الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

إسلام كمال يكتب: خطورة التطبيع غير الحدودى على مصر!

القاهرة 24
سياسة
الثلاثاء 27/أكتوبر/2020 - 09:13 م

بات واضحاً أن موجة التطبيع غير الحدودى، التى تسير فيها الإمارات والبحرين ومن بعدهما السودان وعمان والمغرب، ستكون أكثر تأثيراً في المنطقة بشكل أو بآخر من القرار الأمريكى بنقل السفارة إلى القدس، بالذات لو لم يبق ترامب في البيت الأبيض، حيث السيناريوهات مفتوحة بلا سقف.

ولو تذكرنا، فإن كل الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، بل والمغريات الاقتصادية والعسكرية فشلت فى إقناع العديد من الدول اللاتينية الصغيرة لاستكمال إجراءات نقل سفاراتهم للقدس، رغم معاناتهم الاقتصادية والعسكرية، ولم تبدأ هذه الضغوط في النجاح إلا بعد ظهور بوادر من موجة التطبيع غير الحدودى.

* فشل نتنياهو اللاتينى*

والقائمة اللاتينية المُعلنة، التى يدور الحديث عنها، تضم الباراجوى وجواتيمالا وهايتى والهندوراس، ووصل الأمر حتى البرازيل، ولكن لم تكمل أية دولة الطريق للقدس، رغم كل محاولات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى ورئيس حزب الليكود، الذى سافر للبرازيل وجواتيمالا ليقنع رئيسيهما منذ حوالى العامين، وجاء الرئيس الجواتيمالى لتل أبيب، لكن لم ينجح المخطط، وحتى عندما ذهب نتنياهو لأقصى جنوب شرق آسيا، حيث الفلبين، لم يستطع أيضا أن يحقق نجاحاً ما، فذهب لوسط وشرق أوربا، محاولاً اقتناص موافقة أية دولة صغيرة تعانى اقتصادياً وسياسياً، وترددت أسماء عدة دول منها رومانيا ولاتفيا وليتوانيا وألبانيا وكوراتيا وصربيا وكوسوفو، لكنه فشل أيضا .. إلاّ إنه نجح بعد إعلان الاتفاقين الإماراتى والبحرينى.

خطورة السلام مقابل السلام

ولم تتغير المؤشرات إلاّ مع ما يراه الكثير من المراقبين انكسار المبادرة العربية، وأقصد هنا موجة التطبيع الخليجى، الذى يسير حتى الآن على قاعدة نتنياهو،السلام مقابل السلام، لا القاعدة العربية المبنية على الحقوق التاريخية وقرارات الشرعية الدولية التى أساسها، الأرض مقابل السلام، حيث سبقت كوسوفو وصربيا وتشاد، الإمارات والبحرين، ووقعوا قرارات فتح منشآت دبلوماسية لهم في القدس المحتلة، تتطور مستوياتها مع الوقت.

* خطة البقاء في البيت الأبيض

الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يعتبر خطة التطبيع الخليجى والعربي بشكل عام، مِلفّهُ الأساسي، بل وطريقه الرئيسى للبقاء فى البيت الأبيض، رغم أن المستجدات في المشهد الأمريكى، تؤكد غير ذلك، على الأقل بلغة الاستطلاعات، ولا يخفي على أحد ربط هذه المستجدات وغيرها المتوقعة بحملته الانتخابية، ويكرر هذه التفاصيل على لسانه متباهيا، وكأنها جزء مهم من إنجازاته، التى تدعمه في الانتخابات في مواجهة منافسه الديمقراطي، وفى هذا الإطار يدور الجدل حول رضاء العرب عن ترامب، وقلقهم من مرشح الحزب الديمقراطى الأمريكى للرئاسة، جون بايدن، لدرجة أنهم يتخذون مثل هذه القرارات التاريخية الصعبة جداً لدعمه حتى يستمر لولاية ثانية، وهذا الجدل يحتاج و يتطلّب مساحة منفصلة لمناقشة إيجابيات وسلبيات ترامب وبايدن على العرب، ومساحة الباقي من الصراع العربي الإسرائيلي في ملفاتهما، وتأثير ذلك على الأمن القومى العربي والمصري بالذات.

سر الدعم الإماراتى لترامب

وفي مقتبل هذا الحديث، يُطرح سؤالُ خلال الساعات الأخيرة، من المهم الإجابة عليه، هو، لماذا تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة، وأغلب دول الخليج، ترامب بهذه الطريقة الصعبة؟

وفي هذا الإطار تتبلور ظواهر كثيرة تؤكد أن الخليج يرى أن ترامب أفضل من بايدن، للسياسة الجمهورية المختلفة عن الديمقراطية، ولأنهم لم يروا منه أضراراً كثيرة أكثر من موجة ما يُسمى بالربيع العربي، التى تبلورت في زمن أوباما الديمقراطى، بالإضافة للقلق من التمدد الذي سيتمتع به من جديدٍ تيارٍ ما يُسمى بالإسلام السياسي، في مختلف الدول العربية والإسلامية، وهذا سيزيد بالطبع القلاقل، أكثر وأكثر في المنطقة، فهم يرون أن ترامب أفضل لأن كل مطالبه مالية، ولا توجد له تغييرات مفاجئة في السياسة، وليس مُضرّاً بشكل كبير، والملف الإسرائيلى وجدوا معه تقاطعات كبيرة فيه، وهذا ما يهمه بالإضافة للبترول، وكانت له وقفة متزنة في ملف مواجهة داعش، بخلاف الحديث المروج عن مواجهة ترامب للتهديد الإيرانى، الذى يُصدّر على إنه محرك رئيسى في الأزمة العامة، خاصة أنه من المبررات المروج لها إن التواجد الإسرائيلى فى الخليج بدعم أمريكى، يحدث توازن قوى مع التطلعات التى لا تتوقف عنها الثورة الإيرانية منذ قيامها فى أواخر السبعينيات، ضد دول الخليج، من تصدير الثورة، بل والاحتلال فى حد ذاته، فلا أحد ينسى الجزر الإماراتية الثلاث “طنب الصغرى وطنب الكبري وأبو موسي”، التى تحتلها إيران منذ سنوات، وهذا واضح فى اليمن والبحرين بشكل كبير، بخلاف التعرضات الإيرانية بالسعودية والإمارات من وقت لآخر.

*ليس دائما، عدو عدوّى صديقي

من هذا المنطلق، حاول المروجون لملف التطبيع الخليجى، إقناعنا بفكرة أن إسرائيل تمثل تعبيراً دقيقاً لمقولة، “عدو عدوّى صديقى”، لكنى أتصور أن هذا غير منطقى بالمرة، والتطبيق العملى سيظهر لنا ذلك بالتأكيد، حيث من غير المُستبعد أن تعيد دول تقييم نظرتها لأمن الخليج، مع الدول التى سيكون فيها تواجد إسرائيلى كبير، فمصر على سبيل المثال كانت دائما تردد عبارة “أن أمن مصر يبدأ من أمن الخليج”، وهذا بالفعل محور من محاور استراتيجية الأمن القومى المصرى، فهل من المرشح تغيير ذلك بشكل أو آخر؟

أولى خطوات التطبيع.. موقع سعودي يجري أول حوار مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلى

أتصور أنه ليس مُستبعداً، لكن لن يتم التعامل مع الخليج المُطبّع على أنه بيئة معادية بالطبع، إنما سيكون بيئة تواجد حذرة بسبب مستويات النشاط الموسادى والإسرائيلى بشكل عام فيه، تحت عباءة مواجهة التهديد الإيرانى والإخوانى، ومنها على سبيل المثال، رصد وتتبع القاهرة لهذا التنسيق الإماراتى والبحرينى الموسادى خاصة فى نقاط الأمن القومى المصري، ومنها مضيق باب المندب، الذى تسيطر عليه قوات يمنية موالية للإمارات، بخلاف المشروع القديم الحديث، الذي تحلم به إسرائيل، وتسميه قطار السلام، الذي يربط بين رأس الخليج العربي، ناحية بحر العرب ومضيق هرمز وحتى ميناء حيفا، وهذا بالطبع يمثل خطراً كبيراً على قناة السويس، خاصة أن الصين ستدعمه بوصفه جزء من إحياء مبادرة الحزام والطريق.

أتصور أن الدولة المصرية يقظة لهذا السيناريو بشكل كبير، خاصة أنه اقترب جداً .. وبالتأكيد الأخوة فى الإمارات والبحرين سيقدرون القلق المصري فى هذا الوقت، ويتعاونون مع مصر للإجابة عن بعض التساؤلات فى هذا الإطار، خاصة أن التنسيق البحرينى الإسرائيلى، من الممكن أن يكون أكثر إتساعاً وسرعة من التنسيق الإماراتى وفق بعض التصورات، تحت طائلة التهديدات الإيرانية.

*سر التمهل السعودى

وتعتبر هذه النقطة من مسببات التأخر السعودى في اللحاق بالركب التطبيعي الخليجى، ومن المتوقع أن تكون الرياض الأخيرة، في هذه الركب، ومرشح لها أن تظل تفكر في قرارها الأخير، حتى بعد الانتخابات الأمريكية، والاستقرار على من سيكون ساكن البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى، لكن هذا لا يعنى أن السعودية لا تقدم تسهيلات في هذا الملف، بضغوط وتنسيقات مع الرئيس الأمريكى شخصياً، والذي تحول لما يشبه المتحدث الرسمى باسم هذا التنسيق الثلاثي، السري المُعلن في نفس الوقت، فالرياض توافق منذ فترة على استخدام الطائرات الإسرائيلية لأجوائها، وهى متجهة لنيودلهى، والآن وسعت الموافقة، وفق طلب الإمارات والبحرين، حسبما قالت الرياض، لتصل الطائرات الإسرائيلية المنامة وأبو ظبي عبر السموات السعودية، بخلاف وعود حقيقية لدعم موجة التطبيع الخليجى، فلا يمكن أن تفعل الإمارات والبحرين ذلك، دون التنسيق مع السعودية، وليس بعيداً في الطريق أيضا سلطنة عمان، رغم مواقفها المتضاربة بعد وصول السلطان هيثم للعرش ترقباً للموقف الإيرانى، الذي انتقد الإمارات والبحرين فور تطبيعهما.

وترامب نفسه يؤكد على أن السعودية ليست بعيدة، ورسائل السعودية تدور في هذا الإطار، لكنها تشدد مراراً وتكراراً على فكرة الحقوق الفلسطينية وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتأكيد على المبادرة العربية للسلام، والحقوق التاريخية للفلسطينيين، والكل يترقب اللحظة التى تُطبّع فيها السعودية، حيث ستكون محركاً مفصلاً للأحداث، وستتغير وقتها كل السينايوهات، وكل هذا سيتعلق أيضا بمستوى التطبيع نفسه، وهل سيكون على الطريقة المصرية أم الطريقة الإماراتية؟!

تابع مواقعنا