الجمعة 26 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

تحطم الطائرة الليبية.. هل كان رئيس الأركان ضحية عطل فني أم تصفية سياسية؟

الفريق أول محمد الحداد
تقارير وتحقيقات
الفريق أول محمد الحداد
الخميس 25/ديسمبر/2025 - 10:56 م

اغتيال سياسي أم قضاء وقدر؟.. تساؤل تصدر الساحة الليبية بعدما أثار خبر وفاة رئيس الأركان الليبي الفريق محمد الحداد عاصفة من التساؤلات داخل المشهد الليبي المضطرب، إذ لم ينظر إلى الحدث باعتباره مجرد فقدان شخصية عسكرية بارزة، بل كعامل قد يعيد إشعال الأزمة السياسية والأمنية في البلاد، لما يمثله الحداد من أهمية شعبية وارتكاز عسكري في البلاد.

فبينما يرى البعض أن الوفاة قد تكون طبيعية وقضاء وقدر، يذهب آخرون إلى احتمال أن تكون مرتبطة بعملية اغتيال سياسي تستهدف إعادة رسم موازين القوى داخل المؤسسة العسكرية الليبية، وهو ما يعكس هشاشة الوضع الداخلي، حيث تتقاطع الحسابات الإقليمية والدولية مع الانقسامات المحلية، ما يجعل كل حدث كبير عرضة للتأويل والتوظيف السياسي، ويضع مستقبل الاستقرار الليبي أمام علامات استفهام جديدة.

من هو محمد الحداد؟

واكتسب الحداد أهمية في أذهان الليبيين وغير الليبيين كونه قدم جهودًا بارزة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وكان من أبرز القيادات المشاركة في اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وشارك  في احتواء عدد من الصراعات العسكرية في العاصمة ومناطق غرب ليبيا.

آخر ظهور للفريق محمد الحداد في تركيا
آخر ظهور للفريق محمد الحداد في تركيا

وتركزت اهتمامات الحداد العسكرية في بناء جيش ليبي موحد قادر على حماية السيادة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام داخل المؤسسة العسكرية، ودوليًا سعى أيضًا للحفاظ على مساعي الوحدة الليبية حيث نسج علاقات عسكرية واسعة، خاصة مع تركيا، وإيطاليا، كما شارك في عدة اجتماعات للتأكيد على وحدة ليبيا في القاهرة وروما، وبحث أيضًا تشكيل قوة مشتركة لحماية الحدود بدعم أمريكي وأوروبي.

الحداد مقتول أم متوفي؟

وردًا على تساؤل بشأن إمكانية اغتيال الحداد وليس وفاته نتيجة عطل تقني، يرجح أستاذ القانون الدولي الليبي الدكتور محمد الزبيدي، بأن الحادث مدبر ونجم عنه اغتيال الحداد ومرافقيه، مشيرًا إلى أن المؤشرات الأولى توضح أن الحادث ليس نابع عن خطأ تقني أو مشكلة في الطائرة، خاصة بعدما أشارت تصريحات وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، إلى أن الطيار أجرى اتصالا ببرج المراقبة وأبلغ عن عطل في الطائرة.

وأوضح الزبيدي لـ القاهرة 24، أن ما ظهر حتى الآن من تفاصيل بشأن الحادث يشير إلى أن الرواية التركية غير دقيقة، ويحيط بها الشك من كل جانب، معللا ذلك بأن الطائرة استغرقت أكثر من 40 دقيقة من لحظة الإقلاع حتى وقوع الحادث، في حين كان السقوط على بعد نحو 45 كيلو، وهو ما لا ينطبق مع الواقع (على حد قوله)، بأن سرعة طائرة لمدة نصف ساعة تكون على الأقل قطعت أكثر من 200 كيلو متر، لذا من غير المنطقي  بعد هذا الوقت بالقرب من المطار ما يعني أن الرواية التركية لا تنطبق مع ملابسات الحادث.

حطام طائرة الحداد
حطام طائرة الحداد

وأضاف أيضًا، أن الصور المنشورة من موقع سقوط الطائرة وما صاحبها من بيانات يوضح أن المساحة التي توزعت عليها أجزاء الطائرة تصل إلى 3 كيلو متر مربع، متسائلا “كيف لطائرة صغيرة ما زالت على بعد 45 كيلو مترًا من المطار أن تصل إلى ارتفاع 32 ألف قدم  وتتسع دائرة تحطمها إلى 3 كيلو مترات”، حيث تشير المسافة المشار إليها في تقارير تركيا إلى أن الطائرة كانت ما زالت قريبة من الأرض ما يتعارض مع اتساع دائرة أجزاء الطائرة، ويلفت النظر إلى أمكانية وجود انفجار داخل الطائرة تسبب في تفتت جسد الطائرة على مساحة كبيرة.

وواصل: كما أنه لم يتم الإعلان عن طاقم الطائرة وجنسياتهم المختلفة وهو ما أثار تساؤلات أخرى بشأن إمكانية وجود شبهة اغتيال في الحادث، إلى جانب ما تبين من تمزيق شديد في ملابس الفريق الحداد وفقًا لما تم نشره من صور، مؤكدًا الزبيدي أن حالة الملابس وشدة تمزيقها لا تدل أن الحادث جراء سقوط أو ارتطام بالأرض، وإنما جراء تفجير.

صورة متداولة عما تبقى من ملابس الحداد
صورة متداولة عما تبقى من ملابس الحداد

ماذا يحدث بعد موت الحداد؟

أما بالحديث عما سيترتب عن وفاة الحداد ورفاقه فيقول الزبيدي، إن أول انعكاسات وفاة الحداد تمثلت في تعيين اللواء صلاح الحمروش، المؤيد للتواجد التركي على حد قوله، على عكس الفريق الحداد الذي كان رافضًا لتمديد التواجد العسكري التركي غرب ليبيا لمدة عامين آخرين، وهو ما وافق عليه البرلمان التركي قبل زيارة الحداد بساعات قليلة.

ونوه أيضًا إلى أن الفريق الحداد ورئيس أركان القوات البرية اللواء الفيتوري غريبيل، كانا أكثر العسكريين في الغرب قربًا من المنطقة الشرقية ومن القيادة العامة للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وكانا يسعيان دائمًا إلى توحيد الصفوف العسكرية الشرقية الغربية، مؤكدًا أن وافتهما ستؤثر بشكل قوي على محاولة توحيد المؤسسة العسكرية، حيث إن الحمروش الذي جرى تعينه خلفًا للحداد، وكذلك رئيس الأركان البرية الذي خلف الفيتوري يكنان العداء للجيش الليبي ومجلس النواب في الشرق، ومقربان من عبدالحميد الدبيبة رئيس الحكومة في الغرب الليبي، ما يرجح إلى تصاعد مرتقب في الصراع الليبي الليبي خاصة أن الدبيبة لا يريد الخروج من المشهد ولا يريد التوافق مع الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب.

موقع حطام طائرة الحداد 
موقع حطام طائرة الحداد 

وهو ذاته ما يراه، جمال الفلاح رئيس منظمة التنمية السياسية الليبية، بأن الحادث مدبر معللا ذلك بتوقيت الحادث وما يمثله من أهمية بشأن الوصول إلى توحيد للمؤسسة العسكرية والمؤسسات الليبية بين الشرق والغرب.

ويقول الفلاح لـ القاهرة 24، إن وفاة رئيس الأركان العامة الليبية الفريق محمد الحداد يمثل ضربة قاضية بشأن إمكانية توحيد المؤسسات العسكرية الليبية ولم شمل الشرق بالغرب الليبي، كونه كان رافضًا لوجود قواعد أجنبية بشكل قاطع، ورافضًا أيضًا لوجود مرتزقة في ليبيا، ويعمل على إنهاء تواجد القوات الأجنبية، مؤكدًا ان وفاته تخدم بقاء القوات الأجنبية والمستفيدين من بقائها في داخل وخارج ليبيا.

مصير العلاقات التركية الليبية

وعن مصير العلاقات التركية الليبية حال التأكد من تدبير وفاة الحداد على متن طائرة عائدة من أنقرة، أكدت النائبة عائشة الطبقي عضوة مجلس النواب الليبي، أن هناك حالة استياء كبيرة من قبل الليبيين بشأن وفاة الحداد ورفاقه على متن الطائرة عائدين من تركيا.

وأكدت لـ القاهرة 24، أن هناك ترجيحات بأن يكون الحادث نتيجة عطل فني، وكذلك بأن يكون مدبرًا، إذ لم يتم استبعاد أيٍ من التوقعين، وأن كل الاحتمالات واردة، في انتظار نتائج التحقيقات وما ستسفر عنه، منوهة أن الليبيين يأملون من تركيا إظهار النتائج بكل مصداقية وشفافية، وأنه إذا كان الحادث مدبرًا سيكون لذلك تأثير كبير بشأن العلاقات الليبية التركية.

الفريق أول محمد الحداد
الفريق أول محمد الحداد

الحداد توفي قدرًا والطائرة من مالطا

بينما رجح إبراهيم الزغيد عضو مجلس النواب الليبي، أن وفاة الفريق أول محمد الحداد ورفاق كانت قضاء وقدر نتيجة عطل فني، معللا ذلك بأن زيارة الحداد إلى تركيا لم تكن الأولى كما شهدت استقبال هام من قبل الجانب التركي وتضمنت مباحثات جيدة.

وأضاف لـ القاهرة 24، أن الحداد على مدار السنوات الأخيرة كان يسعى إلى لم شمل الجيش الليبي، وكان له رأي في مواجهة عبدالحميد الدبيبة بشأن القوات المسلحة وعدم انجرارها إلى مواجهة عسكرية داخلية داخلية.

وأوضح أنه يجب انتظار التحقيقات بشكل كلي  خاصة أن الصندوق الأسود سيتم تفريغه في دولة محايدة، مشيرًا إلى أن الطائرة المستخدمة في الرحلة تم تأجيرها من دولة مالطا، وطاقم الطائرة من فرنسا بلد التصنيع للطائرة.

سبب زيارة الحداد إلى تركيا

وعن سبب زيارة الفريق الحداد ورفاقه إلى تركيا في ذلك التوقيت تحديدًا، أوضح بيان سابق لوزارة الدفاع التركية أن وزير الدفاع التركي يشار غولر، الثلاثاء (يوم سقوط طائرة الحداد)، رئيس الأركان العامة الليبي محمد علي الحداد، في العاصمة أنقرة، تلبية لدعوة رئيس الأركان العامة سلجوق بيرقدار أوغلو، وأرفقت وزارة الدفاع في التدوينة صورا من الزيارة.

وقبل الزيارة ذاتها بوقت وجيز صدر عن البرلمان التركي موافقة تقضي بتمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين آخرين بداية من 2 يناير المقبل، بموجب مذكرة مقدَّمة من الرئاسة التركية تطالب بمنح رجب طيب إردوغان الرئيس التركي الصلاحية لتمديد بقاء القوات، وهو السبب ذاته الذي تباحث بشأنه الحداد في زيارته الأخيرة لأنقرة، حسب بيان ليبي.

كيف سقطت طائرة الحداد؟

وعن تفاصيل الحادث، كشف وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، أنه في تمام الساعة 20:17 بالتوقيت المحلي لتركيا، أقلعت طائرة خاصة من طراز فالكون 50 تحمل الرقم التسلسلي 9H-DFS، والمسجلة لدى هيئة الطيران المدني في مالطا، من مطار أنقرة متجهةً إلى مطار معيتيقة في طرابلس، الليبية، وأنه بعد الإقلاع  جرى تحويل مسار الرحلة من برج مراقبة إيسنبوجا إلى وحدة مراقبة الاقتراب التابعة لمركز مراقبة الحركة الجوية، ثم إلى وحدة مراقبة المنطقة، وفقا للإجراءات المعتادة، حيث سُمح للطائرة بالصعود تدريجيا إلى الارتفاعات المحددة.

جزء من حطام طائرة الحداد 
جزء من حطام طائرة الحداد 

وأضاف الوزير التركي، أنه في تمام الساعة 8:25 مساء سُمح للطائرة بالصعود إلى أقصى ارتفاع لها، البالغ 34 ألف قدم، قبل أن تعلن، في الساعة 8:31 وعلى ارتفاع يقارب 32 ألف قدم، حالة الطوارئ، مبلغة عن عطل كهربائي عام، وطالب الطيار توجيها راداريا للعودة إلى مطار أنقرة.

وأردف أنه في الساعة 8:32، زوّد مراقب الحركة الجوية الطائرة بمسار العودة ومستوى الهبوط، وفي الدقيقة التالية فعّل الطيار رمز الطوارئ 7700، وهو أعلى رمز طوارئ في أثناء الطيران، وبعد تأكيد مراقب الحركة الجوية وجود المشكلة، تعذر تتبع معلومات ارتفاع الطائرة على شاشة الرادار، وأنه في الساعة 8:34، وبسبب التشويش في الاتصال بين الطيار والمراقب، تم التحقق من الصوت مع الطيار للتأكد من وضوح الاتصال، وفي تمام الساعة 8:35، تواصلت الطائرة مع وحدة مراقبة الاقتراب معلنة مجددا حالة الطوارئ، وتلقت تعليمات الرادار ومستوى الهبوط المطلوب، إلا أنه في الساعة 8:36 انقطع الاتصال بشكل شبه كامل، وأصبح صوت الطيار غير واضح، مع ملاحظة فقدان جزئي لبيانات الرحلة على شاشة الرادار.

وفي تمام الساعة 8:38 اختفت الطائرة تماما من شاشة الرادار، ولم تستجب لأي من محاولات الاتصال التي أجراها مراقبو الحركة الجوية على ترددات مختلفة لمدة خمس دقائق تقريبا، ما دفع الجهات المعنية إلى إبلاغ وحدات الطوارئ فورا وبدء إجراءات البحث والإنقاذ، كما جرى تعليق عمليات الإقلاع والهبوط في مطار إيسنبوجا مؤقتا، كإجراء احترازي لاحتمال تنفيذ هبوط اضطراري، مع اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة الملاحة الجوية، بالتزامن مع انطلاق عمليات البحث والإنقاذ جوا وبرا، إلا أن مركز إخطار الدفاع الجوي التابع للقوات الجوية التركية أكد لاحقا تحطم الطائرة قرب قرية كيسيكافاك في مقاطعة هيمانا.

وجرى منذ لحظة وقوع الحادث، توجيه فرق التحقيق في سلامة النقل إلى موقع التحطم، والعثور على مسجل الصوت في قمرة القيادة ومسجل بيانات الرحلة الخاصين بالطائرة، وبدأ تحقيق أولي في ملابسات الحادث، مؤكدًا أنه ستُنقل هذه الأجهزة إلى دولة محايدة لاستكمال التحليل الفني وتحديد سبب تحطم الطائرة، مؤكدا أنه سيتم إطلاع الرأي العام المحلي والدولي على نتائج التحقيق بشفافية تامة فور الانتهاء منها.

وتحطمت مساء الثلاثاء الطائرة التي كانت تقلّ وفدا عسكريا ليبيا يضم رئيس الأركان الفريق أول ركن محمد الحداد ورئيس أركان القوات البرية اللواء فيتوري غريبيل، ومدير جهاز التصنيع العسكري محمود قطيوي، ومستشار رئيس الأركان العامة محمد العصاوي، إضافة إلى المصور الرسمي لرئاسة الأركان محمد محجوب فضلا عن أفراد طاقم الطائرة الثلاثة.

وأوضح وزير الداخلية التركي حسب وسائل إعلام تركية، أن عناصر الدرك تمكنوا من الوصول إلى حطام الطائرة على بعد كيلومترين من قرية كسيك كاواك بقضاء هايمانا قرب أنقرة، إثر سقوطها بعد إقلاعها مساء الثلاثاء من مطار إيسنبوغا بأنقرة وهي في طريقها إلى العاصمة الليبية طرابلس.

تابع مواقعنا