السبت 04 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

على هامش الحراك الفلسطيني الأخير!

السبت 22/مايو/2021 - 05:57 م

كشفت التطورات الأخيرة التي صاحبت الانتفاضة المقدسية رداً على الاعتداءات والممارسات  الإسرائيلية في مدينة القدس، وما تلاها من تصعيد إسرائيلي، وحرب على قطاع غزة، عن جملة من الحقائق والدلالات المرتبطة بالداخل الفلسطيني، والسياق الإقليمي الذي جاءت في ظله هذه الأحداث، وذلك على النحو التالي:
- ارتبط التصعيد الأخير في فلسطين، بالممارسات الإسرائيلية التي استهدفت التضييق على الفلسطينيين فيما يتعلق بالدخول للمسجد الأقصى، وهو ما ترتب عليه من جانب الانتفاضة التي حدثت من الفلسطينيين في مدينة القدس من أجل كسر هذه القيود التي حاول الإسرائيليون فرضها، ومن جانب آخر التصعيد العسكري من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، وهي المرة الأولى تقريباً التي تقرر فيها هذه الفصائل المبادرة بالحرب نتيجة أسباب غير مرتبطة بتصعيد ميداني بحق قطاع غزة، بل ارتبط هذا التصعيد بالممارسات الإسرائيلية في القدس، وهو السياق الذي أعاد التأكيد على كون "القدس" أحد أهم مفردات القضية الفلسطينية، ومحور ومركز الصراع الرئيسي مع إسرائيل، فضلاً عن كونها محل إجماع وطني فلسطيني.
- أكدت انتفاضة القدس وما حققته من مكتسبات (إزالة السواتر والحواجز الحديدية الإسرائيلية في منطقة باب العامود، فضلاً عن إلغاء بعض مظاهرات اليمين المتطرف الإسرائيلي التي تستفز مشاعر الفلسطينيين، والتراجع عن قرار نقل مكتب أحد قادة اليمين المتطرف إلى منطقة الشيخ جراح)، بالإضافة لما حدث من مقاومة مسلحة – التي يكفلها القانون الدولي في مواجهة الاحتلال – على أن المشروع الإسرائيلي قد فشل حتى اليوم في فرض هيمنته وسطوته على الشعب الفلسطيني، وهو الشعب الذي لم يتوقف حتى اليوم عن النضال من أجل حقوقه المشروعة، بالرغم من الأثمان الباهظة التي يدفعها في سبيل ذلك.
- عكست الانتفاضة الأخيرة في القدس، وما تبعها من أحداث وتصعيد عسكري، وصولاً إلى إعلان الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني الموافقة على المقترح المصري بوقف إطلاق النار، محورية ومركزية الدور المصري فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، خصوصاً مع القدرة المصرية على الانفتاح المتوازن على كل الأطراف وفي نفس الوقت، وهو الأمر الذي أكدته عملياً التحركات المصرية الفعالة مع تطورات الأحداث في فلسطين منذ انتفاضة القدس وحتى اليوم، وهو التعاطي الذي استند إلى عدد من الثوابت، أهمها:
1- تأكيد رفض الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية في مدينة القدس، وقطاع غزة، ومحاولات إسرائيل فرض واقع استيطاني في الأراضي المحتلة بما يهدد فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما تحاول إسرائيل القيام به عبر ضم الأراضي العربية المحتلة في الضفة الغربية.
2- انطلقت مصر في تعاطيها مع أحداث فلسطين الأخيرة، من مقاربة تتجاوز مفهوم "الفصائلية" – المتجذر للأسف في الداخل الفلسطيني – وتبنت إطار جامع لكافة عناصر المجتمع الفلسطيني ومطالبه العادلة، وهي المقاربة التي تتسق وجهود القاهرة في السنوات الأخيرة والتي تستهدف تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
3- أكدت التحركات المصرية بشكل مباشر وضمني على كون حل القضية الفلسطينية – على أساس الحقوق الفلسطينية الأصيلة وقرارات الشرعية الدولية – هو أهم أسس الاستقرار والسلام الإقليمي.
- حديث بعض الاتجاهات عن "عبثية" "خطأ" دخول فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة على خط المواجهة بعد انتفاضة القدس، من منظور عدم وجود أي تكافؤ في القدرات بين هذه الفصائل والجانب الإسرائيلي، بما ينعكس على حجم الخسائر، هو حديث يفتقد إلى وضع الأمور في سياقها، ومعرفة ماهية ومقاصد التحركات المقاومة لأي احتلال، فمن حيث السياق فنحن نتحدث عن فصائل مقاومة وطنية فلسطينية، في مواجهة جيش نظامي يُصنف على أنه واحد من أقوى جيوش المنطقة والعالم، وهو أمر يجب وضعه في الحسبان عن عقد مقارنة بين تحركات الجانبين فنحن لا نتحدث هنا عن جيشين نظاميين، أما من حيث الماهية والمقاصد، فتشير الأدبيات السياسية إلى أن حركات المقاومة الوطنية بشقيها المدني والعسكري، لا تستهدف في مثل هذه المواجهات المرحلية، إحداث الهزيمة بالخصم، بقدر ما تستهدف رفع التكلفة السياسية والاقتصادية لهذه المواجهة بالقدر الذي يجبره على تغيير سلوكه.


وهنا يجب الإشارة إلى بعض المؤشرات المهمة:
في دراسة لـ"يفتاح شابير" وهو كبير باحثين في برنامج "موازين القوى العسكرية في الشرق الأوسط" في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والتي تناول فيها بالتحليل النقدي منظومة القبة الحديدية، أشار إلى أن أحد الإشكالات الرئيسية لهذه المنظومة هي أنها قادرة على التصدي لعدد محدد من الأهداف (غير معلن) في الوقت نفسه، وبالتالي فالصواريخ الإضافية التي تُطلق عبر وابل كثيف بما يتجاوز هذا الحد، تنجح إلى حد كبير في اختراق هذه المنظومة، وذهب الباحث في ضوء هذه الإشكالية وبعض الإشكالات الأخرى الفنية، إلى أن منظومة القبة الحديدية – على الرغم من نجاحها القوي – إلا أنها لا تؤمن الحماية الكاملة، وقد أكدت المعركة الأخيرة ومن قبلها معارك مثل: عمود السحاب، هذا المعني الذي ذهب إليه الباحث، إذ اخترقت العديد من القذائف الصاروخية الفلسطينية المنظومة وألحقت أضرارًا مادية وبشرية، وهو الأمر الذي يترتب عليه خسائر اقتصادية كبيرة، فوفقاً للكنيست الإسرائيلي، تسببت القذائف الصاروخية الفلسطينية التي وصلت إلى الداخل المحتل في أضرار لخط أنابيب النفط (عسقلان – إيلات)، كما تسببت في إغلاق نحو ربع المصانع في محيط قطاع غزة بشكل كامل، وتراجع الشيكل الإسرائيلي بنسبة 1.4% أمام الدولار الأمريكي، وكذلك تراجعت مؤشرات البورصة الإسرائيلية بنسبة 1.56%، فضلاً عن شل الحركة التجارية والاقتصادية في تل أبيب، بالإضافة لذلك تعتبر تكلفة الحرب كبيرة جدًا بالنسبة للجانب الإسرائيلي، وقد أكدت تقديرات استندت إلى تقارير للكنيست الإسرائيلي، أن كلفة الحرب الأخيرة بالنسبة لإسرائيل قاربت على الـ950 مليون دولار.

تابع مواقعنا