الخميس 18 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

حياة في الأرشيف.. مصطفى عبيد بين "وثائق مصر قبل يوليو" والترجمات والمذكرات| حوار

مصطفى عبيد
تقارير وتحقيقات
مصطفى عبيد
الخميس 18/ديسمبر/2025 - 04:45 م

المصادر البريطانية عن فترة ما قبل يوليو لم تُقرأ بالآنية المطلوبة

ثورة يوليو أرجعت مصر سنوات طويلة إلى الخلف وصنعت أزمات ما زلنا ندفع ثمنها

الخطاب المغالي بعد يوليو أسس لمجتمع اتكالي يفتقد روح الابتكار والإبداع

لا أكتب التاريخ بالأسلوب الروائي ولا أخلط بين البحث والخيال

الوصول إلى الوثائق التاريخية في مصر شديد الصعوبة رغم وجود مؤسسات كبرى

الكثير من الوثائق في مصر لا يسمح باستعارتها تحت ذريعة ضعف حالتها أو وجودها في المخازن

في الترجمة ألتزم بنقل النص كما هو دون زيادة أو نقصان.. وفي المذكرات أنقل الشهادة ولا أفرض رأيي إلا في الهوامش

مذكرات محمد لطفي منصور لم تُترجم بل أُعيدت صياغتها لتناسب القارئ العربي

هذا سبب اختلاف عنوان مذكرات محمد منصور بين النسخة العربية والإنجليزية

مصر أسيرة أسوأ من عليها وهما جمال عبد الناصر وحسن البنا

أنا وأحمد مراد شركاء في الجريمة الكبرى وهي الكتابة والإبداع

يمتلك الكاتب والروائي مصطفى عبيد مشروعًا خاصًا في إعادة قراءة التاريخ، وبالتحديد تاريخ مصر ما قبل ثورة الثالث والعشرين من يوليو، فمؤخرًا أصدر كتابه الأحدث "مخبرون ومخبرون.. قصة البوليس السياسي السري في عهد الاحتلال من واقع الوثائق البريطانية"، مصطحبًا أدواته التاريخية للتنقيب في ملفات رجال الأمن السياسي السري في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، راصدًا حكايات مُخبرين سريين عُتاة، استثنائيين، غاية في الذكاء والدهاء، كاشفًا عن صراعهم في لعبة الدفاع عن السلطة، ومآلات هذا الصراع في سيرة دامية شارك فيها قتلة، وأشرار، وأبطال، وخونة، وشهدت تحولات وغرائب وفضائح وجرائم تستحق الحكي.

 

غلاف الكتاب الأحدث
غلاف الكتاب الأحدث

فمن جورج فليبيدس، الشامي المتمصر الذي جمع ثروته من العمل الأمني، إلى مكفرسون، صاحب المزاج المتقلب، ومن إنجرام، الداهية الإنجليزي الرهيب، وصولًا إلى نجيب الهلباوي الخائن الغامض، ومن كيون بويد المُتغطرس، إلى سليم زكي المُخيف.

لمصطفى عبيد عدة إصدارات تركز على تلك الفترة، وقدم للمكتبة المصرية أعمالًا مهمة، منها "سبع خواجات"، كاشفًا عن جانب مطموس ومخفي في التاريخ الحديث، خاص بالمستثمرين الأجانب، والذي تعرض للتحريف بعد ثورة يوليو في ظل المد القومي والاشتراكي، و"أبناء محيي الدين"، و"ابنة الديكتاتور"، ومذكرات شخصيات إنجليزية شاركت في صناعة جزء من تاريخ مصر الحديث.

وفي حواره مع القاهرة 24، يجيب مصطفى عبيد عن عدد من الأسئلة التي تتعلق بمنهجيته في البحث التاريخي، وموقفه من ثورة يوليو، وأسئلة أخرى.. وإلى نص الحوار:

 

في الكتاب الأخير كان هناك اعتماد على الوثائق البريطانية.. هل كان الوصول إليها متاحًا بسهولة؟

 

الوثائق البريطانية والأرشيف البريطاني، طبعًا الوصول إليهما سهل وليس صعبًا ولا معقدًا، وهو يعني أولًا متاح على شبكة الإنترنت، الدخول إلى الأرشيف العام، ومن خلال الأرشيف العام تحدد الوثائق المطلوبة تحديدًا، وترسل ما يشبه اشتراك لها، وتستطيع أن تحصل على نسخة منها وتترجمها.

هذا متاح وليس صعبًا، ومتاح أيضًا لبعض الناس، وأنا عندي ناس مشتركة في الأرشيف البريطاني، مقيمين في لندن، أصدقاء أعزاء، وبطلب منهم أوراق محددة، يعني أنت أوراق ممكن تبقى زي مثلًا تقرير عن الانتخابات البرلمانية في مصر سنة سبعة وعشرين، أو الأوراق الخاصة لمسؤول أمني بريطاني زي إنجرام، أو الأوراق الخاصة لتوماس راسل، فبخلاف كتابه هناك أوراق خاصة له، وممكن الأوراق الخاصة تقدر تطلبها بسهولة، فهي متاحة بشكل كبير.

هل بريطانيا تحتفظ بوثائق الدول الأخرى بذات القدر؟

طبعًا بريطانيا مش بتحتفظ بوثائق تخص استعمارها لمصر فقط، وإنما هي تحتفظ بوثائق لكل تاريخها، وكل دول العالم الغربي لديها منصات ومراكز أرشيف معتمدة وجيدة ومتميزة جدًا جدًا للوثائق الخاصة بها، ومتاحة للباحثين، ومتاحة للخبراء والمحللين، وهناك قوانين واضحة تنظم ذلك، تعلي مبدأ الشفافية، وكل الوثائق بعد فترة محددة من السنين تتاح، فهي موجودة، وغير هذه الوثائق في كتب كثيرة وشهادات مهمة باللغة الإنجليزية صدرت في بريطانيا لم تؤخذ في الاعتبار فيما يخص التاريخ المصري أو رصد الأحداث في مصر، ودي كانت معين مهم جدًا.

لماذا تركز في كتبك على الفترة التي سبقت ثورة 23 يوليو؟

لأن هذه الفترة أولًا فيها مصادر جيدة جدًا جدًا، خاصة المصادر البريطانية التي لم تُقرأ بالآنية المطلوبة ولم تُرصد كما ينبغي، وهي أيضًا فترة خصبة، وفيها كثير من الحكايات والأحداث والمواقف المهمة اللي يجب الالتفات لها وإعادة قراءتها مرة أخرى.

البعض قد يلاحظ أنك تحمل موقفًا سلبيًا لثورة 23 يوليو.. ما تعليقكم؟

قطعًا أنا لا أحمل كراهية لثورة 23 يوليو ولا محبة، وإنما في البداية لا توجد أي مصلحة شخصية تجعلني أحب أو أكره ثورة 23 يوليو، ولكن التصور العام أو الخلاصة التي ارتأيتها من قراءات عديدة، ومن متابعات، ومن بحوث، أن ثورة 23 يوليو أرجعت مصر سنوات كثيرة جدًا إلى الخلف، وكانت وراء تكدس وتراكم مشكلات أزلية ندفع ثمنها اليوم، ويدفع ثمنها الجيل الحالي والأجيال التالية.

مصطفى عبيد
مصطفى عبيد

ما زالت الحكومات، خلف الحكومات، مضطرة أنها تواجه هذه المشكلات التي بدأت صناعتها مع ثورة يوليو، ومع الخطاب المغالي والمبالغ في تعظيم ما هو قادم وما هو آتٍ، يعني الدرجة أدت إلى صناعة شعب اتكالي أو مجتمع اتكالي، يعني تغيب عنه فكرة الابتكار والإبداع، وصناعة وصياغة نظام حكم شمولي مستبد مركزي، يعصف بكل من يطرح فكرًا مغيرًا له. هذا تصوري، وقد يكون تصورًا صحيحًا وقد لا يكون صحيحًا، لكنه في البداية والنهاية هو نتاج قراءتي وتحليلاتي الشخصية دون أن أحملها إلى آخرين.

التعامل بالأسلوب الروائي مع الأحداث التاريخية.. هل هو المنهج الذي يعتمده مصطفى عبيد؟

لا أستخدم الأسلوب الروائي في كتابة التاريخ، فالتاريخ تاريخ، والرواية رواية، وما يتم تصنيفه كرواية يبقى كرواية له خلفية تاريخية، نعم، لكن ليس لدي يقين فيما أقدمه داخل هذا النص، فأجد القالب الروائي قالبًا أرحب وأيسر لطرح فكرة ما، لطرح تشكك، لرمي خط أولي للباحثين أو للمتلقين ليفكروا فيه فيما بعد، لكن أنا أفرق طبعًا تمامًا بين التاريخ والرواية. التاريخ أو كتاب البحث التاريخي هو كتاب اجتهادات تتصور الحقيقة، لكن الرواية هي نص خيالي، يعني يطرح في النهاية سيناريو ليس هناك يقين أنه حدث، ولكن يمكن تصور منطقيته، فأنا أفرق تمامًا ما بين الرواية وما بين كتابة التاريخ.

الوصول إلى الوثائق التاريخية في مصر.. هل هو متاح بسهولة؟

الوصول للمراجع والوثائق صعب، حتى مع وجود دار عظيمة للكتب والوثائق في مصر، ووجود مكتبة كبيرة وعظيمة مثل مكتبة الإسكندرية، كثير من المراجع التي نجدها متاحة في هيئة الكتاب وفي دار الكتب لا يسمح باستعارتها تحت ذريعة مثلًا ضعف حالتها أو وجودها في المخازن، وكثيرًا ما نستغرق وقتًا طويلًا جدًا حتى نصل إلى مراجع معينة.

أصدرت ترجمات عديدة.. ما هو المنهج الذي تتبعه في هذه النوعية؟

منهجي فيما يخص الترجمات هو أن أقدم النص المكتوب كما هو، يعني دون زيادة أو نقصان، وإنما وفق اللغة الخاصة التي تبدو للقراء سلسة، مع إضافة الهوامش الموضحة. لكن فيما يخص المذكرات، أنا أنقل شهادات الآخرين دون أن أقول رأيي في هذه الشهادات إلا في ما ندر، يعني أن أقدم هذا في الهامش، لكن لا أغير حقيقة أو طرح أو شهادة.

حدثنا عن تجربة مذكرات محمد لطفي منصور؟

تجربة مذكرات محمد لطفي منصور كانت تجربة صياغة نص باللغة العربية أكثر منها فكرة كتابة المذكرات نفسها، وهذا كان السبب إني عندما قُدمت لي النسخة الإنجليزية حتى أقرأها وأترجمها، وجدت بعض الحكايات مقدمة ومحكية بأسلوب يجذب ويرضي ويمتع القارئ الغربي الأجنبي، ولكن قد لا يفهمه القارئ الشرقي أو العربي، فاقترحت عليهم إعادة كتابة المذكرات بصياغة جديدة، وبفصول جديدة، وبعنوان جديد، لأن العنوان الأول كان اسمه "Drive to Succeed" يعني "قيادتي حتى النجاح"، وأنا ارتأيت أن يكون "مسيرتي" كعنوان شامل ومعبر بشكل أوقع، وأعدت ترتيب الفصول مرة أخرى، وغيرت عناوينها، وبعض الفصول رأيت أنها يمكن أن تضم إلى فصول أخرى، وبعضها يُقسم ويعاد تقسيمه، فأعدت صياغة النسخة العربية كلها بدلًا من الترجمة، ودي كانت الفكرة الأساسية اللي عرضتها.

مذكرات محمد لطفي منصور
مذكرات محمد لطفي منصور

هل هناك أجزاء في النسخة الإنجليزية لم تُنشر بالعربية؟

لا توجد أجزاء لم تُترجم للعربية من النسخة الإنجليزية، لكن بعضها أُعيد صياغتها بشكل آخر وبطريقة مختلفة، كما يعني أقول إن في النص الإنجليزي دائمًا قد يبهر القارئ الإنجليزي عند حكايته بشكل ما، وعندما يُترجم يفقد جاذبيته ويفقد تأثيره، فتضطر أن تغير فيه.

مؤخرًا كتبت أن تجديد الخطاب الديني هو نفخ في قِرَب مقطوعة.. في رأيك ما هو الحل؟

عندي خطاب عام في فكرة تجديد الخطاب الديني، وفي القيامة الليبرالية الغائبة عن المجتمع المصري، وأنا شايف إن مصر يعني أسيرة، يعني أسوأ من مر في مصر هما شخصان: جمال عبد الناصر وحسن البنا، وأتصور أن الاستقطاب ما بين السلطة السياسية الشمولية من ناحية، والسلطة الدينية الإقصائية من ناحية أخرى، أضر بالفكر والإبداع والفن المصري، وما زال يعني مضرًا بشكل كبير.

لماذا تفضل دومًا أن يساهم أحمد مراد في إصدار أغلفة كتبك؟

أحمد مراد صديق عمر بالنسبة لي، وصديق مقرب، وأشعر دائمًا أننا نحن الاثنين شركاء في الجريمة الكبرى، وهي الكتابة والإبداع، فده بيخليه كل ما أعمل كتاب يصر على تصميمه لي، وده يسعدني طبعًا جدًا.

تابع مواقعنا