قرآن الفجر.. بين الشعيرة والواقع
صراحة، الهجوم الحاد والشرس على مواقع التواصل الاجتماعي، على شخص يطالب عامل مسجد أو مؤذن، بعدم تشغيل مكبرات الصوت الخارجية بأحد مساجد الجيزة قبل دخول الفجر بوقت كبير، أثار استغرابي وتعجبي، لأن الكثير من المغردين والمتحمسين أخذ الأمر إلى سياق مختلف تمامًا عن ما وضع له، أو قصده الرجل، وهذا في وجهة نظري من الإجحاف والظلم.
لا أحد يرفض الأذان، ولا أحد يعترض على إقامة الشعيرة، فالأذان ركنٌ معلومٌ ومكانه محفوظ في قلوبنا كمسلمين، وتميزت مصر على مدار تاريخها بكبار القراء والمؤذنين.. لكن السؤال المنطقي: ما الفائدة من تشغيل مكبرات الصوت الخارجية لتلاوة القرآن أو التواشيح قبل الفجر بوقت طويل وهو توقيت يكون فيه أغلب الناس نائمين، ولديهم أعمال في الصباح الباكر أو ينامون من أجل أن يستطيعوا الاستيقاظ لأداء الصلاة في جماعة؟
الغريب أن الأمر ذاته يتكرر في رمضان بشكل معاكس، حين نطالب بتشغيل المكبرات الخارجية في التراويح أو القيام، حرصًا على نشر روحانيات الشهر المعظم في الشوارع " للعلم هو وقت مناسب جدا" فنفاجأ برفض عدد كبير من الأئمة ذلك الأمر بدعوى وجود تعليمات واضحة تمنع ذلك، حرصًا على راحة السكان!
فإذا كان الحفاظ على راحة الناس مبررًا في رمضان، فلماذا يتحول إلى “تهمة” في غيره؟
وأنا هنا لا علاقة لي بالاعتراض على تشغيل القرآن في مطلق العموم أو التقليل من شأنه ـ والعياذ بالله ـ إنما أدعو لاحترام مشاعر المسلمين جميعًا، فالاستماع لتواشيح الفجر، مع كامل تقديرنا لجمالها الروحي، ليس واجبًا ولا فرضًا ولا حتى سنة، بينما إيذاء الناس في نومهم أو إرهاقهم أمر مرفوض شرعًا وغير مقبول عقلًا.
أذان واحد، أو حتى أذانان كما هو معروف شرعًا، يكفيان تمامًا لإعلان دخول الوقت، دون الحاجة لرفع مكبرات الصوت الخارجية قبلها بساعة كاملة، في وقت تعددت فيه الوسائل الحديثة التي تساعد على القيام للصلاة.
الخلاصة أنني لا أجد مبررًا لهذا الهجوم الذي قاده بعض النشطاء، ولو كان الأمر في صلاة أخرى أو توقيت آخر لكان موقفي معاكسًا تمامًا، كما أنه ليس من حقي أو حق أحد الخوض في النوايا، أو التشكيك في الإيمان دون دليل ظاهر، لأن الله وحده هو من يحاسب على النوايا والخفايا.. والله من وراء القصد.


