السبت 27 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الاستجواب اليتيم

القاهرة 24
السبت 23/يناير/2021 - 08:10 م

 

عمليًّا لم يستخدم البرلمان المصري الاستجواب كأداة رقابية ترتب مسئولية سياسية على الحكومة منذ 25 يناير 2011، سوى مرة واحدة لم تكتمل، وهو الاستجواب الموجه من النائب محمد الحسيني لوزيرة الصحة في الدور الخامس من البرلمان المنتهي، وكان بشأن تهالك وتدهور مستشفى بولاق الدكرور.

الحالة التي ظهر عليه الاستجواب كأداة رقابية في البرلمان المصري منذ 2011، تبدو جديدة بالمقارنة ببرلمان 2005 الذي غلب أدائه الرقابي على التشريعي.  بعملية مسح شامل لاستخدام البرلمان للأدوات الرقابية التي كفلها له الدستور، تلاحظ أن مجلس الشعب 2012 لم يتمكن من مناقشة أي من الاستجوابات التي قدمها نوابه حتى تاريخ حله في يونيو 2012، كما أن مجلس النواب 2015 لم يتمكَّن من تفعيل تلك الأداة رغم مرور أربعة أدوار انعقاد. ويرجع عدم مناقشة مجلس النواب 2015 الاستجوابَ كآلية رقابية حتى نهاية دور انعقاده الرابع إلى عدم استيفاء الاستجوابات المقدمة لمتطلباتها، بالإضافة إلى غلبة الطابع التشريعي لهذا المجلس على الجانب الرقابي خلال أدوار انعقاده الأربعة.

وعليه، يمكن القول إنه رغم إفاقة برلمان 2015 في دور انعقاده الأخير من حالة "تسقيع" الاستجوابات، إلا أن هذا المجلس لم يتمكن من تفعيل استجوابه "اليتيم" الذي استغرقت مناقشته نحو خمسة ساعات متواصلة، ولم يستطع سحب الثقة من وزيرة الصحة هالة زايد وأعلن رئيس المجلس علي عبد العال وقتها سقوط الاستجواب والمرور إلى جدول أعمال المجلس، لعدم حضور عدد من مقدمي طلب سحب الثقة.

 فقد بلغ عدد الاستجوابات التي تقدم بها أعضاء مجلس 2012، تقريبا 120 استجوابًا لم يناقش هذا المجلس أيًّا منها حتى حله في يونيو من العام نفسه، رغم أن مكتب المجلس وافق على مناقشة 15 منها، إلا أن الصراع بين الحكومة والبرلمان آنذاك، وتأخُّر بيان الحكومة، وتأجيل عرض الخطة والموازنة على المجلس، حال دون إنجازه أيًّا من هذه الاستجوابات التي ارتبط أغلبها بوزارة الداخلية ورئيس مجلس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري ووزارة الدفاع وأحداث 25 يناير.

لقد جاء مجلس 2015 الأقل من حيث عدد الاستجوابات المقدمة من النواب ضد الحكومة أو التي وافق المجلس على مناقشتها؛ حيث بلغ عدد الاستجوابات المستوفاة خلال أدوار انعقاد الأربعة 11 استجوابًا، قدمت جميعها في دور الانعقاد الأول، ولم يناقش أيًّا منها؛ حيث سقط منها 7 استجوابات قبل أن يحدد موعد مناقشتها؛ حيث كانت موجهة جميعها إلى وزير التموين السيد خالد حنفي الذي باستقالته زالت صفة من وُجِّهت إليه، كما سُحب استجواب آخر بناءً على طلب مقدمه، وظلت ثلاثة استجوابات حبيسة الأدراج لم تناقش حتى انتهاء الدور الرابع.

 وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن تركيبة البرلمان بعد 2011 انعكست على الدور الرقابي للبرلمان بشكل كبير؛ حيث أدت سيطرة الأغلبية على أجهزة البرلمان (ائتلاف الأحزاب الإسلامية في مجلس 2012، وائتلاف دعم مصر في مجلس 2015) مع غياب المعارضة القوية المتماسكة كما حدث في مجلس 2005، إلى استخدام غير منضبط للأدوات الرقابية ضد الحكومة بالنسبة إلى نواب حزب جماعة الإخوان الإرهابية-الحرية والعدالة- في مجلس 2012، واسترخاء الأغلبية لصالح الحكومة في مجلس 2015. هذا بالإضافة إلى النقص الكبير في الخبرة البرلمانية لدى عدد من الوجوه الجديدة على الحياة البرلمانية، خاصةً نواب برلمان 2012 الذين كثفوا تقديم الاستجوابات (120 استجوابًا في ستة شهور) بسبب الصراع مع الحكومة وليس من أجل الدفاع عن قضايا جماهيرية.

إن ما يمكن ملاحظته حول مجمل الأرقام السابقة، هو أنها تعكس طبيعة تركيبة المجالس التشريعية الثلاثة، ومستوى الخبرة البرلمانية، والسياقات التي نشأت فيها تلك المجالس؛ فتمكُّن الأحزاب الإسلامية من الأغلبية في مجلس 2012، بالإضافة إلى حداثة العمل النيابي بالنسبة إلى أغلبية أعضائه، تسبَّبا في إساءة استخدام الأدوات الرقابية البرلمانية في تحقيق مصالح ارتبطت بالحزب والجماعة أكثر من الدولة؛ حيث ارتبط استخدام الآليات الرقابية في مجلس 2012 بأحداث 25 يناير، بالإضافة إلى الإفراط في استخدام الآلية الرقابية الواحدة من عدد كبير من النواب حول موضوع واحد، وهو ما تسبب في ارتفاع محصلة استخدام هذا المجلس للأدوات الرقابية؛ فقد قدم مئات طلبات الإحاطة حول أزمة البوتاجاز، ومئات البيانات العاجلة حول رغيف الخبز وتردي الخدمات الصحية.

إن الحالة العامة التي ظهر بها مجلس النواب 2021، خاصة في جلسة مناقشة وزير الدولة للإعلام، ووزير قطاع الأعمال، وأداء نواب تنسيقية الأحزاب والسياسيين، تبشر بأن هذا المجلس قد يشهد في دور انعقاده الأول تقديم العديد من الاستجوابات، وربما يناقش أكثر من استجواب في هذا الدور، وبالتالي قد يكسر نواب تنسيقية الأحزاب والسياسيين "لعنة" استجواب النائب محمد الحسيني في برلمان 2015.

 

 

 

 

 

تابع مواقعنا