فاطمة سامورا أول إفريقية تتولى منصبًا في فيفا للقاهرة 24: أدركت أنني سأحاكم بشكل قاسٍ.. وإقامة أمم إفريقيا كل 4 سنوات سيسمح بإعداد أفضل للبطولة
تعد السنغالية فاطمة سامورا، الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، إحدى أشهر السيدات في قارة إفريقيا عامة، وفي مجال كرة القدم بشكل خاص، بعدما أصبحت أول سيدة تتولى هذا المنصب في عام 2016، غير أن السيدة السنغالية، عُرفت أيضا بعملها الدؤوب والمستمر في المجال الإنمائي والإنساني في الأمم المتحدة لمدة تزيد عن 21 عاما.
القاهرة 24 يحاور فاطمة سامورا
فاطمة سامورا التي باتت واحدة من أكثر الشخصيات نفوذًا وتأثيرًا، وقائدة عالمية نجحت في إعادة تشكيل حوكمة كرة القدم الدولية، حرص القاهرة 24 على محاورتها للحديث عن الجانب الخفي في روايتها وأبرز التحديات التي واجهتها، وسبب اختيارها للعمل في مجال كرة القدم من بوابة فيفا، فكان الحوار التالي:-
هل أدركت حجم التحديات عند قبولك العمل في فيفا ومدى كونه دورا تاريخيًا؟
أدركت تماما أن قبول العمل في فيفا في عام 2016، أمر يعني دخولي التاريخ، لكن لا أعتقد أن أي شخص كان بإمكانه استيعاب حجم التحديات قبل أن يخوض التجربة، وفيفا كان قد خرج للتو من أحطر أزمة في تاريخه الأمر الذي تحطمت معه الثقة، وتضررت سمعة الاتحاد وكانت المصداقية موقع تشكيك من الجميع بسبب الأزمة السابقة.

وكوني أول امرأة وأول إفريقية أضاف مسئولية إضافية للمهمة الجديدة، خاصة أنني كنت أعلم أني سأخضع لتدقيق أكبر، وأُحاكم بشكل أقسى، وأنه سيكون علىّ باستمرار وبشكل دائم إثبات نفسي، ولكن بدل اعتبار هذا عبئا اعتبرته مسئولية تجاه نفسي وتجاه النساء وتجاه إفريقيا، بل وكذلك تجاه نزاهة كرة القدم نفسها.
ما الدافع الأكبر وراء انتقالك من الأمم المتحدة إلى فيفا؟
الدافع الأكبر في الانتقال، كان إرادة التأثير، ففي الأمم المتحدة عملي كان يركز على السلام والتمنية والاستجابة الإنسانية، لكن في فيفا كانت هناك فرصة عبر منصة أخرى لمتابعة نفس القيم، خاصة وأن كرة القدم تصل إلى مليارات الناس.
كما أدركت أن كرة القدم تشكل الهويات، وتلهم الشباب، وتؤثر في المجتمعات، ولذلك أردت أن أُسهم في ضمان أن تعكس كرة القدم النزاهة، والشفافية، والاندماج بين الجميع، وأن تخدم اللعبة الناس، لا المؤسسات فقط، وبالنسبة لي، لم يكن هذا انقطاعًا عن مسيرتي في الأمم المتحدة، بل استمرارًا لها باستخدام أداة مختلفة لتحقيق المهمة نفسها.
ما القيم الشخصية التي وجّهتكِ طوال هذه الرحلة؟
واجهت العديد من القيم الشخصية التي وضعتها نصب عيني، وعلى رأسها النزاهة، والتواضع، والمساءلة، والخدمة، ولطالما آمنت بأن القيادة لا تتعلق بالامتياز، بل بالمسؤولية، لأن المناصب مؤقتة؛ أما القيم فهي دائمة، وطوال مسيرتي، ظللت مؤمنة بأن القرارات يجب أن تخدم المصلحة الجماعية، حتى عندما تكون صعبة أو غير شعبية.
كيف شكّلت تجربتكِ في مناطق الأزمات أسلوب قيادتكِ في فيفا؟
العمل في مناطق الحروب، والمناطق المتضررة من المجاعات، علمني كيف أبقى هادئة تحت الضغط، وكيف أستمع قبل أن أتصرف، وكيف أضع الثقة في المقام الأول فوق كل شيء، وعندما وصلت إلى فيفا، كان الوضع مشابهًا لبيئة ما بعد الأزمة.

وكما هو الحال في المهام الإنسانية، لم تكن الخطوة الأولى هي إعادة بناء الهيكل، بل استعادة الثقة بين الاتحادات الأعضاء، والموظفين، والشركاء، وتجربتي في الأمم المتحدة شكّلت أسلوب قيادة قائمًا على الحوار، والمرونة، والرؤية طويلة المدى بدلًا من ردود الفعل قصيرة الأجل.
ما أهم درس تعلمتِه من خلال منصبك في فيفا؟
أهم درس تعلمته أن الإصلاح لا يكون مريحًا، لكنه ضروري، وتحويل مؤسسة عالمية مثل فيفا يتطلب صبرًا، وشجاعة، واستمرارية، والمقاومة ضد الإصلاح أمر لا مفر منه، لكن وضوح الهدف والشفافية ينتصران في النهاية، كما تعلمت أن القيادة الحقيقية لا تتعلق بالظهور أو القوة بل بالخدمة، والمصداقية، وترك المؤسسات أقوى مما وجدتها.
ما العوائق التي واجهتكِ في بداية عملك في فيفا، وكيف تغلبتِ عليها؟
العوائق كانت مؤسسية، وثقافية، وأحيانًا متعلقة بالنوع الاجتماعي، وكانت هناك شكوك حول ما إذا كانت امرأة وامرأة إفريقية قادرة على إدارة منظمة بهذه الدرجة من التعقيد خلال أزمة، ولكني تغلبت على هذه العوائق من خلال الانضباط، والعمل الجاد، والنتائج، والمصداقية لا تُطالب بها؛ بل تُبنى يومًا بعد يوم، لذلك ركزت على إصلاحات الحوكمة، والإدارة الاحترافية، واستعادة الثقة، وتركت النتائج تتحدث.
ما القرار أو الإصلاح تشعرين بالفخر الأكبر تجاهه؟
أفخر بشكل خاص بإصلاحات الحوكمة والنزاهة التي تم اعتمادها بعد مؤتمر فيفا الاستثنائي في فبراير 2016، لأن هذه الإصلاحات عززت الشفافية، والضوابط المالية، والرقابة المستقلة، والمساءلة عبر المنظمة.
وبالقدر نفسه من الأهمية، كان لامركزية دعم التنمية من خلال برنامج فيفا فوروورد، بما يضمن استفادة جميع الاتحادات الأعضاء الـ211 بطريقة شفافة ومنظمة خاصة في إفريقيا.
ماهي أصعب التحديات التي واجهتك عندما كنتِ مقيمة في القاهرة وتشرفين على كاف؟
كانت تلك الفترة شديدة الصعوبة، وكرة القدم الإفريقية كانت بحاجة إلى استعادة المصداقية والثقة على المستويين القاري والعالمي، كان لا بد من تعزيز معايير الحوكمة، وإعادة بناء الثقة مع الشركاء، وتعزيز التعاون بين كاف وفيفا.

وفي رأيي، تطلبت هذه التحديات، الحوار، والحزم، واحترام الملكية الإفريقية للحلول، وإعادة بناء الثقة تستغرق وقتًا، لكن كرة القدم الإفريقية خرجت من تلك الفترة أقوى وأكثر تنظيمًا.
ما أصعب قرار اتخذتِه خلال إشرافك على كاف وما زلتِ مقتنعة بصحته؟
اتخاذ مواقف حازمة بشأن الحوكمة، والأخلاقيات، والمساءلة حتى عندما كانت غير شعبية أو غير مريحة، والقيادة تعني اتخاذ القرار الصحيح، وليس القرار الأسهل.
كيف نجحتي في كسر الصور النمطية عن المرأة في حوكمة وإدارة كرة القدم؟
من خلال أداء العمل بإتقان، ففي رأيي الكفاءة هي أقوى رد على الصور النمطية، كما أن الظهور مهم أيضًا فعندما ترى النساء نساءً أخريات في مواقع القيادة، يتغير ما يعتقدنه ممكنًا.
كيف تردين على الانتقادات التي تقول إن فيفا يعطي الأولوية لربح الأموال على حساب قيم كرة القدم؟
الاستدامة المالية لا تتعارض مع قيم كرة القدم بل تعززها السؤال الأساسي هو كيفية استخدام العوائد، في ظل الإصلاحات التي تم تنفيذها، زاد فيفا بشكل كبير من استثماراته في التنمية، والتضامن، وكرة القدم النسائية، وبرامج القاعدة، ويجب أن يعود النمو بالفائدة على منظومة كرة القدم بأكملها، وليس على عدد محدود من أصحاب المصلحة.
كيف يمكن أن يفيد إقامة كأس أمم إفريقيا كل أربع سنوات إفريقيا؟
إقامة بطولة أمم إفريقيا كل أربع سنوات سيسمح بإعداد أفضل للبطولة، وتحسين جاهزية اللاعبين، وقيمة تجارية أقوى، ورؤية عالمية أكبر، لأن الجودة، والتنافسية تتطلب أحيانًا إعطاء الأولوية للأثر طويل المدى بدلًا من التكرار.
كيف تردين على الادعاءات بأن فيفا يخدم كرة القدم الأوروبية؟
تمتلك أوروبا هياكل وأسواقًا قوية، لكن ولاية فيفا عالمية، وفي السنوات الأخيرة، زادت التمويلات المخصصة لإفريقيا، وآسيا، وكرة القدم النسائية بشكل كبير، والعدالة لا تعني معاملة الجميع بالطريقة نفسها بل تعني الاستجابة للاحتياجات المختلفة لضمان تنمية متوازنة.
كيف يوازن فيفا بين الاستدامة المالية والقيم الإنسانية؟
من خلال وضع الإنسان في قلب المنظومة ومن أمثلة ذلك رعاية اللاعبين، والحماية، والاندماج، والحوكمة الأخلاقية.. المال أداة وليس غاية في حد ذاته.

ما هو تصوركِ لمستقبل كرة القدم النسائية؟
كرة القدم النسائية لم تعد المستقبل إنها الحاضر.. الاستثمار المستمر، والدوريات الاحترافية، والحماية، وفرص القيادة، والظهور الإعلامي كلها عناصر أساسية، التقدم الذي تحقق لا رجعة فيه، لكن الالتزام يجب أن يظل قويًا.
كيف تقيّمين كرة القدم الإفريقية اليوم؟
تمتلك إفريقيا موهبة استثنائية وشغفًا كبيرًا، والمطلوب بالدرجة الأولى بالنسبة للكرة الإفريقية هو حوكمة مستقرة، واستثمار في تطوير الناشئين، وتعليم المدربين، والطب الرياضي، والإدارة.. إفريقيا لا تفتقر إلى الإمكانات بل تحتاج إلى أنظمة قوية.
كيف ستشكّل التكنولوجيا مستقبل كرة القدم؟
بكل تأكيد التكنولوجيا ستساهم في تعزيز العدالة، والأداء، والشفافية في كرة القدم.. تقنيات مثل حكم الفيديو المساعد VAR، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات ستستمر في التطور، لكن يجب أن تخدم اللعبة دائمًا لا أن تحل محل جوهرها الإنساني.
ما هي أبرز 3 أولويات لعالم كرة القدم في الـ 10 سنوات المقبلة من وجهة نظرك؟
1. النزاهة والحوكمة الجيدة
2. الإنسان ورفاهية اللاعبين
3. التنمية الشاملة خاصة للنساء، والشباب، والمناطق الناشئة.


