الخميس 25 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مناعة غائبة ووصمة حاضرة.. رحلة علاج 13 ألف مريض إيدز بمصر محفوفة بخطر عدوى كورونا

القاهرة 24
صحة وطب
الثلاثاء 14/أبريل/2020 - 05:19 م

في اليوم العاشر من كل شهر، تصحو الطفلة ملك من غفوتها وتسرع نحو والدتها التي لا تبعد كثيرًا في المسافة للأسرة التي تتكون من 5 أفراد، وتقطن بغرفة واحدة بمنطقة شبرا الخيمة، لتوقظها بعدما علمت أنه الموعد الشهري للحصول على علاجها، لا تدرك ملك ما هو المرض تحديدا، لكن والدها يخبرها دائما أنه “المرض الوحش”، لكن علمت من الشارع أن والدتها مصابة بالإيدز.

على مدار 3 سنوات من عمر ملك التي بلغت السابعة، لأول مرة تصحو من غفلتها في 10 مارس الماضي، لتبلغ والدتها بموعد المستشفى، فيما يصرخ فيها والدها بحب: “في كورونا سيبي أمك نايمة مش هتقدر تروح الحميات، في كورونا نامي”، لكن ملك كانت تعرف الفزاعة الأكبر لعام 2020، فالكل حولها يتحدث عن كورونا، لكن لا أحد يتحدث عن الألم الذي تئن منه والدتها، ولا يجعلها تستكمل نومها ليلًا حزنًا عليها.

ما تتعرض له أسرة ملك يعاني منه نحو 13 ألف مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في مصر، والمتمثل في عدم ذهابهم لمستشفيات الحميات المخصصة لصرف علاجهم، في الوقت الذي حددت وزارة الصحة والسكان نفس المستشفيات لفرز حالات الاشتباه بفيروس كورونا، دون تحديد بديل لأولئك، ما يمكن أن يعرضهم لخطر العدوى.

“القاهرة 24” تحدث إلى 5 مستشفيات حميات بخمسة محافظات بنطاق القاهرة ودلتا النيل وأخرى ساحلية، أكدت جميعها على استمرارهم فى استقبال وتقديم الخدمة العلاجية لمرضى الإيدز دون تغيير يذكر، مؤكدين أن كورونا لم يمنعهم من استقبال المرضى، مع أخذ تدابير احترازية لوقايتهم.

تقول نوال (اسم مستعار): “حملت الفيروس من أخي بسبب إدمانه المخدرات، ومن وقتها غاب كل شيء إلا الإيدز والوصمة، على مدار 3 سنوات أذهب لمستشفى حميات العباسية لتلقي العلاج الشهري المحدد من الطبيب، لكن الآن مع وجود كورونا لا يمكنني الذهاب للحميات، مع وجود حالات الاشتباه بكورونا: “يعني يبقى عندي كورونا وإيدز”.

نوال الثلاثينية تعيش مع زوجها مصابة منذ 3 سنوات بالإيدز، وأم لـ3 أطفال أكبرهم ملك 7 سنوات، وأصغرهم محمد 3 سنوات، تطالب حسب حديثها لـ”القاهرة 24″ بضرورة توفير أماكن مختلفة لصرف علاج الإيدز، أو يتم تفعيل فكرة توصيل العلاج للمنازل خاصة أن مرضى الإيدز معروفون ومتواصلون مع مستشفيات الحميات.

أرقام الإصابة بالإيدز في مصر

لم يجرب أحد العزل المنزلي مثلما جربته، لم يتحمل شخص أن يكون خروجه من المنزل بداية لوصمه من المجتمع الذي لطالما حمل له الحب، لكن مع حملي للإيدز فقدت معه الأمل لأن أكون أمت، أن استمع لكلمة “ماما”، أن اخرج من البيت ولا تطاردني ألسنة العائلة وعيونهم قبلها بالوصم، قبل أن أفقد المناعة، الآن لدي المرض الذي كان يهرب منه الجميع، ومع وجود آخر أصعب منه لا يمكنني المخاطرة بحياتي والتي لا يمكن معها حمل كورونا والإيدز معًا، هذا ما قالته “سميرة 28 عاما من ضواحي الهرم”.

تضيف سميرة لـ”القاهرة 24″ أنها لم تتمكن خلال الشهر الأخير من مستشفى حميات إمبابة والتي كانت تصرف منها العلاج طوال الفترة الماضية، خوفا من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، لكن يساعد في ذلك بشكل كبير مسجد المنطقة والذي تتولى منشآته الخيرية جلب الدواء إليها على نفقتهم الخاصة، حدث ذلك الشهر الماضي، بينما لا يمكنها تلقي نفس الجرعة حتى هذه اللحظة، ومع مرضها بالإيدز، رفض زوجها أن يلقي بها، ما اعتبرته الأسرة “التهلكة” بذهابها للحميات مع وجود حالات الاشتباه بكورونا.

“تنطوي خطة علاج فيروس نقص المناعة البشرية تناول العديد من الأقراص في أوقات معينة يوميًا لبقية حياة المصاب، يأتي كل دواء مع مجموعة خاصة به من الآثار الجانبية، ومن ثم توصي منظمة الصحة العالمية أن تكون لدى المصاب مواعيد متابعة منتظمة مع الطبيب لمراقبة صحته وعلاجه”.

وفي سبتمبر الماضي بدأت رحلة أحمد عطا، 42 عاما من كفر الزيات محافظة الغربية مع الإيدز، الرحلة التي قطعها بعد قطع أحد أوتاره لتنزف الدماء من عروقه، جعلته ينزف داخليا مع إعلامه من قبل الطبيب بأنه مصاب بالفيروس الذي يعد الوصم به أكبر آلامه، وبعد صراع طويل في المستشفيات ما بين 3 محافظات كان من ضمنهم القاهرة والجيزة، استقر به الحال في محافظة الدقهلية ليجري عملية تركيب صمام لكن حياته التي ظهرت أنها استقرت حتى لو كان مريضًا بالإيدز لم تكن كذلك.

يقول عطا لـ”القاهرة 24″ إنه لم يتمكن من الذهاب للمستشفى كعادته في التوقيت المحدد لصرف العلاج، ما تسبب في تدهور حالته الصحية، لكن مع تأكيد الطبيب على عدم المخاطرة بالخروج من المنزل خوفا من الإصابة بفيروس كورونا، يساعده شقيقه بدلا منه في صرف العلاج من أحد المراكز الطبية: “مش هنصيب اتنين بدل واحد كفاية عليهم إني مصاب إيدز، مش هنبقى إيدز وكورونا في البيت”.

بين مطرقة الإيدز وسندان كورونا

أمينة عجمي، رئيس جمعية “صحتي في بيئتي”، المتخصصة في دعم المتعايشين مع الفيروس، أشارت بدورها إلى أن عدم وجود بديل لمستشفيات الحميات يمثل أزمة حقيقية، حتى هذه اللحظة لم تتأخر وزارة الصحة والسكان في إيجاد العلاج للمتعايشين مع فيروس الإيدز، لكنها لم توفر مكانًا أكثر أمنًا لهؤلاء، خاصة وأن مناعتهم لا تتحمل على الإطلاق نزول المستشفيات في هذه الفترة، مع امتلائها بعمليات الفرز اليومي لحالات الاشتباه بفيروس كورونا المستجد.

وأضافت عجمي لـ”القاهرة 24″ أن التشاور مع وزارة الصحة حول توفير العلاج لمدة شهرين متتالين على دفعة واحدة، كان صعبًا خاصة وأن هذه الأدوية تكلف الدولة مبالغ باهظة، ومع صرفها بشكل مجاني، يجعل من المستحيل توفيرها لكل المتعايشين مع الإيدز والذين يصل العلاج إلى نصفهم من الأساس والمسجلين في وزارة الصحة والسكان ويرتادون الحميات على مستوى الجمهورية.

لكن الدكتور حمدي إبراهيم، مدير عام إدارة الحميات بوزارة الصحة، أشار بدوره إلى أنهم يقومون بحل للأمر عن طريق صرف العلاج بشكل مضاعف لمرضى الإيدز، حيث يتم الصرف لمدة 3 أشهر دفعة واحدة، منعا لوجودهم في مستشفيات الحميات هذه الفترة لتقليل نسب الإصابة بفيروس كورونا المستجد، خاصة مع تحديد الحميات كمستشفيات فرز لحالات اشتباه كورونا.

مدير إدارة الحميات أكد لـ”القاهرة 24” أن وجودهم غير مفضل هذه الفترة، وهناك محاولات لدخولهم من الأبواب الخلفية خوفا عليهم من الإصابة مع مناعتهم الضعيفة، لكن مع التأكيد على ضرورة توفير بدائل يتم طرحها مع المرضى أنفسهم، في ضوء الإمكانات المتاحة لوزارة الصحة والسكان.

كيف ينتقل الإيدز في مصر؟

كيف ينتقل الإيدز في مصر؟

العيادات الخارجية هي الحل

الدكتور علاء حشيش، المسؤول في وحدة الأمراض المعدية بمنظمة الصحة العالمية، أشار إلى أنه غير مستحب وجود مرضى نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في مستشفيات الحميات هذه الفترة، لكن مع طرح حل أساسي متمثل في صرف العلاج من خلال وحدات العلاج الخارجية، والتي تسهل من الفصل بين الطرفين ومنع انتقال العدوى.

وأضاف حشيش لـ”القاهرة 24″ أن الأزمة الحقيقية متمثلة في أن أطباء الأمراض المتوطنة والمعدية، موجودون بالأساس في مستشفيات الحميات، ومن ثم لا يوجد بديل لحظي لصرف علاج واستقبال حالات الإيدز في نفس الأماكن، وهو ما يطرح الحل الأول بتخصيص العيادات الخارجية، إلى جانب صرف العلاج مضاعف لمدة شهرين.

 

اقرأ أيضًا:

دماء بين الطرقات.. رحلة مريض إيدز ينزف يوميًا ومستشفيات ترفض استقباله (صور)

“كانت هتفرق في الوداع”.. روايات الذين لم يتمكنوا من فراق أحبابهم بسبب كورونا 

تابع مواقعنا