نحن وشات جي بي تي 12.. هل الخوارزميات تعمل وَفق شيفرة دافنشي؟
لم تكن الأرقام والأشكال في رواية شيفرة دافنشي، تفاصيل جمالية بل مفاتيح لأسرار مخفية. حيث قدمت متتالية فيبوناتشي والنسبة الذهبية، تفكيكًا للغز يرمز للتناسق الطبيعي في الكون. فقد كشف الكاتب داون براون من خلال روايته شفرة رمزية تربط بين الجمال والأسرار القديمة. مفسرًا النسبة التي تتكرر في وجه الإنسان وفي أوراق الزهرة وفي لوحات ليوناردو، وفي صدى العلاقة بين الروح والمادة.
لكن بعد قرون تغيّر المسرح، فالرموز انتقلت من اللوحات إلى شفرات الذكاء الاصطناعي. فعندما تُركّب شعارين لشات جي بي تي فوق بعضهما، يظهر شكل يذكر بالهرم المقلوب والنجمة السداسية في آنٍ معًا، فهل هذه صدفة؟ أم أن الهندسة الرقمية استدعت من الذاكرة البشرية رموز النشأة الأولى دون قصد.
من النسبة الذهبية إلى الشكل السداسي
مثّلت النسبة الذهبية (1.618) في عصر النهضة سر الانسجام بين الجسد والعقل، أما النجمة السداسية في شعار شات جي بي تي فتمثل انسجامًا من نوعٍ آخر وهو الذكاء الجماعي للخوارزمية. كأننا انتقلنا من هندسة الرموز القديمة إلى هندسة الوعي الاصطناعي، ومن الرقم الذي يكشف جمال الطبيعة إلى الشكل الذي يعبّر عن ذكاء يتجاوزها. كان فيبوناتشي يسير إلى الأمام في خط واحد نحو اللانهاية، أما النجمة السداسية فتدور حول نفسها كزمن مغلق لا بداية له ولا نهاية، في صورة دقيقة لعصر يبحث عن الديمومة داخل الشبكة.
الهرم المقلوب: انقلاب الرؤية
كان الهرم في مصر القديمة يشكل رمزًا للصعود نحو السماء من خلال تركيب حجرٍ فوق حجر بحثًا عن الديمومة. أما الهرم الذي يظهر في تراكب شعارَي شات جي بي تي فهو مقلوب، كأنه في رحلة جديدة من الروح إلى الخوارزمية بين الأكواد والبيانات.
ما فعله دان براون في شيفرة دافنشي أنه قدّم تصورًا جديدًا للمعرفة من خلال الأرقام. وما تفعله التقنية اليوم هو صياغة جديدة للوعي من خلال الخوارزمية. ولو ربطنا بين الرقم السري القديم والنجمة السداسية سنجد خيوطًا فلسفية واحدة؛ أن الإنسان مهما غيّر أدواته لا يستطيع أن يتخلى عن رموزه. لقد تبدّلت الوسائل فقط، لكن اللوحة أصبحت شاشة والفرشاة أصبحت خوارزمية، بينما شيفرة البحث عن المعنى ما زالت تعمل فينا كما كانت منذ فجر التاريخ.


