الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الرجل الذي أكل زوجته!

القاهرة 24
الأحد 27/يناير/2019 - 10:57 م

كانت عائلة سعودية في رحلة عندما تعطلت سيارتها وتقطعت بها السبل واضطرت للبحث عن حل للبقاء على قيد الحياة، فلجأت إلى طريقة عجيبة لن تتخيلها أبدا.

هذه القصة منشورة على موقع worldnewsdailyreport.com الذي يعتمد على فبركة قصص مثيرة وتقديمها في خلطة مثيرة تشمل السخرية والدين والعنف والجنس والسياسة فرأى صاحب الخلطة الصحفية أن تكون الأسرة السعودية مكونة من رجل وأربع زوجات وأن يأكل الرجل اثنتين من زوجاته كي لا يفترسه الجوع!

 

نشر الموقع مع القصة صورة شاب سعودي سمين كي يضيف مزيدا من الإثارة وبالفعل نالت هذه الخلطة إعجاب رواد الموقع من هواة الخيال غير العلمي الذين انخرطوا في نقاش شرس حول ما إذا كان يمكن استغلال القصة لإدانة العرب والمسلمين! يعرف زوار الموقع أنه متخصص في فبركة مثل هذه القصة التي تصيب بالغثيان، أما القراء الجدد فسيعرفون هويته من طبيعة القصص التي ينشرها، والصحفي المتخصص يستطيع أن يبحث عن أصل الصورة المرفقة فيعرف أن صاحبها كان بطل عملية جراحية عام ٢٠١٣ ليفقد مئة كيلوجرام من وزنه.

 

الرجل الذي أكل زوجته لا يوجد إلا على صفحات ذلك الموقع، ولكن الأخبار المفبركة تجارة رائجة في هذه الأيام، وعادة ينتشر الخبر المفبرك بشكل أكبر إذا كان يحمل بين تفاصيله بعض المعلومات الحقيقية أو التي سبق نشرها، فموضوع أكل الرجل زوجته كان قد انتشر من قبل منسوبا لمفتي السعودية، ورغم أن الموضوع يبدو نكتة سخيفة لا تستحق التكرار أو البحث فإنها تحولت لمادة دسمة في المعركة الإعلامية بين السعودية ومنافسيها الإقليميين فنشرها موقع قناة العالم الإيرانية ورددتها وسائل إعلام أخرى لدرجة اضطرت وسائل إعلام سعودية أن تنفي أن يكون المفتي أجاز مثل هذه التخاريف.

 

واستخدم موقع worldnewsdailyreport.com اسم وصورة أمير سعودي كي يضفي المصداقية على قصة مفبركة تزعم أن الأمير خسر ٣٥٠ مليون دولار في نادي قمار بشرم الشيخ واضطر لتقديم خمسة من زوجاته التسعة رهنا حتى يسدد ٢٥ مليون دولار. قصة أخرى لا تستحق بذل مجهود في التدقيق لأنها مليئة بالتفاصيل المضحكة مثل عدد الزوجات ولكنها تنتشر بين الحين والآخر منذ عام ٢٠١٧ واختار مؤلف القصة أن يستخدم اسم وصورة الأمير ماجد بن عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لأن محكمة أمريكية كانت حققت في اتهامات وجهت إليه واختلط فيها التهديد بالعنف والجنس واستخدام النفوذ قبل أن تفرج عنه بكفالة.

 

يعتبر موقع www.theonion.com أشهر موقع في العالم يفبرك أخبارا سياسية ساخرة وقد أعد مقطع فيديو يتهكم على إشارة عضو في الكونجرس إلى فقرة سرية في تقرير، ورغم أن علامة الموقع ظاهرة على الفيديو إلا أن كثيرين لم ينتبهوا إلى أن هذا الفيديو ساخر وتمادوا في نشره باعتباره يثبت أن الكونجرس لا يستطيع مناقشة ميزانية الجيش الامريكي أو قضايا الأمن القومي.

 

وهناك مواقع عربية لا ينقصها الخيال أو خفة الدم مثل موقع الحدود الذي يزعم أن حكومة السودان توفر حاجة المواطنين من قنابل الغاز، وموقع الأهرام المكسيكي الذي نجح في توريط صحفيين كثر في نشر أخبار مفبركة، مثل قصة دفاع الرئيس المكسيكي عن واقعة قصف طائرة حربية مصرية مجموعة سائحين مكسيكيين فنقلته قناة المحور في برنامجها الرئيسي قبل أن تعتذر المذيعة في حلقة لاحقة ! وعادة يتعمد ناشر الأخبار الساخرة أن تشمل تفاصيل غير حقيقية كي تلفت نظر القارئ وخاصة الصحفيين، فقصة الأهرام المكسيكي على سبيل المثال تقدم مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية على أنها عاصمة المكسيك.

 

ولكن كثيرين من الصحفيين لا يلمحون هذه التفاصيل في خضم تدفق الأخبار وتوالي الضغوط من المسؤولين وملاك المواقع الالكترونية لزيادة عدد الأخبار المنشورة، وحتى بي بي سي تورطت ذات مرة في نقل خبر عن موقع أبو الهول الساخر الذي قال سنة ٢٠١٤ إن وزارة الداخلية تراقب الهاشتاج المسيء للمشير عبد الفتاح السيسي المرشح الرئاسي في ذلك الوقت، قبل أن يعدل موقع بي بي سي القصة ويضيف توضيحا في نهايته يشير إلى أن تلك المعلومة لم تتأكد.

 

كثير من الدراسات تشير إلى المواقع الساخرة باعتبارها مسؤولة عن انتشار ظاهرة الأخبار الزائفة، ولكني أختلف مع مثل هذه الدراسات، فالأخبار الساخرة عادة مليئة بالتناقضات أو التفاصيل الخيالية ومنشورة في موقع مخصص للسخرية وبالتالي فالمسؤولية تقع على عاتق الجمهور والصحفي في تدقيق الخبر قبل تصديقه ونشره.

 

*صحفي وباحث في الإعلام الرقمي

للتواصل مع الكاتب عبر facebook

وعبر Twitter 

 وعبر email 

تابع مواقعنا