تجارة حرة واستثمارات مليارية.. مصر وقطر تؤسسان لمرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية
أسست مصر وقطر مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية عبر توقيع اتفاقات ضخمة بين الشركات من البلدين بداية من صفقة علم الروم الضخمة، البالغة 7.4 مليار دولار وستدر 3.5 مليار دولار سيولة نقدية لمصر، وحتى مشروعات وقود الطائرات واستثمارات السياحة والفنادق في القاهرة.
الاستثمارات القطرية في مصر
وقال ناصر حسن الأنصاري، رئيس شركة جست ريل ستيت القطرية، في تصريح لـ القاهرة 24، على هامش منتدى الأعمال المصري القطري، اليوم الأحد، إن مصر أصبحت من أهم دول العالم جذبا للاستثمارات العربية، في ظل التنوع الاقتصادي الذي تحظى به البلاد.
وتابع الأنصاري بأن الشركات القطرية تتوقع مضاعفة الاستثمارات المتوقعة في مصر خلال المرحلة المقبلة، عقب تنفيذ المشاريع المخطط لها في علم الروم، واستثمارات الصناعة والسياحة والفنادق التي تعتزم الشركات القطرية الإقبال عليها.
وقال خالد الكواري العضو المنتدب لشركة دلتا للتعاون القطرية، لـ القاهرة 24، إن مناخ الاستثمار في مصر بات مشجعا على قدوم الشركات القطرية، لإنشاء مشاريع خاصة في القاهرة بغرض التصدير إلى الأسواق المحيطة لتونس وليبيا والجزائر والمغرب، والاستفادة من اتفاقات التجارة الحرة التي تتمتع بها مصر.
وافتتح المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، فعاليات منتدى الأعمال المصري القطري، بحضور القاهرة 24، ووجود الدكتور أحمد بن محمد السيد، وزير الدولة القطري لشؤون التجارة الخارجية، وبمشاركة واسعة من مجتمع الأعمال في البلدين.
وأكد الخطيب أن العلاقات بين مصر وقطر تقوم على أسس متينة من الثقة والتعاون المشترك، مشيرا إلى أن قوة مؤشرات التعاون تعكس هذا العمق، حيث بلغ حجم الاستثمارات القطرية في مصر نحو 3.2 مليار دولار موزعة على أكثر من 266 شركة في قطاعات متنوعة.
وشهد التبادل التجاري بين البلدين زخمًا إيجابيًا واضحًا، حيث ارتفع بنسبة تقترب من 80% خلال عامين، ليبلغ 143 مليون دولار في الأشهر العشرة الأولى من عام 2025.
وأضاف الوزير أن العلاقات تلقت دفعة قوية بعد زيارة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة ولقائه بسمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، مما أسفر عن الاتفاق على تعزيز التعاون، والإعلان عن حزمة استثمارات قطرية جديدة، في مقدمتها مشروع تطوير منطقة علم الروم في الساحل الشمالي.
إصلاحات هيكلية تعزز جاذبية السوق المصري
وأكد الخطيب أن مصر تسعى خلال السنوات المقبلة لترسيخ مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمار، مستندةً إلى مقومات تنافسية واضحة كالموقع الجغرافي الفريد وتوافر الكوادر البشرية المؤهلة.
وأوضح أن الدولة ركزت خلال السنوات العشر الماضية على بناء أساس اقتصادي صلب عبر استثمارات كثيفة في تطوير البنية التحتية من طرق وموانئ ومناطق لوجستية، وهي الآن في مرحلة البناء على هذا الأساس عبر إطلاق إصلاحات هيكلية ومؤسسية واضحة.
على صعيد السياسة النقدية، أسهمت السياسة المنضبطة في خفض التضخم، إلى جانب تعزيز الاحتياطي النقدي إلى 50.2 مليار دولار وزيادة تحويلات المصريين إلى 36.5 مليار دولار، مما دعم الاستقرار الاقتصادي الكلي واستعادة الثقة. أما في السياسات المالية، فقد أسهمت حزم الإصلاح في توسيع القاعدة الضريبية بنحو 35% دون فرض أعباء ضريبية جديدة، بينما تعمل الدولة على خفض الأعباء المالية غير الضريبية لتقليل التكلفة الفعلية على الاستثمار وتعزيز الشفافية.
تسهيل الإجراءات وفتح آفاق التكامل الصناعي
وأشار وزير الاستثمار إلى أن السياسة التجارية المصرية تستهدف خفض العجز في الميزان التجاري عبر تعظيم الصادرات إلى 145 مليار دولار وتسهيل الإجراءات وخفض تكلفتها بنحو 90%. وتبنت الدولة هدفًا طموحًا يتمثل في أن تكون مصر ضمن أفضل 50 دولة عالميًا في مؤشرات تنافسية الاستثمار والتجارة خلال العامين القادمين، وبدأ هذا التحول عبر التحول الرقمي الشامل وتبسيط الإجراءات من 34 خطوة إلى 9 خطوات فقط. كما تم تقليل الزمن المستغرق في الإفراج الجمركي من 16 يومًا إلى 5.8 يومًا مع استهداف الوصول إلى يومين.
وأوضح الخطيب أن مصر تطرح فرصًا استثمارية واعدة ومتنوعة في إطار رؤية تقوم على التكامل وتبادل المزايا، حيث تستند الشراكة إلى الجمع بين رأس المال والخبرة القطرية والقدرات الإنتاجية المصرية. وتتضمن الفرص قطاعات الصناعة (لا سيما مكونات السيارات، والمنسوجات، والألومنيوم)، وقطاع السياحة والتنمية العمرانية، والطاقة الجديدة والمتجددة. وأكد حرص الحكومة المصرية على دعم المستثمرين القطريين عبر تشكيل لجنة متخصصة لتيسير إجراءات الاستثمار والتجارة.
تعزيز الشراكة في الصناعة والنقل البحري
على هامش المنتدى، التقى المهندس حسن الخطيب بنظيره القطري الدكتور أحمد بن محمد السيد، وبحثا سبل تعزيز الشراكات الاقتصادية وتفعيل دور مجلس الأعمال المشترك لدعم تنفيذ الاتفاقيات التجارية. كما عقد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، لقاءً موسعًا لبحث تدشين مشروعات تكاملية مصرية قطرية، خاصة في الصناعات التي تحتاج إلى استكمال حلقات إنتاجية مثل الألومنيوم وصناعة السيارات والمنسوجات، بما يسهم في توطينها وتعزيز تنافسيتها.
كما أكد الفريق الوزير على أهمية التعاون في مجال النقل البحري، خاصة في إدارة محطات الحاويات والبضائع العامة، مشيرًا إلى النقلة النوعية التي يشهدها هذا القطاع بإضافة 5 موانئ جديدة ليصل عددها إلى 19 ميناء، وبناء أرصفة جديدة تتخطى أطوالها 100 كم، مما يرفع الطاقة الاستيعابية إلى 40 مليون حاوية مكافئة سنويًا. وأكد الجانبان تطلعهما لمواصلة الحوار البناء وتفعيل المشروعات المشتركة لتعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.








