أمريكا تدفع بقوة نحو غزة الجديدة.. مرحلة ثانية تتقدم رغم التحفظات ومجلس سلام يتشكل فوق واقع مأزوم
تتحرك الولايات المتحدة بثبات نحو الانتقال إلى المرحلة الثانية من مشروعها الخاص بغزة مطلع عام 2026، في خطوة يبدو أنها ستنفذ حتى لو لم تحصل على موافقة حماس أو اعتراض محدود من إسرائيل، وهذا الإصرار يعكس رؤية أمريكية شاملة لإعادة صياغة بنية الحكم في غزة، ويكشف بحسب مصادر غربية أن واشنطن تعتبر اللحظة الإقليمية الحالية فرصة لا يمكن تفويتها.
وفق المعطيات المتاحة، تضغط الولايات المتحدة على الوسطاء الإقليميين لدفع حماس إلى القبول بنزع سلاحها، لكنها في الوقت نفسه تستعد لإعلان مجلس السلام والانتقال إلى المرحلة التالية حتى من دون هذه الموافقة.
ويعد المبعوث الأمريكي أرييه لايتستون إحدى الشخصيات المحورية في هذا التحرك، إذ ينقل رؤية تقول إن واشنطن تريد غزة موحدة تدار من قبل الغزيين أنفسهم.
ورغم أن هذا الطرح يصطدم بمواقف إسرائيلية أبرزها توصيف رئيس الأركان إيال زمير للخط الأصفر كحد فعلي جديد داخل القطاع فإن التقديرات تشير إلى أن إسرائيل لن تعرقل مسار واشنطن.
وتؤكد مصادر دبلوماسية أن الولايات المتحدة لا تجعل من استعادة رفات الجندي الإسرائيلي رني غويلي شرطًا أساسيًا للانتقال إلى المرحلة الثانية، بل تركز على دفع حماس للقبول بنزع السلاح ونقل الحكم التنفيذي للجنة التكنوقراطية الفلسطينية.
وتفيد معلومات من الوسطاء بأن مصر وقطر وتركيا تضغط على الحركة في هذا الاتجاه، على أساس أن موافقة حماس ستمهد لتسليم القطاع بالكامل إلى مجلس السلام وقوة دولية ISF تحصل على ضمانات تمنع احتكاكها العسكري المباشر مع الحركة.
أما إذا لم توافق حماس، فتخطط الولايات المتحدة للمضي قدمًا في إعلان المرحلة الثانية، مع بدء الإدارة من النصف الشرقي للقطاع الخاضع حاليًا للسيطرة الإسرائيلية.
وفي هذا السيناريو، ستتقدم بسرعة خطة المجتمعات الآمنة شرق الخط الأصفر، وسط غموض حول إمكانية تشكيل قوة دولية في هذه المرحلة وما إذا كانت إسرائيل ستنسحب لإفساح المجال أمامها.
وتتضح تدريجيًا ملامح البنية التنظيمية لمجلس السلام
•في القمة دونالد ترامب مع عدد من القادة العرب والغربيين.
•في المستوى التنفيذي شخصيات بارزة مثل ستيف ويتكوف، جاريد كوشنر، توني بلير، نيكولاي ملادينوف، ورئيس البنك الدولي أجاي بانغا، إضافة إلى رجال أعمال لم تعلن أسماؤهم بعد.
هذه اللجنة التنفيذية ستكون المحرك الفعلي لإدارة التمويل والمشاريع وإعادة الإعمار، عبر تنسيق مباشر مع اللجنة التكنوقراطية الفلسطينية.
لكن على الأرض، تبدو الصورة مختلفة تمامًا.
فغزة تعيش واحدة من أقسى المراحل الإنسانية في تاريخها الحديث فعشرات الآلاف من النازحين في خيام هشة، ونقص حاد في المواد الأساسية، بينما تواصل إسرائيل بدعم أمريكي فعلي
منع إدخال خيام متينة أو كرفانات بذريعة الاستخدام المزدوج إلى أن توافق حماس على شروط المرحلة الجديدة.
في المقابل، تشير مصادر إسرائيلية رفيعة إلى أن الإدارة الأمريكية تعمل على بدء نشاط القوة الدولية خلال الشهر المقبل، ضمن نموذج مستوحى من التجربة في لبنان.
وقد رُسمت الخطوط العامة للخطة نيكولاي ملادينوف سيترأس مجلس السلام، بينما سيقود جنرال أمريكي برتبة نجمتين قوة ISF. ومع ذلك، تبقى أسئلة محورية بلا إجابات واضحة.
هل ستشارك تركيا في القوة؟ هل يأتي الانسحاب الإسرائيلي قبل أي خطوة لنزع السلاح؟ وهل يشمل نزع السلاح قدرات محددة أم منظومة أوسع؟.
في خلاصة المشهد، تبدو الولايات المتحدة عازمة على صناعة مرحلة ثانية في غزة، سواء بالتفاهم أو برغم الاعتراض، وبينما ترسم هندسة سياسية جديدة في الأروقة الدولية، يبقى سكان غزة عالقين بين مشاريع عالمية ضخمة وواقع يومي مثقل بالبرد والدمار والانتظار.


