من "الكلكعة إلى الشخلعة"..أحمد يحارب الاكتئاب بـ"فرصة تانية"
يجلس في أحد أركان غرفته، يخبئ رأسه بين قدميه، يجر أذيال الخيبة، يطارده شبح فقدان الشغف والرغبة في كل شيء، يستيقظ من النوم ليرتدي نظارته السوداء في ظل الظلام الدامس ليلقى نظرة على العالم الممل، هكذا كان حال الشاب العشريني أحمد يوسف، الذي عانى من الاكتئاب لسنوات طويلة وفكر في الانتحار مرارًا وتكرارًا.
ولكن بعدما بعث الله في قلبه الأمل من جديد، أدرك مؤخرًا أن "من رحم المحن تولد المنح"، وقرر الخروج من هذه الدائرة اللعينة وعدم الاستسلام للأمر الواقع ليتعافى ويساعد المصابين بالاكتئاب على تجاوز تلك الأزمة، من خلال تأسيس مبادرة “فرصة تانية” وإصدار كتاب يحكي فيه مغامرته مع "بعبع" الاكتئاب.
وفي حديثه لـ "القاهرة 24"، يقول الكاتب أحمد يوسف، “كنت بشوف العالم من نظارة سوداء ومكنش عندي دافع للاستمرارية، وظللتُ على تلك الحال لسنوات طويلة دون معرفة ما السبب وراء ذلك، وبالصدفة البحتة اكتشفتُ أنني مصاب بالاكتئاب ولدى معظم أعراضه مثل الحزن المستمر والشعور بالضيق دون سبب والنظرة التشاؤمية وفقدان الأمل واليأس والإحباط والتفكير في الانتحار؛ بعدها ذهبت إلى طبيب نفسي للخروج من هذه الدائرة المغلقة وبدء مشوار العلاج”.
ولكن سرعان ما انتكست حالته بعد توقف الدواء وعاد إلى العزلة والانطوائية من جديد، وبعد معاناة قرر الشاب العشريني الإفصاح عن مرضه من خلال كتابة منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يحكي فيه ما يتعرض إليه من ضغوط وبعدها بدقائق لقى البوست تفاعلا كبيرا بين رواد السوشيال ميديا؛ واستكمل مشواره العلاجي مرة أخرى، حتى تعافى تمامًا وشعر أنه وُلد من جديد واعتبرها فرصة ثانية من الله لذلك قرر إطلاق مبادرة تحمل نفس الاسم.
يشير أحمد إلى انطلاق “فرصة ثانية” في عام 2019 كمبادرة اجتماعية لزيادة وعي المجتمع بالصحة النفسية، وهدفها الرئيسي هو دمج المرضى النفسيين في المجتمع مرة أخرى وتذويب الجليد بين المرضى والأطباء لتحسين حالتهم النفسية، كما أنها متخصصة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للصحة النفسية لمساعدة الطبيب والأخصائي النفسي على تشخيص الحالات بسهولة.
وتابع “منذ انطلاق المبادرة استطعنا مساعدة ما يقرب من 5000 شخص على زيارة الطبيب النفسي أو زيارته بعد الانقطاع، وحصلنا على العديد من المنح من الجهات الرسمية، وعلى رأسها وزارة الشباب والرياضة لنتمكن من الاستمرار من خلال الدعم اللوجستي”.
وأضاف أن فريق أطباء “فرصة تانية” يحاولون التطوير من ذاتهم من خلال الخضوع للدورات التدريبية؛ وفي الوقت الحالي غير هادفين للربح “كل ما يشغلنا هو كيفية تقديم الدعم النفسي للشباب للقضاء على الاكتئاب ونشر السعادة والبهجة في المجتمع”.
ولم يكتف أحمد يوسف بذلك فقط بل استطاع أن يجسد معاناته مع الاكتئاب من خلال إصدار كتاب يحمل اسم “رحلتي من الكلكعة إلى الشخلعة”، يرصد فيه رحلته في المراحل الدراسية المختلفة وتعرضه للتنمر وإصابته بالاكتئاب حتى تعافيه تمامًا، وإعطاء نصائح علمية للدعم النفسي من قبل الاخصائيين والأطباء النفسيين فضلًا عن كيفية تجاوز الأزمات التي تواجهنا.
