بطل الحروب الصامتة.. باسم أمين الطبيب المصري الحاصل على لقب "سوبر جراند ماستر" في الشطرنج

الخميس 07/يناير/2021 - 02:31 م

قطع شطرنج صغيرة، كانت كفيلة لإظهار موهبة، تفجرت بداخل طفل في منتصف العقد الأول من عمره، حيث اعتاد الشاب المصري باسم أمين على منافسة والده في لعبة الشطرنج، حتى حدث ما شكَّل فارقا كبيرا في حياته فيما بعد؛ ليترك مجال الطب، ويبدأ مشواره في عالم الشطرنج.

كان باسم أمين يلعب ضد والده، فسقطت قطع اللعبة على الأرض، فما كان من والده إلا أن عرض عليه بدء الدور مرة أخرى؛ ليتفاجأ برده الذي جاء باستكمال الدور؛ لأنه ما زال يتذكر جيدا أماكن القطع.

تلك كانت بداية "باسم أمين"، الطبيب المصري الحاصل على لقب "سوبر جراند ماستر" في لعبة الشطرنج، حيث يقول في حديثه لـ"لقاهرة 24" إنه كان يمتاز بهدوء الطبع في طفولته، وحبه الشديد لألعاب الذكاء، وهو ما دفع والده لتنمية تلك الموهبة بداخله، حيث قام بتعليمه أساسياتها، ثم بعد ذلك بدأ بتوفير مدربين يأتون من القاهرة إلى طنطا خصيصًا له.

3 ألقاب رئيسية يحصل عليها اللاعبون من قبل الاتحاد الدولي للشطرنج، وهي: "أستاذ دولي اتحادي، أستاذ دولي، أستاذ دولي كبير"، وذلك لمن يحصل 2500 نقطة في التصنيف، بالإضافة إلى لقب "سوبر جراند ماستر"، وهو لقب غير رسمي لمن يحصل على 2700 نقطة الذي حصل عليه "باسم" كأول إفريقي وعربي يحصل على هذا اللقب.

لم يندم "باسم" على القرار الذي اتخذه أثناء تأديته الخدمة العسكرية بترك الطب؛ من أجل احتراف تلك اللعبة، حيث حصل على العديد من البطولات طوال تلك الفترة، هذا بالإضافة إلى حصوله على تصنيف أفضل 100 لاعب في العالم خلال عام 2013، فكان من الطبيعي أن يختار استكمال مسيرته الحافلة بالإنجازات، واستبعاد الخيار الآخر كـ"طبيب في مقتبل العمر" يشق طريقا شاقا، يتطلب الكثير من الدراسة والعمل.

ويقول "باسم" إنه رغم أن الشطرنج لعبة معروفة في مصر، إلا أن الناس تعترف بها كـ"لعبة تمارس في المقاهي فقط"، وليست كرياضة، يقام لها العديد من المسابقات العالمية، مضيفًا أن بعد تسليط الإعلام والسوشيال ميديا الضوء على هذه اللعبة مؤخرا؛ بدأت تحصل على اهتمام الناس.

لم تمثل "الشطرنج" عائقًا أمام دراسته، حيث حصل باسم في الثانوية العامة على 104%، وذلك رغم من أن معظم تدريبات البطولات، كانت تستغرق مدة لا تتجاوز الأسبوعين، وهو ما كان يجبره على عدم الحضور في المدرسة كثيرًا، إلا أنه في السنة الثالثة من الكلية، فضَّل الالتحاق ببطولة، عن تأدية الامتحان؛ ما اضطره إلى إعادة السنة، ليتخرج بعد 7 سنوات من الدراسة بتقدير جيد.

يتقاضى "باسم" كلاعب شطرنج مرتَّبا أساسيًّا من منتخب الشرقية للدخان، الذي يحترف به داخل مصر، ولكن هذا العائد لا يمكن الاعتماد عليه كمصدر دخل - على حد قوله - لذلك يعتمد على البطولات الدولية التي تتطلب تحقيق نتيجة عالية؛ حتى يتمكن من الحصول على عائد مادي جيد. وأضاف أن ميزانية الاتحاد ضعيفة والعائد المادي داخل مصر ضعيف جدا يكاد لا يذكر، بالإضافة إلى عدم توفير مرتبات من قبل الاتحاد أو وزارة الشباب؛ كان دافعا لتحمل تكاليف كافة البطولات الفردية، التي يشارك بها باستثناء البطولات الرسمية.

وفي ظل عدم وجود دور يذكر للاتحاد المصري للشطرنج، وما يترتب عليه من توفير مدربين للاعبين، يعتمد "باسم" في التدريب على برامج ومواقع الشطرنج المتخصصة، مشيرًا إلى أنه يضطر إلى بذل مجهود مضاعف كونه يقوم بكافة المهام لوحده، لافتًا إلى أهمية وجود مدرب لتسهيل تلك المهام عليه.

كما أشار باسم إلى إمكانيات أجهزة الكمبيوتر التي يتدرب عليها والتي تتطلب تكلفة عالية، حيث إن هناك أجهزة تصل أسعارها إلى 50 ألف يورو. ويحلم "باسم" بدخول اسمه في قائمة أفضل 20 لاعبًا في العالم، لافتا إلى أنه في حال استمرار إهمال تلك اللعبة؛ سيكون هذا الحلم بمثابة المستحيل.

وطالب أيضًا بتسليط ضوء أكبر عليها؛ لأن بقاء الوضع كما هو عليه، سيدفع عددًا ممن يرغبون احتراف تلك اللعبة، بالعزوف عن الاستمرار بها.

ويرى "باسم" أن للإعلام دورًا مهمًا في تحسين وضع لاعبي الشطرنج في مصر، حيث إنه يساعد الناس على فهم اللعبة، ومعرفتها بشكل أفضل عنها، كما أن الرعاة دائمًا ما يفضلون التعاقد مع لاعب مشهور تم تسليط الضوء عليه عن طريق الإعلام.