الخميس 25 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

كورونا والفشل الأمريكي

القاهرة 24
الثلاثاء 05/يناير/2021 - 01:02 ص

 ما الذي يجعل القوة الاقتصادية والتكنولوجية الأولى في العالم ضعيفة للغاية في الاستجابة لوباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)؟ في رأيي ان السبب هو "التقسيم المنهجي" ، القائم في الولايات المتحدة بين الجمهوريين والديمقراطيين.

يعد الأداء الضعيف في استجابة الولايات المتحدة لكوفيد-19 بلا شك أحد أكبر أحداث "البجعة السوداء" في العالم في عام 2020. 

فقد أصدر موقع "بي بي سي" في 24 مارس هذا العام تحذيرًا من أن كوفيد-19 قد يصبح "لحظة السوس" في الولايات المتحدة ". وفي 24 مايو، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية  "وفاة ألف شخص" كصفحة أولى لها ، وفي أواخر سبتمبر أعربت مجلة "تايم" الأمريكية عن أسفها "للفشل الأمريكي" بغلاف أبيض وأسود مليء بأرقام الموتى ، وفي 8 أكتوبر، نشرت المجلة الطبية البريطانية "إنغلاند جورنال أوف ميديسين" افتتاحية ذكرت فيها إن الولايات المتحدة "حولت الأزمة إلى مأساة". كما نشرت "مجلة تايم" في 30 نوفمبر مقالا حذرت فيه مرة أخرى من أن الولايات المتحدة الآن في حلقة مميتة ... منذ 3 نوفمبر، ظل عدد الحالات المؤكدة الجديدة في يوم واحد في الولايات المتحدة فوق 100 ألف حالة ، ومع دخول شهر ديسمبر شهد عدد الحالات المؤكدة الجديدة وعدد الوفيات الجديدة في اليوم الواحد ارتفاعا متسارعا ، واليوم تجاوز العدد التراكمي للحالات المؤكدة لكوفيد-19 في الولايات المتحدة 21.30 مليونًا، وتجاوز العدد التراكمي للوفيات 360 ألفًا. 

أشارت مجلة "تايم" الأسبوعية إلى أن الوباء كشف الانقسام المنهجي في الولايات المتحدة "إن الديمقراطيين والجمهوريين ليسوا قادرين على التوصل إلى إجماع حول قضايا محددة فحسب بل يختلفون أيضًا حول الحقائق الأساسية ، ونصف الأمريكيين يستمعون إلى مصادر المعلومات الموالية للحكومة فقط وبغض النظر عن صواب أو خطأ فإن النصف الآخر على العكس تماما". ونشر موقع "واشنطن بوست" الأمريكي مؤخرًا مقالاً ذكر فيه أن مسؤولي الصحة العامة والعديد من القادة السياسيين كانوا يأملون في أن يؤدي الوباء إلى توحيد الولايات المتحدة "لكن الانقسام السياسي والثقافي العميق للولايات المتحدة قادها الى مسار مختلف". 

دعت منظمة الصحة العالمية مرارًا وتكرارًا إلى "الوحدة، والوحدة، والوحدة" في مواجهة الوباء. وأن الانقسام سيعطي للفيروس فرصة لكن جميع الدوائر الاجتماعية في الولايات المتحدة يعترفون بأن بلدهم قد وقع في انقسام أكبر بسبب الوباء. مثلا على الرغم من صغر الكمامات إلا أنها تعكس المشكلات الرئيسية للاستقطاب السياسي والتمزق الاجتماعي في الولايات المتحدة اليوم ، فعند مدخل المحل قال البعض "لا تدخلوا بدون كمامة" بينما قال آخرون "الأشخاص الذين يرتدون الكمامات غير مرحب بهم" ، حتى أن نتائج الاستطلاع التي نشرها مركز بيو للأبحاث في 25 يونيو أكدت أن 63٪ من الديمقراطيين والمستقلين الذين تمت مقابلتهم والذين يميلون إلى الديمقراطيين قالوا إنهم يجب أن يرتدوا الكمامات في الأماكن العامة ، بينما يمثل الجمهوريون الذين يتبنون هذا الرأي إلى نسبة المستقلين في الحزب الجمهوري هي 29٪ فقط. ، ودراسة أخرى أجرتها مؤسسة غالوب الأمريكية لاستطلاعات الرأي قالت أن 94٪ من الديمقراطيين يرتدون الكمامات دائمًا أو في كثير من الأحيان بينما 46٪ فقط من الجمهوريين على استعداد للقيام بذلك ، كما أظهرت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز بيو للأبحاث أن آراء الطرفين حول فعالية الاستجابة للوباء منقسمة بشدة أيضًا، حيث يعتقد 88٪ من الديمقراطيين أن الولايات المتحدة قد فشلت في السيطرة على الوباء بشكل جيد ، بينما يؤيد 30٪ فقط من الجمهوريين المشاركين هذا الرأي ، ويعتقد 66٪ من الأمريكيين الجمهوريين أن الوباء قد تم تضخيمه ، وعليه فقد كتب ريتشارد هاس رئيس المعهد الأمريكي للشؤون الخارجية مقالاً مفاده أن الولايات المتحدة اليوم عالقة في وضع ثنائي القطب. 

للولايات المتحدة تاريخ طويل من الاستقطاب السياسي والتمزق الاجتماعي ولسوء الحظ  فإن تسييس الوباء جعل الاستجابة للوباء غارقة في كرة الثلج من الاستقطاب السياسي والانقسام الاجتماعي وكلاهما يضخم بعضهما البعض وفي النهاية وصلت حالة " الصواب والخطأ" إلى مستوى الغموض ، لم تكن الولايات المتحدة قادرة على الإطلاق على الاتفاق على الأولويات بسبب الاستقطاب السياسي والتمزق الاجتماعي الذي واجه الاختيار بين الحياة والاقتصاد ، وفي ظل تقديم معلومات مسيسة إلى حد كبير تم وضع الحقيقة والعلم بشكل مصطنع على نقيض الحياة والصحة ، وأشار بيل جيتس الرئيس المشارك لمؤسسة غيتس في الولايات المتحدة إلى أن تسييس الوباء أمر محزن للغاية. وردًا على التهديد الخطير الناجم عن تعزيز مكافحة الوباء قال أنتوني فوسي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة إن "هذا غير معقول تمامًا"، " وهذا يعكس انقسام مجتمعنا على المستوى السياسي." ، ويشعر ريك برايت المدير السابق للوكالة الأمريكية للأبحاث المتقدمة وتطوير الطب الحيوي بتشاؤم بشأن تسييس الوباء، معتقدا أن الولايات المتحدة "تدخل بشكل أعمى أحلك شتاء في التاريخ الحديث". 

إن تمزيق المجتمع الأمريكي واستمرار خروج الوباء عن السيطرة يتواجدان ويتواصلان بكونهما السبب والنتيجة لحالة الفشل الامريكي وعلى حساب أرواح لا حصر لها ، هذا فعلًا أمر مؤسف للغاية ، وإن ما يحتاجه الشعب الأمريكي بشكل عاجل هو الإجراءات التي يمكنها السيطرة بفعالية على الوباء وبالرغم من ذلك لم تحظ المصالح الحيوية للشعب الأمريكي حتى الآن بالاهتمام الكافي ولو استمر الامر على ذلك فان الولايات المتحدة قد تدخل أخطر فترة تفشى للوباء.

 

تابع مواقعنا