السبت 20 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

تعريف جديد لـ العاطفة.. «ولنا في الخيال حب» حينما يقع المحبون في اختبار

الجمعة 19/ديسمبر/2025 - 09:02 م

من اللحظة الأولى عند قراءة اسم العمل، تعلم أنه فيلم رومانسي، خاصة بوجود حسناء مثل مايان السيد وشاب يمتلك قدرا من الوسامة مثل عمر رزيق، في البداية لن تعبأ بوجود أحمد السعدني في الخلفية بل وستظن لوهلة أن دوره لن يتخطى كونه مساعدا في العمل لسير الأحداث لا أكثر، إلا أن كل هذا سيتبخر مع دقائق العمل الأولى، التي كشفت عن لوحة فنية وثقافية ولون غاب كثيرا عن السينما المصرية.

يبدأ الفيلم بداية تقليدية، تهيئ المشاهد نفسيا لمشاهدة العمل وتدخله في أجوائه الخريفية هادئة الإيقاع، نوح ووردة شابان يحبان بعضهما منذ الصغر، تقاطعات أقدارهما أن يدرسا في نفس الهيئة الأكاديمية مع اختلاف التخصصات، إلا أن وردة جادة تبحث عن ذاتها وتركز على أدق تفاصيل حياتها من أجل تحقيق أهدافها كافة، بينما نوح رغم صدقه في حبها غير أنه طائش قليلا ولا يحسن صنعا في تعبيره عن حبه لها، وهنا تأتي فلسفة الحب في هذا العمل، والتي أرى أن الحب ليس مشاعر صادقة فقط، بل يجب أن يكون هناك عقل ضابط لها، بحيث لا تتبعثر مع أول هفوة أو مع تكرار الأخطاء بين الطرفين دون إيجاد حل رادع منذ البداية، وهو أيضا مسؤولية حتى وإن كان الطرفان صغيران في السن.

الحب أيضا معقد، فنحن نحب فجأة بل ونختار أشخاصا ما كنا نظن أننا يمكن أن نحبهم يوما، وربما الأمر لم يكن حبًا، إنما مشاعر غير ناضجة نظنها سفها أنها حب، وهذه الإشكالية بطلها الرئيسي الدكتور يوسف مراد، الذي لعب دوره باحترافية الفنان أحمد السعدني، والذي يمثل الحكمة الخامدة في الأعماق فأتت عليها التجارب والأحداث مفجرة إياها، فرغم فارق السن بينه وبين وردة ونوح، فإن الثلاثة شكلوا معادلة صعبة ومفارقة كبيرة بين شخص فقد حبيبته وانطوى على أطلالها، وجعل من ذكرها وثنًا سجن نفسه فيه، وفتاة تبحث عن حب جاد منضبط، وفتى أخذته مراهقة متهورة لحب وهمي ربما أرد به أن يتخلى عن حبه القديم، غير أن وردة رغم ذلك أحست أنها أساءت إليه وأبعدته دون أن تدري، فحاولت استعادته مع الدكتور يوسف غير أن محاولتها هذه خلقت إشكالية أخرى، أتركها للمشاهد ليكتشفها بنفسه.

من أهم الظواهر التي جاءت في العمل: حضور المؤسسات الثقافية مثل دار الأوبرا المصرية، وأكاديمية الفنون بجميع كلياتها - غلبة عنصري الغناء والرقص على أجواء العمل إن لم تكن أمرا جوهري به - ظهور الأجواء العائلية وحضور الأصدقاء في المشهد بشكل إيجابي - الحنين إلى نوستالجيا الستينيات والسبعينيات - غياب التكنولوجيا بشكل جزئي، حيث نرى رسائل ورقية مكتوبة وحفلات الأوبرا والعروض الراقصة، حتى الأزياء في بعض الأحيان كان يغلب عليها طابع الكلاسيكية حتى في الشباب.

الفيلم أظهر أن المجتمع المصري ليس مجتمع المخدرات والانحلال الأخلاقي الذي للأسف تدعمه جهات غير مصرية وغير أجنبية، بل أظهر الطالب المصري بوصفه طالبا يدرس ويعمل ويحترم والدته وأساتذته، بل وأظهر الأستاذ الجامعي رغم مشاكله النفسية وتورطه في قصة حب شائكة بين اثنين من تلاميذه، رجلا مصلحا وصالحا يحترم تلاميذه ويتعلم منهم ويقف بجانبهم، ولا يسعى لاستغلالهم.

ربما يحدثني أحد أن العمل موغل في المثالية، ولا يمثل الواقع؟! صراحة أضحكتني، وبدوري أسأل هل يجب إصلاح الواقع أم تصديره على عواهنه دوم نقد، والفيلم ليس مثاليا بنسبة 100%، بل قدم إشكالية حينما أحبت مايان السيد أستاذها أحمد السعدني رغم فارق العمر بينهما الذي تجاوز العشرين عاما، إلا أن السعدني أظهر خلال أحداث العمل أم هذا ليس حبا بل مشاعر غير ناضجة وجهتها مراهقة في الـ 18 من عمرها ما زالت صغيرة، كان يمكن أن يخدعها أو يستغل سفهها غير أنه ردها إلى حبيبها الذي تحب فعلا دون أن تدري.

كل هذا مرّ في أجواء رائعة تملأها العواطف كافة، إضافة إلى كادرات العمل التي تقترب من كونها لوحات فنية، وأداء الممثلين جميعا من الأبطال والثانويين وحتى أصحاب المشاهد الواحدة، صار في تناغم دون صخب أو ملل، وهذا الفيلم بالذات لا أعد مايان السيد وعمر رزيق وأحد السعدني هم أبطال العمل فقط، ولكن أرى ولا أستطيع أن أجد تبريرا منطقيا لما أقول إن العمل السينمائي في ذاته، بكل من فيه وما به، هو البطل.

تابع مواقعنا