الخميس 18 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

عضو جمعية الحمير

القاهرة 24
السبت 20/فبراير/2021 - 11:42 م

أن تكون عضوا فى جمعية الحمير، ليس أمرا سهلا لأنك تخضع لعدة اختبارات؛ أولها أن تكون معطاء وصبورا، وتنجح في كشف الهيئة حتى تتمكن من الحصول على العضوية بعد أن يعتمد أوراقك الحمار الكبير، رئيس مجلس الإدارة، وتتمكن من استخراج كروت شخصية مربوط فيها عنوانك ومقيد بها رقم تليفونك، وقد تفاجأ "برفس" عضويتك، أقصد رفض عضويتك لعدم انطباق الشروط عليك، وهذا ماحدث مع أحد  كبار الكتاب رغم صدور رواية له تحمل اسم الحمار لكن للأسف تحرياته اتضح فيها أنه - مسجل خطر-  أعنى مسجل بخل مما جعله يفقد شروط العضوية، التى من أهمها أن يكون سخيا يعطى ولا ينتظر المقابل مثل الحمار.

ليست هذه دعابة – حبيبى القارىء -  فمنذ ما يزيد على 90 عاما، وتحديدا فى 1930 أنشأ الرائد المسرحى زكى طليمات معهد الفنون المسرحية بغية تمصير هذا الفن لكن ضغوط الاحتلال البريطانى أغلقته فرد على ذلك بتأسيس جمعية الحمير بمشاركة مثقفين بارزين، مشيرا إلى أن الحمار يتميز بالصبر وقوة التحمل، وشاركه فيها شكري راغب مدير دار الأوبرا المصرية آنذاك، وانضم لها  طه حسين وعباس العقاد، ومن بعدهم  الممثلة نادية لطفي إلى أن صار عدد أعضائها 30 ألف عضو، ولهم عدة ألقاب، فعند انضمام العضو للجمعية يلقب بالحرحور أي الجحش الصغير ثم يحصل على رتبة أعلى حسب مجهوده، وقد يظل العضو 20 عاما دون أن يحصل على اللقب وهو (حامل البردعة)، أي (حمار كبير)،  ولم يحصل على هذا اللقب سوى ثلاثة أعضاء هم زكي طليمات وشكري راغب والمرسي خفاجي.

بفضل جهود الأعضاء  -الحمير- أعيد فتح المعهد وواصل طليمات جهوده في تطوير فن التمثيل، والذي شمل عدة دول عربية، حيث تولى إدارة المسرح القومي المصري في الأربعينات كما أشرف على فرقة البلدية في تونس في الخمسينيات، وأشرف على فرقة المسرح العربي بالكويت في مطلع الستينيات، وكادت الجمعية أن تغلق عام 1986 عند وفاة آخر أعضائها المؤسسين وهو السيناريست والمخرج والممثل السيد بدير (1915-1986)، ولكن جهود أحد أبنائها جعلها تستمر لتكمل أنشطتها فى محو الأمية وتشجير الأحياء وإنشاء الحدائق واستصلاح الأراضي، وظهرت لها فروع فى عدد من الدول العربية مثل لبنان والعراق وسوريا، وكذلك في دول أجنبية حيث كان يرأس هذه الجمعيات غالبًا مثقفون مصريون هاجروا لتلك البلدان، مثل الفنان التشكيلي المصري د. رشدي اسكندر الذي هاجر لأمريكا وأسَّس فرعًا لجمعية الحمير هناك، بل وظل يكتب مقالاً أسبوعيًا في إحدى الصحف الأمريكية الصادرة بالعربية بتوقيع "حمار"، ثم جمع تلك المقالات في كتاب أطلق عليه "يوميات حمار".

سامحنى للإطاله عزيزى – الحمار – استغفر الله العظيم قصدي عزيزي القارئ، فمن يكتب إليك يعشم أن يكون حمارا، ويخشى عدم اعتراف الحكومة به لتعنتها فى انضمامه لجمعية اسمها "غير لائق ولا يوافق التقاليد"، ويخشى أن يصاب بالإحباط  فيفقد أهم صفات العضوية الصبر والتحمل  والذكاء.

فقد أثبتت الأيام أن الحمار يتمتع بذكاء كبير، وأن هناك جزءاً فى مخه حساس لخطوط الطول المغناطيسية فى الكرة الأرضية، وبهذه (البوصلة) التى فى مخ الحمار يعود لبيته، وصاحبه نائم فى عربته التى يقودها هذا السائق الذكى دون أن يضل الطريق، تحية لجمعية الحمير المصرية التى توقفت قبل الثورة وكانت تعمل فى صمت، وإنكار تام للذات.

تابع مواقعنا