الأحد 05 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

محمود خليل يكتب: نادية ونادية..!

القاهرة 24
السبت 05/أغسطس/2017 - 05:51 م

على طرفي خط مترو حلوان المرج تعيش “نادية” و”نادية”.. تشابهت الأسماء.. واختلفت الحكايات.. لكنهما نموذج حي لما تعيشه الفتاة المصرية في مجتمعنا تحت ضغط المجتمع، واعتبارها عالة لا حول لها ولا قوة، بل يصل الحال بالبعض أن يحملها وزر أخطائهم وخطاياهم، فهي مجرد بنت، كائن هامشي يمكنك أن تقبله وتلقيه على جانب الطريق وأنت مطمئن البال، فلا الدين ولا المجتمع ولا الأعراف ولا التقاليد ستلقي عليك أية لوم.

نادية الأولى التي تسكن في حلوان، فتاة اقتربت من بلوغ عامها السادس عشر، فتاة بسيطة تعيش حياة عادية، ولم يخطر ببالها أن تكون حديث الرأي العام كله، نادية ببساطة شديدة “عروها” تماما من ملابسها، خلعوا كل ما يستر جسدها وأجبروها على المشي في الشارع عارية فقط للانتقام من والدها، بعد مشاجرة بين جيران تحدث كل يوم، لكن الانتقام الأعمى دفع الجار ومعه 4 سيدات لـ”تجريس” والدها وفضحه، وبالطبع الفضيحة هي ابنته، لتعيش نادية ساعات طويلة من الرعب والفزع، بعد أن هتكوا ستر جسدها أمام العامة، ولم يكتفوا بذلك، بل صدقت مقولة أن المرأة هي أكبر عدو للمرأة، فصورتها السيدات الأربعة وهي عارية لفضحها على مواقع التواصل الاجتماعي، فقط للانتقام من والدها.

أما نادية الثانية التي تسكن في المرج، وقعت ضحية أيضا لمرأة أخرى، نادية ابنة الـ14 عاما اختفت فجأة قبل أسبوعين، وعبثا حاول أهلها ووالدها العثور عليها في كل مكان يحتمل أن تكون موجودة فيه، حتى عثروا على جثتها في رشاح المرج “مخنوقة” بوشاح حتى الموت، ليكتشف والدها الحقيقة المذهلة، زوجته هي القاتلة، زوجته التي ائتمنها على حياة ابنته هي التي أنهت حياتها بدافع الغل والغيرة، خنقتها وحملتها داخل جوال وألقتها في الرشاح لتنتهي حياة نادية.

قد تكون “نادية” و”نادية” التقيتا من قبل في مترو الأنفاق، قد تكون جمعتهما محطة مترو السادات أو الشهداء أو جمال عبد الناصر، صعودا أو هبوطا، ذهابا أو عودة، لكن المؤكد أن عيناهما -إن كانا التقيتا يوما- اتفقتا على أن حياتهما مهما طالت أو قصرت، فهما ضحية جاهزة لمجتمع يعتبرهما وجبة طازجة، وجبة للتحرش الجنسي، وجبة للاغتصاب، وجبة للانتقام، وجبة للحرمان من الميراث، وجبة للحرمان من التعليم، وجبة للحرمان من الزواج الثاني بعد الطلاق، هي مجرد وجبة للأب، للأم، للأخ، للزوج، لزميل العمل، للجار، الكل يعتبرها محظيته التي صك المجتمع على عقد ملكيتها لغيرها، فقط لأنها أنثى..!

تابع مواقعنا