الجمعة 29 مارس 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

تامر عبده أمين يكتب: “حبيتك بالصيف”

القاهرة 24
الجمعة 04/سبتمبر/2020 - 03:22 م

 

  • حتى لو مش متابع غير أغانيها بس، وباعد نفسك عن تفاصيل حياتها الشخصية؛ لكن أكيد هتكون عارفة معلومة إن العظيمة الجميلة “فيروز” كانت متجوزة الملحن الكبير “عاصي الرحباني“.. الإسمين اللي أرتبطوا ببعض وقدمولنا أهم الأغاني اللي لسه ليها نفس الوقع الممتع على أرواحنا.. “عاصي” يكتب ويلحن.. “فيروز” تغني.. هي دي المعادلة اللي عمرها ما فشلت تشد أى حد بيحب الفن.. بس قبل قصة الحب العنيفة اللي إنتهت بالجواز محتاجين نرجع لـ ورا شوية قبل جوازهم.. اللي هي المرحلة اللي بتسبق المصارحة، وكلمة “بحبك“.. وقتها وبسبب كثرة التعامل بينهم كـ مطربة وملحن كانت المشاعر إبتدت تتكون جوه الإتنين.. كانوا بيتقابلوا تقريباً كل يوم فى الأستديو عشان التجهيز لأعمال جديدة.. “عاصي” بيحكي فى حوار إذاعي قديم معاه إزاي إن في مرة “فيروز” طلبت منه إنه يوصلها بعربيته للأستديو بدل ما هي تروح من طريق وهو من طريق ويتقابلوا هناك!.. طلب فيه دلع أنثوي طبيعي عادي من واحدة عايزة تحس إن ليها الأهمية القصوي من إهتمام الشخص اللي بدأ قلبها يدق له.. “عاصي” اللي كان شايف الطلب مالوش لزمة وافق بس بطريقة حسست “فيروز” إنه مش هينفذ.. اللي هو كإن لسان حاله بيقول: (ماشي ماشي إن شاء الله ربنا يسهل) اللي مش بيحصل بعدها حاجة دي!.. “فيروز” صممت!.. طبيعة شخصية “عاصي” قوية شويتين تلاتة، ومش بيحب حد يفرض عليه حاجة.. بس “فيروز” مش أى حد وخلاص!.. يمكن ده خلاّه يوافق ولو على مضض.. اتفقوا هنتقابل بكره فى الشارع الفلاني القريب من بيتك يا “فيروز” وهعدي آخدك بالعربية ونروح سوا للأستديو.. تمام كده يا ست البنات؟.. تمام.. فعلاً وصلت “فيروز” فى الميعاد على ناصية الشارع اللي اتفقوا يتقابلوا عنده.. الميعاد كان الساعة 11 الصبح بالظبط.. 11 وربع مفيش “عاصي“.. 11 ونص مفيش “عاصي“.. الساعة بقت داخلة على 12، وبرضه مفيش “عاصي“.. الفكرة إن الدنيا بدأت تمطر رغم إن الدنيا نهار!.. مطر شديد ومفاجيء زود صعوبة الموقف على “فيروز” اللي فضلت مصممة تفضل واقفة فى نفس المكان رغم البلل، والناس حواليها بيجروا يستخبوا من الميه يمين وشمال!.. على الناحية التانية كان “عاصي” جاي فعلاً، وإتحرك من بيته بالعربية فعلاً بس المطرة المفاجئة خلّت الحركة فى الشوارع بالعربية شِبه مستحيلة سواء من الزحمة أو من بحيرات الميه اللي عملت إعاقة فى المرور!.. كان قدامه حل من إتنين.. يا إما يروح الأستديو على طول، وأهي “فيروز” أكيد لما تلاقيني إتأخرت هتروح هى كمان على هناك.. يا إما يفضل مكمل فى طريقه لناصية الشارع اللي واقفة عنده زي ما اتفقوا ويجيبها.. خلّى بالك إننا بنتكلم عن حاجة حصلت فى زمن ماكنش فيه موبايلات ولا بتاع يعني اللي هو أنت بتعتمد على توقعاتك مش أكتر!.. تفكيره هداه للحل الأولاني، وقرر يروح على الأستديو، وهو عنده قناعة شخصية إنه هيوصل ويلاقيها هي كمان وصلت قبله أو هتحصله ما هو مش منطقي إنها هتفضل كل ده فى الشارع؛ ده غير كمان إن فكرة إنها مصممة على الطلب البسيط بتاع تعالا وصلني ده موضوع أصلاً تافه وأكيد عدم تنفيذي له مش هيعمل مشكلة ولا أزمة!.. بس اللي حصل إن “فيروز” فضلت منتظرة “عاصي“!.. ساعة إتنين تلاتة مفيش “عاصي“.. طبعاً هو قلق عليها، وإضطر إنه يروح على الناصية، وكان مقرر إنه يطلع على بيتها لو مالقهاش هناك!.. بس هي كانت واقفة لسه!.. ممكن تتخيل شكل هدومها من المطرة والبهدلة اللي كانت فيها كانوا عاملين إزاي.. لما وصل مارضتش تركب معاه، وهو ماكنش مصدق إنها كانت واخدة الحكاية جد كده.. حاول يصالحها.. رفضت.. فضلت مقاطعاه شوية، وبعد كام يوم ولما بدأت الأمور تهدى بينهم نسبياً كلمها بهدوء إنه ماكنش يقصد وماكنش متخيل إنها هتزعل الزعل ده كله فى الطلب ده.. يعني كنتى زعلتي على حاجة كبيرة كان معلش! بس ده طلب مش مهم، وعدم تنفيذى له مش هيهد الدنيا.. “فيروز” ماكانتش بتقبل أى نقاش فى الجزئية دي خالص، وكانت شايفة إن أهمية الطلب من أهمية اللي طلبه مهما كان اللي هينفذه شايفه تافه.. مرت السنين.. إتجوزوا.. فى كل مناسبة، ومع كل مرة بينزل فيها المطر فى أى توقيت خلال السنة كانت “فيروز” تفكر “عاصي” باللطعة اللي عملها معاها!.. يا ستي أنا آسف.. لأ ولو برضه.. لمدة أكتر من 15 سنة جواز كانت كل ما بتيجي فرصة عشان تعاتبه بتعمل كده سواء بينها وبينه أو قدام الناس!.. “عاصي” مع مرور السنين بقي متأكد إنها عمرها ما هتنسي!.. طب أعمل لها إيه دي بس عشان ترضي وتسامح ونقفل الباب ده.. لو كنت قتلت لها قتيل ماكانتش هتفضل شايلة كده!.. كان حظ منيل يوم ما سيبتك فى الشارع، ومانفذتش طلبك اللي كنت شايفه عادي ده!.. يقفل “عاصي” على نفسه فى مكتبه ويبدأ يفكر فى طريقة مبتكرة، ومختلفة عشان يصالحها بيها!.. يكتب أغنية مهمة عشان يديهالها وبيحكي من خلال كلماتها الموقف السخيف اللي حصل بينهم زمان!.. تفاصيل إنتظارها له.. تفاصيل المطر.. تفاصيل زعلها، وهي واقفة لوحدها.. تبقي كلمات الأغنية كالتالي: (بأيام البرد وأيام الشتي.. والرصيف بحيرة و الشارع غريق.. تجي هاك البنت من بيتها العتيق.. ويقولها أنطريني و تنطُر عالطريق.. ويروح وينساها وتدبل بالشتي).. تطلع أغنية “حبيتك بالصيف” للنور، وتحقق نجاح كبير، ومش كتير يعرفوا إن كان وراها قصة عظيمة سبقها طلب كان متشاف بسيط لكنه كان مهم عند “فيروز“.. أوُمال!.. ما هي أهمية الطلب من أهمية صاحبه!.

 

عاصي الحلاني" مع جارة القمر "فيروز
عاصي الحلاني” مع جارة القمر “فيروز

 

  • الزوجة الأمريكية “شون مارى مان” لما إتجوزت جوزها “بوب” كان الموضوع علاقة زوجية نمطية من اللى بتحصل فى أغلب الجوازات عندنا هنا فى مصر أو فى الوطن العربى.. الجوازة التقليدية بتاعت الراجل اللى بيقرر يكمل نصف دينه ويتجوز والبنوتة اللى إمها أهم حاجة بتتمناها فى حياتها إن ربنا يرزقها بـ حفيدة عشان تشوفها قبل ما تموت وتحس إن فيه إمتداد لها فى الدنيا.. كل حاجة كانت ماشية لطيفة ماعدا إن ربنا يرزقهم بأولاد.. عادى هما تعاملوا مع الموضوع بشكل فيه لمحة إيمانية وصبر.. فيه مواقف كده فى الحياة أنت بتوصل لمرحلة إنك تكون مقتنع إن ملكش فى الدنيا غير فلان والطريق بتاعنا هنكمله سوا زى ما إحنا كده ومش عايزين حد معانا.. فجأة وبدون مقدمات أصيبت “شون” بـ “داء الرتوج” أو (Diverticulosis) وهو نوع من الأمراض المرتبط بالقولون واللى بيحتاج تدخل جراحى عاجل عشان إنقاذ الوضع.. العملية كانت صعبة بمعايير توقيت القصة اللي مالهاش تاريخ معين بس الأرجح إننا بنتكلم عن منتصف التسعينات.. كل حاجة حصلت بسرعة.. الدكتور حدد.. العملية هتبقى بكره على طول مش هينفع نتأخر.. خرجوا من عنده العصر وصلوا البيت والقلق محتل 3/4 وزن كل واحد فيهم.. “بوب” بدأ يعمل إتصالاته عشان ياخد أجازة بكره ويبلغ أخواتها وأمها اللى فى ولاية تانية عشان يكون عندهم خبر علي الأقل.. “شون” جابت شنطة سفر صغيرة عشان تحط فيها الهدوم اللى هتستخدمها فى المستشفى وبدأت تجمعهم من الدولاب.. دخلت الحمام وبدأ تلم أدواتها الشخصية.. قلم الكحل.. فرشة الأسنان، والمعجون.. فرشة شعر.. ليفة طبية جديدة.. الصابونة اللى بتحبها.. كانت بتحاول تشغل نفسها بأى حاجة وتقضى الكام ساعة اللى باقيين على طلوع النهار، والمرواح للمستشفى.. وهى فى الحمام عينها جت على إزازة المونيكير الوردى بتاعها!.. هى كانت متعودة تحط اللون ده فى إيديها ورجليها.. مدت إيدها ومسكت الإزازة وفكرت بتردد.. دلوقتى لو الحكاية خلصت على خير أكيد هتفضل راقدة فى السرير مدة بعد العملية.. موضوع إلتئام الجرح كان هياخد وقت طويل بالتالى هتبقى محتاجة وقت طويل برضه عشان تقدر توطى وتلمس رجليها وتعرف تحط مونيكير تانى!.. فى ثوانى خدت القرار.. مممممم أنا هحط مونيكير فى رجلى قبل ما أروح العملية بكره.. إتكلمت مع جوزها.. “بوب” اللي كان بدوره شايل الهم؛ ثار عليها وإتعصب وكلام من نوعية إيه الهبل ده وإحنا فى إيه ولا فى إيه وإنتى أكيد إتجننتى.. القصة قلبت بخناقة كبيرة لدرجة إن “بوب” إتصل بواحد صديقهم طبيب وسأله، والطبيب قال له إن ده لا يتناسب مع تعقيم غرفة العلميات اللى المفروض تكون فيه المريضة.. كلمة من هنا على كلمة من هناك إنتهت الليلة برفض “بوب“.. بعد كمية الشخط والزعيق اللى حصلوا منه؛ قررت “شون” إنها تبات فى أوضة لوحدها.. بالمناسبة رفض “بوب” ماكنش تناكة ولا رفض سلطوى، وخلاص قد ما كان متخوف ومسيطر على تفكيره فكرة فقد حبيبته ومراته أثناء العملية أساسًا؛ بالتالى فعلًا إحنا فى إيه ولا فى إيه!.. “شون” عشان عنيدة عملت اللى فى دماغها وعملت صوابع رجليها بالمونيكير.. هى كمان كانت وجهة نظرها إنى لو كنت مش كويسة على المستوى الداخلى فمش هيبقى كمان على المستوى الخارجى ومظهرى!.. “بوب” عارف إن مراته كعادتها لما بتنام بترفص الغطا من عليها فدخل الأوضة اللى هى نايمة فيها عشان يغطيها.. لقاها صاحية وبتعيط.. إعتدلت فى قعدتها لما دخل ومسحت وشها من الدموع بسرعة عشان تبان قوية قدامه.. حاول يصالحها وكان فى غاية اللطف معاها.. هى تجاوبت معاه بس فضلت نايمة فى نفس الأوضة.. ميعاد العملية كان الصبح الساعه 9.. “بوب” خد العربية وطلع الساعه 7 قبل الميعاد بساعتين وهى شافته من شباك أوضتها.. رجع بعدها بنصف ساعة وهو بينهج وبيستعجلها.. لقاها لابسة ومستعدة.. سألته كنت فين؟.. قالها إنه كان بيجيب فلوس من ماكينة صراف الآلي الوحيدة اللي فى المدينة بتاعتهم واللي مكانها على بُعد مسافة من البيت!.. إتحركوا وراحوا المستشفى.. وهى على السرير المتحرك بيحركوها لـ غرفة العمليات قبل التخدير ندهت على “بوب“، وشدت الملاية المتغطية بيها وطلعت لسانها لجوزها وقالت له وهى بتشاور على مونيكير رجليها: (لقد فعلتها بالأمس).. ضحك وقال لها: (ولو لم تفعليها لكنت شككت أنكِ تلك المجنونة اللى أحببتها).. طول المسافة فى الممر لغرفة العمليات كل الممرضات أو الدكاترة اللى بيشوفوها كانوا بيلمحوا عن إعجابهم بلون المونيكير اللى هى حاطاه!.. الغريب إن “بوب” نفسه هو اللى كان بيتعمد يقول للناس اللى رايحة وجاية عنه!.. لدرجة إن فيه واحدة من العيانين مايعرفوهاش كانت ماشية بالصدفة برضه شاورلها وخلّاها تقول رأيها فى اللون اللى مراته حطاه!.. إتدبت حقنة التخدير فى “شون“، وبدأت تغيب عن الوعى شوية بـ شوية وكل اللى كان فى بالها كلام الدكاترة والممرضات اللى قالولها رأيهم فى جمال لون المونيكير بتاعها.. بدأت العملية.. إتحرك “بوب” ناحية زاوية من زوايا الممر قبل الغرفة وبدأ يدعى بصوت عالى ويبكى.. جه واحد من الدكاترة اللى كانوا هيعملوا العملية وقبل ما يدخل الغرفة؛ “بوب” مسك إيده بدون ما يتكلم كإنه بيوصيه على مراته يعنى.. الدكتور طمنه وقال له أنت زوج عظيم.. تكتشف بعد كده إن “بوب” لما خرج الصبح ولإن هو فاهم دماغ مراته هتعمل إيه راح المستشفى وأتفق مع الدكاترة والممرضات وحتى الست العيانة اللى كانت ماشية بالصدفة عشان يرفع روح مراته المعنوية.. الجميل إنهم وافقوه بدون تردد لما عرفوا إنه عايز يبسطها.. العملية نجحت رغم إنها أخدت وقت أطول من المعتاد.. بدأ تأثير البنج يروح وبدأت “شون” تفوق.. أول حاجة سمعتها من الممرضة وهى بتغطيها إنها شالت جزء من الملاية من تحت وقالت لها: (أهنئكى على نجاح العملية؛ الحقيقة ليس من الإنصاف أن نغطى تلك الأظافر ذالت اللون الوردى الجميلة).. “شون” إبتسمت وبصت لـ جوزها اللى كان دخل الأوضة فى نفس اللحظة، ووطى باسها فى راسها فـ هى شاورلته على الممرضة وقالت له بصوت مدرّوخ فيه رنة إنتصار: (هل سمعت ما قالت؟، ألم أخبرك!).. ضحك وقال لها وهو بيخرّج إزازة مونيكير حمراء جديدة من جيبه وقال: (نعم، وبالمناسبة لقد جربتى اللون الوردى فى المرة السابقة؛ ربما عليكِ تجربة اللون الأحمر الآن).

 

 

 

 

 

  • مستحيل حد يكمل في الدنيا بدون لمحة تفاهة.. أنت محتاج تقطع علاقتك فورًا بكل اللى بيشوفوا طلباتك الهبلة والتافهة طلبات هابلة وتافهة.. فى المقابل محتاج تشيل على راسك كل اللى بيتعامل مع لا منطقيتك بصبر وبإستيعاب حتى لو كانت طلباتك مجنونة.. أنا بحب الناس اللى بيفهموا وبيحترموا رغباتنا بدون ما يدخلونا فى تفاصيل وإستفسارات ملهاش لزمة يمكن إحنا نفسنا مانكونش عارفين لها إجابات.. أنا عايز كذا دلوقتي.. دلوقتي اللي هو دلوقتي مش بعدين.. إحترموا طلباتنا ورغباتنا حتى لو شوفتوها تافهة.. الحاجات “المتأخرة” زيادة عن اللزوم، و“العاقلة“ زيادة عن اللزوم بتبقى ماسخة.. دا أنت لما حد بيسألك عن حاجة وتكون عاجباك بتقول له: (تجنن أو تهبل!).. الجنان جزء أصيل من التكوين والجينات عندنا ومرتبط إرتباط شرطى بـ الإنبساط.. أهمية الطلب من أهمية صاحبه عندك، وتجاهلك له إستهانة باللي طلب!.. فيه “مثل فرنسى” لطيف بيقول: (من أعطى وقت الحاجة كانت عطيته مضاعفة).
تابع مواقعنا