الأحد 21 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

رمسيس راح فين؟.. رحلة رمسيس من وادي الملوك إلى المتحف الكبير

القاهرة 24
ثقافة
الثلاثاء 22/ديسمبر/2020 - 12:59 م

جلس أحمد ومحمد عبد الرسول رعاة أغنام يتحدثان معًا، وبجوارهما الماعز التي يرعانها وابتعد أحد الماعز عن العشب من مكان المرعى، وتبعها أحدهما، ومشي باتجاه الصخرة، لتكون قصته نواةً لاكتشاف مومياء رمسيس الثاني بالصدفة في الدير البحري عام 1871.

القصة بدأت، بعدما وصل أحمد إلى الماعز المختبئ ووجد مدخل بئر كبيرة، فعاد إلى أخيه حيث مكان المرعى وأخبره بما رآه، واقترب الشقيقان من البئر ومعهما مصباحان وحبل، وانتظرا حتى حل الليل، ورمى محمد أحد طرفي الحبل لأحمد، وربط أحمد أحد طرفي الحبل بصخرة، ثم ربط الحبل في خصره وبدأ النزول في البئر تحت ضوء مصباح أخيه.

وصاح أحمد قائلًا إن البئر عميقة، حوالي 10 أمتار، فأجابه محمد: الماعز ما زال على قيد الحياة؟، فطلب منه محمد الإسراع في استطالة الحبل للنزول، وهو يشعر بالخوف من البئر المجهولة، وعندما اصطدم بقاع البئر، وجد الماعز، لكنه وجد أيضًا مدخل طريق منحوت في الصخر، وكانت المفاجأة أن سقوط الماعز في البئر غيرت حياتهما بشكل غير متوقع من راعاة إلى أثرياء، فوجدا تابوتًا مرتبطًا بتابوت آخر، وبجانب التوابيت المصطفة على الأرض، أوشابتي وأواني حفظ الأحشاء وزهريات من البرونز وبعض المشغولات الذهبية الفريدة من نوعها.

وشاء القدر أن يتم اكتشاف المصير النهائي للخبيئة وتسليمها إلى مدير الآثار المصرية "جاستون ماسبيرو" وذلك بعد حوالي 10 سنوات، وأعلن ماسبيرو رسميًا اكتشاف غير عادٍ في خطاب للعالم يضم أربعًا وأربعين مومياء، يعود تاريخها إلى الدولة المصرية الحديثة، مثل المومياوات أحمس طارد الهكسوس، وتحتمس الثالث "نابليون مصر"، ورمسيس الثاني المحارب العظيم، وأبيه سيتي الأول.

فرعون له بصمة بعد وفاته

رمسيس الثاني، فرعون ترك بصمة في التاريخ المصري القديم والحديث، بداية من نجاحاته كإله لمصر القديمة وصولًا إلى كونه مستقبل الزوار في المتحف المصري الكبير، الذي يعد أكبر متحف للآثار الفرعونية، فعلى  مر التاريخ وصل فراعنة كثر إلى عرش الدولة إلا أن القليل منهم ترك بصمته لتروى بعد أكثر من ألفي عام على انتهاء الفراعنة.

كما حقق بعضهم نجاحات باهرة مثلت تاريخ مصر في ميادين الحضارات القديمة والحديثة، وفيما يلي نروي قصة تمثال رمسيس الثاني فرعون مصر، وأحد آلهة عصره، الذي فارق الحياة عام 1213 قبل الميلاد بعمر يناهز 90 عامًا، ليتم دفنه في أول مقبرة بوادي الملوك، مساحتها تقارب 686 مترًا مربعًا، داخل حجرة ترتفع فوق 8 أعمدة، يمكن الوصول إليها عبر ممر طويل.

رمسيس الثاني فرعون مصر الإله

مثلت حياته نموذجًا للعمل الدؤوب في كافة المجالات السياسية أو الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، ومن أشهر أعماله معبد أبو سمبل، الذي بني ليرعى الشعوب التي عاشت على الحدود الجنوبية، ومعبد "الرامسيوم" كمعبد خاص للدفن على الرغم من بنائه للعامة إلا أنه خصص لاحتواء مراسم دفن الملك بعد موته، ومكان تعبد فية كل الديانات التابعة له على مر العصور.

رمسيس معجزة فلكية "أبو سمبل بين الصخر"

على بعد 290 كم جنوب المدينة الساحرة أسوان، وفي جبل الطاهر يقع معبد تم بناؤه منذ آلاف السنين، منحوت من الحجر الرملي، وبمدخله 4 تماثيل من أضخم تماثيل العصر الفرعوني، يقبع في بهو المعبد رجل ذو مهابة عظيمة عينيه للإمام مرتدي التاج واللحية المزيفة، ويضع يديه على ركبتيه، ألا وهو رمسيس العظيم بارتفاع 20 مترًا، وفوق المدخل 22 قردًا تهلل كل صباح جديد عند خروج الشمس.

وبالقرب من المدخل نجد تجمع مقدس داخل "قدس الأقداس"، الذي يوحي بنوع من التوازن السياسي والديني، كما يعرف حاليًا بالتوازن بين السلطات السياسية والدينية، أو بين الدولة والديانة، تضم أربعة تماثيل جالسة للمعبود "رع حور أختي" إله الشمس معبود مدينة هليوبوليس، وللفرعون رمسيس الثاني مؤلهًا، ولأمون رب طيبة والمعبود الرئيسي للمملكة، في ضلك الوقت، وللإله بتاح رب العالم السفلي معبود مدينه منف، ويتوسط قدس الأقداس المقصورة التي كان يقف عليها المركب المقدسة وتقع خلفها.

باحث أثري يكشف مظاهر الاحتفال بعيد رأس السنة عند المصريين القدماء

معبد أبو سمبل دليل على المعجزات 

ويقول الدكتور أحمد أبو المجد، أستاذ علم المصريات، إن المعبد يدل على معجزات رمسيس في البناء وتعامد الشمس على قدس أقداس أبو سمبل. وأضاف، في تصريح لـ"القاهرة 24"، أنها تمثل ظاهرة فريدة تحدث مرتين فى السنة يومي 22 فبراير، و22 أكتوبر، إذ تصل أشعة الشمس حرم المعبد، وتصل إلى قدس الأقداس ليشرق "رع" بنوره على وجه ابنه "رمسيس الثانى" داخل قدس الأقداس.    ومسبقًا كان التعامد يومي 21 فبراير و21 أكتوبر، إلا أن تعرض المعبد لخطر الغرق عام 1964 مع بناء السد العالي، وتم نقلة بالكامل عام 1968، ما أدى إلى تغيير أيام التعامد، فيما لم يؤثر النقل على الظاهرة، وأيام التعامد هى أيام ميلاد وجلوس رمسيس على العرش.

رمسيس الثاني في الميدان

والمرة الثانية نرى تمثال رمسيس الثاني في ميدان باب الحديد وعلى مقربة من محطة قطار مصر، منحوت من الجرانيت الوردي بطول 12 مترًا ويزن 82 طنًا، شامخًا وسط الميدان، منذ بداية عام 1955، بعد أن تم نقله من معبد ميت رهينة، وسمي من وقتها بميدان رمسيس. 

ويقول الباحث الأثري تامر المنشاوي إنه تم نقل تمثال رمسيس الثاني في أغسطس عام 2006 إلى المتحف المصري الكبير، لعدم تأثره بالتلوث البيئي في المنطقة، الناجم عن حركة القطارات والسيارات التي تزدحم في الميدان.

وأضاف، في تصريح لـ"القاهرة 24"، أن عملية النقل الثانية كانت في الخامس والعشرين من يناير 2018، بعدما تم نقل التمثال إلى موقعه الجديد بالمتحف المصري الجديد، في عملية نقل أبهرت العالم، بعد عمل دراسات حول الطريقة المثلى لنقل التمثال.

تمهيدًا لافتتاحه.. "الآثار" تنتهي من ترميم وتطوير معبد إيزيس بمحافظة أسوان

 

مومياء رمسيس الثاني تغادر وادي الملوك

نُقلت مومياء رمسيس الثاني إلى متحف بولاق بالقاهرة عام 1881، ثم نُقلت إلى قاعة المومياء بالمتحف المصري بالتحرير، وفي عام 1886، بعد إزالة لفافة مومياء رمسيس الثاني، قام ماسبيرو، مدير مصلحة الأثار، برفقة الخديوي توفيق وكبار الدولة بعمل قناع من الجص لوجه رمسيس الثاني على الرغم من خطورة القناع على المومياوات إلا أنه من المهم دراسة التغيرات في المومياوات؛ لأنه يسمح للفنان بإعادة تخيل شكل رمسيس عند وفاته بشكل أفضل، وكان شعر الملك كالحرير وتحول إلى اللون الأصفر؛ بسبب المواد الكيميائية الحافظة حين مات، والأنف مليء بالراتنج والبذور، ربما يمكنه الحفاظ على شكله بشكل أفضل.

رمسيس الثاني تحت جاز الأشعة السينية

يقول مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، بحسب الأشعة السينية، إنه بحسب الفحص بالأشعة السينية، فقد عانى الملك من مشاكل في الأسنان والتهاب حاد في مفاصل الورك، والعديد من الخراجات في اللثة وتصلب الشرايين، التي قد تكون نتيجة وفاته في العام التسعين عند وفاته، ولاحظ علماء الآثار أنه في عام 1976، ظهرت الفطريات على مومياء الفرعون التي كانت بحاجة إلى نمو الفطريات، ما استدعى إرسالها إلى فرنسا لمعالجتها من التلف الذي قد يصل إلى كامل المومياء، وبسبب القوانين الفرنسية التي تحتم على كل من يدخل أراضيها حيًا كان أم ميتًا أن يدخل عن طريق جواز سفر وتأشيرة.

مومياء ملك بجواز سفر أثناء زيارة رسمية

 

وصدر جواز سفر لمومياء رمسيس الثاني، وهذه أول مومياء "ربما الأخيرة" تحصل على هذه الوثيقة من حكومة حديثة، وصدور هذه الوثيقة يتضمن صورة وجه رمسيس الثاني مع عيد ميلاده عام 1303 قبل الميلاد برقم 17758024، ومثل الوثائق الحديثة صدرت في 9 مارس 1974 لمدة 7 سنوات وتضمنت أن تاريخ انتهائها سيكون 9 مارس.

وطلبت اليونسكو وعالمت المصريات كريستيان دروش نوبلكور من المعهد الجغرافي الوطني خاصة من قسم المقاييس والتصوير الفوتوغرافي عمل قناع أو نسخة تشبة القناع الأصلي للملك بمقياس رسم 1 على 1 بحجم ثلاثي الأبعاد وتم هذا العمل في معمل المعهد، وتم أخذ ثلاث صور لرأس رمسيس وكان رمسيس هو أول ملك فى التاريخ يخضع لهذه التكنولوجيا الحديثة. 

بعد فحصها في متحف باريس للأنثروبولوجيا وإجراء البحوث هناك، وجد الباحثون أن تدهورها كان بسبب عدوى فطرية، وتم إعطاؤها العلاج المناسب لتجنب التسوس الكامل بعد العلاج، تم اختبار المومياء مرة أخرى ووجد أن الفرعون كان يبلغ طوله حوالي 1.7 متر (5 أقدام و7 بوصات)، وبشرة ناعمة وشعر أحمر، بالإضافة إلى أن الفرعون كان يعاني من بعض الأمراض، وأثبت الفحص أنه يعاني من التهاب المفاصل وخراج الأسنان، كما ظهر أن مفاصل العمود الفقري لديه ملتهبة؛ ما جعله ينحني ويمشي بمظهر منحنٍ في السنوات الأخيرة.

رمسيس يعود إلى مصر بعد سفره إلى فرنسا 

وبعد الانتهاء من تحاليل المومياء، تم نقلها جوًا إلى مصر وعادت إلى المتحف المصري بالقاهرة  9 مارس.

رمسيس الثاني يغادر المتحف المصري بالتحرير ليستقر في متحف الحضارة بالفسطاط

في  قلب مدينة القاهرة التاريخية، حيث ميدان التحرير، في قلبه إشارة المعبد في مصر القديمة "المسلة" وحولها 4 كباش ترمز لعراقة المصري القديم، وتتزين المسلة بالأنوار المختلفة ليسير من أمامها 22 ملكًا لأول مرة في تاريخ العالم القديم والحديث.

رغم كل التنقلات إلا أن مومياء رمسيس الثاني في حالة جيدة من الحفظ، وسيتم نقلها خلال أيام مع 22 مومياء ملكية من متحف التحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط وسط موكب ملكي مهيب يحضره سفراء العالم والرئيس عبد الفتاح السيسي.

"الأعلى للآثار": 500 قطة محنطة من كشف سقارة تعرض في متحف شرم الشيخ

تابع مواقعنا