كاسا ديبوزيتي إي بريستيتي، إيطاليا، والدكتور. كارستن ترانسفيلد، نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة في ماجديبورغ، بألمانيا، أدارت الجلسة السيدة.دورا فياني، رئيسة، مؤسسة اقتصاد المعرفة / منصة بشاير.
حضر هذه الجلسة النقاشية عدد كبير من رجال الصناعة والخبراء والمتخصصين فى مجال الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، الى جانب مشاركة داليا قابيل المدير التنفيذى لشركة كونسبت المنظمة لمعرض فوود افريكا.
وأكد نيكولاوس زيميس، رئيس قسم الاستثمار والتجارة، ببعثة الاتحاد الأوروبي بمصر، حرص الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة الحالية على تعزيز الحوار الثنائي حول السياسات الزراعية مع دول الشراكة، وفي مقدمتها مصر، موضحًا أن هذا التعاون يتسق مع جانبين مهمين أولهم سعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق اتساق كامل بين سياساته الداخلية والخارجية، ضاربًا المثل بسياسة حظر المبيدات داخل أوروبا، مشيرًا إلى أن عددًا من المبيدات قد جرى حظرها تمامًا في دول الاتحاد، رغم استمرار استخدامها في دول أخرى حول العالم.
وأوضح أنه بالتوازي مع جهود إقناع الشركاء — ومنهم دول شمال إفريقيا — بتقليل استخدام هذه المبيدات أو التخلص منها، فإن الاتحاد الأوروبي لن يسمح بدخول أي منتجات غذائية إلى أسواقه إذا جرى إنتاجها باستخدام مواد محظورة داخل أوروبا، ويتضمن الجانب الثانى إعلان الاتحاد الأوروبي عن تطبيق مستوى أعلى من الرقابة على الواردات الغذائية، سواء داخل دول الشراكة أو في الجمارك الأوروبية نفسها، لافتًا إلى أن هذه الإجراءات الجديدة أُعلنت قبل يومين فقط.
وتطرّق زيميس إلى طبيعة التعاون القائم بين الاتحاد الأوروبي ومصر، خاصة في مجال الرقابة الغذائية، حيث تقوم لجان من الاتحاد بإجراء زيارات تفتيشية دورية على طرق الإنتاج والصناعات الزراعية في مصر مثل البطاطس والفراولة والعنب والأعشاب وذلك بتنسيق كامل مع هيئة سلامة الغذاء ووزارة الزراعة،مؤكدًا أن مستوى التعاون ممتاز، إلا أن عمليات التفتيش ستتزايد خلال المرحلة القادمة، مع تطبيق رقابة إضافية داخل الجمارك الأوروبية لضمان الالتزام بمعايير الجودة.
كما استعرض تطور العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، مشيرًا إلى أن الصادرات المصرية من المنتجات الغذائية الطازجة والمصنّعة إلى الاتحاد الأوروبي بلغت نحو مليار يورو عام 2022، بينما وصلت في عام 2025 إلى ما يقارب 3 مليارات يورو، مؤكدًا أن هذا النمو بنسبة 200% يعكس قدرة الشركات المصرية على الالتزام بأعلى المعايير العالمية، وهي المعايير الأكثر صرامة على مستوى العالم، مشيدًا بدور وزارة الزراعة وهيئة سلامة الغذاء في هذا التطور.
وأضاف أن العلاقة بين مصر والاتحاد الأوروبي لا تقتصر على تجارة المنتجات الغذائية فقط، بل تشمل أيضًا مدخلات الإنتاج الزراعي، فمصر تُعد ثاني أكبر مورّد للاتحاد الأوروبي من الأسمدة، وهي تجارة تتراوح قيمتها بين3 الى 4 مليارات يورو، مما يجعل صادرات مصر عنصرًا أساسيًا في دعم المزارعين الأوروبيين.
وكشف زيميس عن خطوات جديدة لتعزيز حركة التجارة، معلنًا — لأول مرة — انه يجرى حاليا مباحثات مكثفة لتدشين خطين شحن جديدين Ro-Ro بين مصر واليونان تتضمن خط من الإسكندرية إلى ميناء باتراس وخط آخر من دمياط إلى ميناء فولوس، وذلك الى جانب الخط الحالى بين ميناء دمياط وميناء ترييستا الإيطالي، وهو ما سيدعم نقل المنتجات الطازجة سريعة التلف وستسهم هذه الخطوط في تسهيل وصول الصادرات المصرية إلى أسواق شرق أوروبا.
كما أشار الى القمة الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي ومصر التي عُقدت في بروكسل، والتي كانت أول قمة ضمن الشراكة الاستراتيجية الجديدة، لافتًا الى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وعددًا من الوزراء شاركوا في مناقشة ملفات عديدة، بما فيها ملف الزراعة، وتم الاتفاق على أهمية إعطاء أولوية للاستثمارات في الزراعة المستدامة باعتبارها محورًا أساسيًا في مستقبل التعاون بين الجانبين.
ومن جانبه أوضح جويدو باتيستا، رئيس مكتب القاهرة، لمؤسسة كاسا ديبوزيتي إي بريستيتي، إيطاليا (مؤسسة التنمية الإيطاليةCDP)، أن التعاون القائم بين الجانبين يشهد تطورًا إيجابيًا، خاصة في ظل اهتمام المؤسسة الايطالية بدعم القطاع الزراعي، مشيرًا إلى أنه يعمل في مصر منذ عامين تقريبًا، ما أتاح له فهمًا أعمق للسوق المحلي وتحدياته الأساسية، وكيف يمكن للمؤسسة تقديم حلول مالية مناسبة عبر أدوات التمويل المتاحة حاليًا.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي يولي اهتمامًا خاصًا في الفترة الحالية بقطاع الأغذية الزراعية (agribusiness) في مصر، وأن مؤسسة CDP جزء فعال في هذه المنظومة، كاشفًا عن أهم خطوة تم تنفيذها مؤخرًا، حيث تم في مايو 2025 توقيع أول اتفاقية مع المفوضية الأوروبية لإطلاق برنامج ضمان مالي لدعم وصول المزارعين والـSMEs للتمويل في إفريقيا، مع تخصيص شريحة خاصة لمنطقة شمال إفريقيا، وعلى رأسها وادي النيل.
وأضاف باتيستا أن برنامج الضمان الجديد الذي يحمل اسم TERRA ومعناه “الأرض” بالإيطالية يعمل على تقليل المخاطر المرتبطة بتمويل المشروعات الزراعية، مما يتيح تقديم قروض بفوائد وشروط أفضل للمستفيدين. ويُطبق البرنامج من خلال ثلاثة مسارات، الأول يتضمن التعاون مع البنوك المحلية عبر تخصيص جزء من الضمان لصالحها بهدف تحسين شروط الإقراض، والثانى تقديم ضمان مباشر للبنوك دون تمويل إضافى، بينما يتضمن المسار الثالث وهو الأهم — ووجّه بشأنه دعوة مباشرة للحضور — إمكانية تقديم تمويل مباشر من CDP للشركات الخاصة في مصر، لتمويل خطط التوسع بمعدلات فائدة أقل من السوق المحلي، معتمدة على ضمان المفوضية الأوروبية.
وأكد أن المكتب المحلي للمؤسسة الإيطالية في القاهرة جاهز لاستقبال الشركات المهتمة ومناقشة فرص التمويل مباشرة، مشيرًا إلى أن حجم البرنامج يبلغ 110 ملايين يورو لإفريقيا، منها 30 مليون يورو لشمال إفريقيا، ورغم أنها بداية، إلا أنه يرى أن احتياجات السوق أكبر بكثير، وأن زيادة الاهتمام من جانب الشركات سيسهم في تعزيز مخصصات التمويل مستقبلًا.
وأشار باتيستا كذلك إلى أن برنامج TERRA يتضمن شريحة مخصصة للدعم الفني (Technical Assistance) تحت إشراف منظمة الفاو FAO، في مثال واضح للشراكات الدولية في دعم الزراعة، مؤكدًا أن دور CDP لا يقتصر على هذا البرنامج فقط، بل يشمل دعمًا موسعًا لقطاع الزراعة في مصر عبر أدوات تمويل متنوعة تشمل تمويل مشروعات البنية التحتية، ومشروعات معالجة المياه والري، والتمويل الموجه للمؤسسات الحكومية، وخطوط ائتمان للبنوك، وتمويل مباشر للشركات.
وبدوره قدّم الدكتور كارستن ترانسفيلد، نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة في ماجديبورغ، بألمانيا، عرضا حول الغرفة الواقعة في شمال ألمانيا بالقرب من برلين، والتي تمثل أكثر من 53 ألف شركة معظمها من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، موضحا أن الغرفة لديها خبرة كبيرة في معرفة التحديات والمتطلبات التي يجب على هذه الشركات الالتزام بها لتطبيق القوانين الأوروبية.




