في ذكرى ميلاده.. عاطف الطيب مخرج الحقيقة وصوت المهمشين
لا يمكن الحديث عن السينما المصرية الواقعية دون التوقف أمام اسم المخرج الراحل عاطف الطيب، الذي لم يكن مجرد صانع أفلام، بل شاهدًا أمينًا على تحولات المجتمع، ومرآة صادقة لآلامه وأسئلته المؤجلة.
ذكرى ميلاد عاطف الطيب
في عيد ميلاده، يعود اسمه ليؤكد أن الإبداع الحقيقي لا يموت، وأن السينما قد تكون أحيانًا فعل مقاومة لا مجرد ترفيه.
تميّز عاطف الطيب برؤية فنية منحازة للإنسان البسيط، فكان أبطاله دائمًا من لحم ودم، يخطئون ويضعفون ويصطدمون بواقع قاسٍ لا يرحم، لم يُجمّل الواقع، ولم يهادن السلطة أو الفساد أو الزيف الاجتماعي، بل قدّم سينما صادمة في صدقها، قاسية في طرحها، لكنها شديدة الإنسانية في جوهرها.
في أفلامه، لم يكن الشر مطلقًا ولا الخير سهلًا، بل قدّم شخصيات تعيش في مناطق رمادية، تعكس تعقيد النفس البشرية وضغوط المجتمع، لذلك ظلّت أعماله مثل سواق الأتوبيس والبريء وضد الحكومة، حاضرة في الذاكرة، ليس لأنها ناجحة جماهيريًا فقط، بل لأنها طرحت أسئلة ما زالت قائمة حتى اليوم.
كان عاطف الطيب مخرجًا يؤمن بأن السينما موقف، وأن الكاميرا يمكن أن تكون ضميرًا حيًا، ولهذا دفع أحيانًا ثمن جرأته، لكنه لم يتراجع يومًا عن قناعاته. لم يسعَ للنجومية بقدر ما سعى للصدق، فخرجت أفلامه شاهدة على عصر كامل، ومؤرخة لوجع لم يُحل بعد.
في ذكرى ميلاده، لا نحتفي بعاطف الطيب بوصفه مخرجًا راحلًا، بل باعتباره حالة فنية متفردة، وصوتًا لا يزال يتردد في كل عمل سينمائي يحاول أن يقول الحقيقة دون خوف، هو واحد من القلائل الذين لم يصالحوا الزيف، ولم يهادنوا القبح، فبقي اسمه حيًا، حتى بعد الرحيل.


