في ذكرى رحيلها.. ملك الجمل حكاية فنانة لم تبحث عن البطولة
تحل اليوم ذكرى رحيل الفنانة ملك الجمل، تلك الفنانة التي لم تبحث يومًا عن البطولة المطلقة، لكنها استطاعت بصوتها وملامحها وأدائها أن تفرض حضورها في ذاكرة الفن المصري، وتترك أثرًا لا يُنسى رغم رحيلها منذ أكثر من أربعة عقود.
ملك الجمل حكاية فنانة لم تبحث عن البطولة
في مدينة بورسعيد، وُلدت ملك الجمل في 29 يناير عام 1929، ونشأت وسط أسرة اهتمت بالتعليم ومن القصص اللافتة في حياة الفنانة ملك الجمل أنها لم تدخل عالم الفن من باب الشهرة أو الوساطة، بل جاء اختيارها للتمثيل بعد مسار مختلف تمامًا فبعد أن أنهت دراستها في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، كان من المتوقع أن تعمل في مجال التعليم أو الترجمة، إلا أن شغفها بالفن دفعها لاتخاذ قرار غير تقليدي في ذلك الوقت، وهو الالتحاق بالمعهد العالي للتمثيل، في خطوة جريئة لفتاة شابة في أربعينيات القرن الماضي.
وخلال سنوات الدراسة، لم تكن من الأسماء اللامعة أو المرشحة للبطولات، لكنها عُرفت بين أساتذتها وزملائها بالالتزام الشديد والانضباط، وكانت تميل إلى دراسة الشخصيات بعمق، وهو ما انعكس لاحقًا على أدائها وعندما بدأت العمل فعليًا، لم تجد نفسها في أدوار البطولة، بل حُصرت في أدوار ثانوية، خاصة أدوار المرأة القوية أو الشريرة.
ورغم ذلك، رفضت ملك الجمل الاستسلام لفكرة المساحة الصغيرة، وكانت تؤمن أن كل دور مهما كان حجمه يمكن أن يترك أثرًا ويُروى عنها أنها كانت تحرص على حفظ الدور كاملًا، وليس فقط مشاهدها، حتى تتمكن من التفاعل الحقيقي مع باقي الممثلين، وهو ما جعل المخرجين يثقون في أدائها ويستعينون بها مرارًا.
هذا الاجتهاد كان سببًا في ثبات اسمها واستمرارها لسنوات طويلة في الإذاعة والمسرح والسينما، لتصبح واحدة من الفنانات اللاتي لم يحققن نجومية صاخبة، لكنهن حجزن مكانًا ثابتًا في ذاكرة الجمهور.
بدايات ملك الجمل
لم تكن بدايتها سهلة، ولم تأتِ الشهرة سريعًا، لكنها وجدت في الإذاعة مساحة أوسع للتعبير عن موهبتها، فبرز اسمها من خلال شخصية خالتي بمبة في برنامج إلى ربات البيوت، وهي الشخصية التي دخلت بيوت المصريين بصوتها فقط، لكنها علقت في أذهانهم لسنوات طويلة.
ومع انتقالها إلى السينما، لم تُحاصرها الأدوار التقليدية، بل تميزت بتقديم الشخصيات القوية وأدوار الشر، فكانت حاضرة في عدد من الأفلام المهمة، مثل الشموع السوداء والطريق المسدود ورصيف نمرة 5 وأم العروسة وشفيقة ومتولي، وقدمت أدوارًا مساندة لكنها مؤثرة، تثبت في كل مرة أن الممثل الحقيقي لا يُقاس بمساحة الدور بل بصدقه.
وعلى خشبة المسرح، وقفت ملك الجمل إلى جانب نجوم كبار، وقدمت أعمالًا متعددة أكدت من خلالها قدرتها على التنوع بين الكوميديا والدراما، لتظل واحدة من الوجوه المألوفة لجمهور المسرح والسينما في الخمسينيات والستينيات.
